المدينة الذكية.. تقنيات ومخاوف

عالم التكنولوجيا   ترجمة

 

أصبح مفهوم المدينة الذكية عاملًا رئيسيًا في التنمية الحضرية المستدامة؛ وهو يضم استراتيجيات التخطيط الحضري مع الكثير من الفوائد بعيدة المدى، بما في ذلك: التوزيع الفعال للموارد، وسرعة تنفيذ السياسات، والتواصل السلس، ومجموعة من الفوائد البيئية.

واليوم تزدهر المدن الذكية حول العالم؛ حيث كانت سنغافورة وكوبنهاجن وأمستردام وأوسلو من رواد هذا الاتجاه الجديد بلا منازع. فيما يلي أربع تقنيات رئيسية للمدن الذكية تكتسب قوة جذب كبيرة وتم تبنيها عالميًا في التطور الحديث للمدن الذكية.

4 تقنيات للمدينة الذكية

1. أجهزة إنترنت الأشياء الذكية

مكّن التطبيق الجديد لإنترنت الأشياء (IoT) ممارسات المدن الذكية على نطاق عالمي؛ حيث تزود هذه التكنولوجيا الحديثة المدينة بالقدرة على مراقبة المرافق والأجهزة الحضرية والتحكم فيها وإدارتها عن بُعد، وإنترنت الأشياء له أهميته الأساسية في التنمية الشاملة للمدن الذكية، لا سيما في تعزيز الترابط الحضري.

وتحتوي أجهزة إنترنت الأشياء هذه على مستشعرات ذكية ومحركات وأجهزة مراقبة وبرامج ذكاء اصطناعي يمكن للمدينة من خلالها تحسين إمكانية الوصول والتنقل الحضري بشكل كبير، وتعزيز الشمول الاجتماعي، وزيادة كفاءة الطاقة، وفي النهاية  الوصول إلى الاستدامة.

ومن الأمثلة النموذجية لإنترنت الأشياء في المدن الذكية: أجهزة الاستشعار الذكية الموجودة في إنارة الشوارع بمدينة أوسلو؛  ومشروع أوسلو لإضاءة الشوارع الذكية هو برنامج على مستوى المدينة يهدف إلى تحسين كفاءة نظام إنارة الشوارع.

وقد دمجت أوسلو إضاءة شوارع المدينة في شبكة واحدة يمكن الوصول إليها عن بُعد تتيح إدارة مستوى الإضاءة ومراقبته باستخدام التطبيقات المستندة إلى الإنترنت.

يمكن لنظام E-Street ضبط شدة الإضاءة وفقًا للوقت والاحتياجات في مواقف محددة؛ ما يؤدي إلى مزيد من التحسين لاستخدام الطاقة في المدينة. وساهمت مصابيح الشوارع الذكية البالغ عددها 20 ألفًا بأوسلو في توفير إجمالي للطاقة بنسبة 70% تقريبًا.

ويتم تشجيع المواطنين بشكل أكبر على المشاركة في البيئة الحضرية من خلال الاستخدام الواسع للهواتف الذكية والأجهزة المحمولة. ومع تقدم تقنيات إنترنت الأشياء وتوسعها تدريجيًا لا بد أن يكون المواطنون والحكومات متصلين بطرق لم يشهدها أحد من قبل.

ومع ذلك فهناك تحديات؛ إذ قد يشكل جمع البيانات العامة في المدن الذكية تهديدًا لخصوصية المواطنين؛ ما يؤدي إلى زيادة مخاطر الهجمات الإلكترونية، ولن يكون أمام مخططي المدن وصانعي السياسات في المستقبل خيار سوى ضمان أن هذه الجوانب المظلمة لتقنيات إنترنت الأشياء لا تؤثر في الأداء الأخلاقي والطبيعي للمدينة.

 

2. الطاقة الذكية

الاستدامة الحضرية عنصر حيوي للمدن الذكية؛ لتحقيق ذلك من الضروري الاستثمار في إدارة طاقة فعالة وصديقة للبيئة.

وفي ظل النمو السريع للتجمعات الحضرية في العقود الأخيرة ارتفع الطلب على إمدادات الطاقة بشكل كبير، وفي بعض الأحيان يكون مرتفعًا لدرجة أنه يتجاوز مواردهم المحلية.

والحل طويل الأجل لتلبية الطلب المتزايد على الطاقة هو ما يسمى “سلسلة الطاقة الذكية”، والتي تعتمد بالكامل على مصادر الطاقة المتجددة مثل: الطاقة الشمسية وطاقة الرياح. ويسمح هذا النظام بنقل الطاقة النظيفة والمستدامة اللامركزية إلى كل ركن من أركان المنطقة الحضرية؛ من خلال نظام رقمي ذكي.

ويعد مشروع EnergyLab Nordhavn في مدينة كوبنهاجن من أبرز الأمثلة على الطاقة الذكية، فمن أجل الوصول إلى الحياد الكربوني بحلول عام 2050 بدأت المدينة في بناء شبكة طاقة ذكية ضخمة.

وتهدف تلك المبادرة إلى معالجة مشكلة تعزيز المرونة في شبكة الطاقة التي تعتمد بشكل متزايد على مصادر الطاقة المتقطعة؛ عن طريق اختبار البطاريات الكبيرة والمركبات الكهربائية لتقليل ذروة الحمل على الشبكة ونشر التدفئة الذكية في 85 وحدة سكنية؛ لتقليل العبء على دائرة التدفئة مع تعزيز الراحة الداخلية في نفس الوقت. وحتى الآن يستفيد من هذه المبادرة أكثر من 7000 منزل في المنطقة الحضرية.

لكن لا يزال هناك عدد قليل من التحديات التشغيلية؛  فمن الصعب ضمان دقة العدادات الذكية لقياس الطاقة في جميع الأوقات ، وفي معظم الحالات يمكن أن تؤدي عمليات الكشف الخاطئة هذه إلى إهدار الطاقة بشكل مزمن وتتعارض مع هدف الاستدامة.

 

المدينة الذكية.. تقنيات ومخاوف
المدينة الذكية.. تقنيات ومخاوف

 

3. التنقل الذكي والنقل

 

التنقل هو القلب النابض للمدينة، وتم منح الأولوية للتنقل الحضري الذكي وشبكات النقل في العديد من مبادرات المدن الذكية. ويعتمد هذا النهج على إعادة التفكير في البنية التحتية للنقل المستخدمة في الحياة اليومية، بما في ذلك السيارات التقليدية والمركبات الكهربائية والنقل العام، وأيضًا أشكال النقل الجديدة والمبتكرة تمامًا مثل خدمات مشاركة الركوب عند الطلب (Uber ) وبرامج مشاركة السيارات.

مثلًا سنغافورة رائدة في تجربة التنقل الذكي؛ ولديها خطة Smart Mobility 2030 مدتها 15 عامًا توضح كيفية تطوير الدولة لأنظمة النقل الذكية (ITS).

إنها شبكة نقل معقدة تتكونمن نظام المراقبة للطريق السريع، ونظام تحديد الرابط الأخضر، والعيون الإلكترونية للتقاطع، ومسح المرور، ونظام توجيه مواقف السيارات.

 

لكن معظم المدن النامية تفتقر إلى الأموال اللازمة لدعم مشاريع البنية التحتية، ويصعب تخطيط مشاريع البنية التحتية للنقل الحضري وتنفيذها، لا سيما في المناطق المكتظة بالسكان؛ حيث يمكن أن تكون مخاوف الاستحواذ على الأراضي وإعادة التوطين معقدة للغاية.

 

4. المباني الذكية

ازدهار المباني الذكية ضروري لرفاهية المدينة الذكية على المدى الطويل، فالمبنى الذكي يستخدم إجراءات تلقائية رقمية، بما في ذلك الإضاءة ومعدات المعالجة والسباكة وأنظمة التحكم في الوصول واللافتات الرقمية وأنظمة تحديد الطريق وأنظمة الأمان.

وإحدى السمات البارزة لمثل هذه المباني الحديثة هي قدرتها على التكيف مع المناخ، ويمكن للمباني ذات التطورات التكنولوجية أن تقلل بسهولة من استخدام الموارد وتحسن كفاءة الطاقة، وتبسط الصيانة، وتقلل من تكاليف التشغيل، وتوفر بيئة أنظف لشاغليها.

وأحد الأمثلة الرائدة للمباني الذكية هو The Edge في أمستردام؛ فوفقًا لوكالة Bloomberg  يعد The Edge المبنى الأذكى في العالم، مع أعلى درجة استدامة تم منحها على الإطلاق: 98.4%.

مع وجود حوالي 28000 جهاز استشعار مجهز بالداخل يتم توصيل كل فرد داخل المبنى من خلال تطبيق الهاتف المحمول.

 

خمسة مخاوف

 

على الرغم من كونها ثورية  إلا أن العديد من الصعوبات تنتظر مستقبل المباني الذكية. وهناك خمسة مخاوف رئيسية طرحها المتخصصون في الهندسة المعمارية وهي: تكلفة الاستحواذ وحواجز الاستثمار، وعدم الثقة في الأمن السيبراني، والتخطيط السليم والصيانة الكافية، والتكامل غير الكافي، والاستجابة الثقافية.

 

 

الرابط المختصر :
اترك رد