تأشيرة “ترامب” H-1B بـ100 ألف دولار.. الخاسر الأكبر أمريكا أم الهند؟

ترامب
ترامب

تأشيرة “ترامب”  H-1B، من الذعر والارتباك إلى التراجع المربك من البيت الأبيض. تحولت عطلة نهاية الأسبوع إلى صدمة كبرى لمئات الآلاف من الهنود الحاملين لها.

تأشيرة “ترامب” H-1B.. صدمة كبرى تهز مئات الآلاف من الهنود

يوم الجمعة، فاجأ الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” عالم التكنولوجيا بإعلانه زيادةً تصل إلى 50 ضعفًا في تكلفة تصاريح العمالة الماهرة لتصل إلى 100 ألف دولار.

دونالد ترامب

وأعقب ذلك حالة من الفوضى، حيث وجهت شركات وادي السيليكون موظفيها على عدم السفر خارج البلاد.

وسارع العمال في الخارج إلى حجز رحلاتهم الجوية، وعمل محامو الهجرة لساعات إضافية لفكّ رموز القرار.

بحلول يوم السبت، سعى البيت الأبيض إلى تهدئة الموقف، موضحًا أن الرسوم تطبق فقط على المتقدمين الجدد. وأنها لمرة واحدة.

ومع ذلك، لا يزال برنامج H-1B القائم منذ فترة طويلة والذي ينتقد لتقليص أجور العمال الأمريكيين.

ولكنه يشاد به لجذبه الكفاءات العالمية ويواجه مستقبلًا غامضًا. وذلك وفق تقرير “bbc” الذي اطلعت عليه عالم التكنولوجيا.

كيف تغير سياسة تأشيرة “ترامب” H-1B حلم الهنود والأمريكيين

حتى مع هذا التعديل، تظل هذه السياسة عمليًا تغلق شريان برنامج H-1B  الذي كان طوال ثلاثة عقود محركًا. للحلم الأمريكي لملايين الهنود.

والأهم من ذلك أنه شكل شريان حياة للمواهب التي اعتمدت عليها الصناعات الأمريكية.

لقد غير هذا البرنامج وجه البلدين معًا. ففي الهند، أصبح H-1B بوابةً. لتحقيق الطموحات فمبرمجو المدن الصغيرة ارتقوا من دخلٍ متواضع إلى مستويات أفضل.

بالإضافة الي انتقال عائلات بأكملها إلى الطبقة المتوسطة. وتحولت قطاعات كبرى من الطيران إلى العقارات إلى خدمة طبقة جديدة من الهنود الطموحين الذين يجوبون العالم.

مخاوف الصين والهند بشأن الذكاء الاصطناعي

أما في الولايات المتحدة، فقد مثل البرنامج تدفقًا متواصلًا للمواهب التي ملأت المختبرات والفصول الدراسية والمستشفيات والشركات الناشئة.

واليوم يقود مديرون تنفيذيون من أصل هندي شركات كبرى مثل جوجل ومايكروسوفت وآي بي إم، ويشكل الأطباء الهنود نحو 6% من القوى العاملة الطبية في البلاد.

ويهيمن الهنود على برنامج تأشيرة  H-1B، إذ يشكلون أكثر من 70% من المستفيدين في السنوات الأخيرة. بينما تأتي الصين في المرتبة الثانية بحوالي 12% فقط.

اختبار ضغط للاقتصاد الأمريكي ولحلم المهاجرين الهنود

يواصل الهنود الهيمنة على برنامج تأشيرة  H-1B. حيث يشكلون أكثر من 70% من الحاصلين عليها. وخاصة في مجالات التكنولوجيا والطب.

ففي قطاع التكنولوجيا، ذهب أكثر من 80% من وظائف الكمبيوتر لمواطنين هنود، وفي عام 2023 حصل أكثر من 8,200 طبيب هندي على تأشيرات للعمل في مستشفيات أمريكية.

لكن الرسوم الجديدة التي فرضتها إدارة ترامب 100 ألف دولار للموظفين الجدد تهدد بإغلاق هذا الشريان الحيوي الذي غذى الابتكار الأمريكي ثلاثة عقود.

يبلغ متوسط راتب الموظفين الجدد 94 ألف دولار فقط مقابل 129 ألفًا للموجودين بالفعل. ما يجعل تحمل الرسوم شبه مستحيل ويهدد بنقص في العمالة الماهرة على المدى المتوسط والطويل.

شركات التعهيد الهندية الكبرى مثل TCS و Infosys  بدأت بالفعل في نقل العمليات إلى الخارج، وتوظيف عمال محليين لتخفيف الأثر.

ومع ذلك، قد تتضرر القطاعات الأمريكية الأقل نفوذًا مثل المستشفيات والجامعات والشركات الناشئة. بينما تحذر جهات مثل معهد كاتو من ضربة للابتكار والقدرة التنافسية الأمريكية.

الطلاب الهنود وهم ربع الطلاب الدوليين في الولايات المتحدة قد يعيدون النظر في وجهتهم التعليمية إذا أُغلق أمامهم الطريق الأكثر ربحية للعمل بعد الدراسة.

ويخشى محللون أن يؤدي ذلك إلى تقليص دور الجامعات الأمريكية كمغناطيس عالمي للمواهب.

هل تخسر أمريكا شريان مواهب بـ86 مليار دولار؟

حاليًا، يساهم حاملو تأشيرة H-1B بنحو 86 مليار دولار سنويًا في الاقتصاد الأمريكي، تشمل 24 مليار دولار. في ضرائب الرواتب الفيدرالية و11 مليار دولار في ضرائب الولايات والهيئات المحلية.

ولا تقتصر مساهمتهم على الضرائب فحسب، بل يمتد تأثيرهم إلى تحريك قطاعات الإسكان والتعليم والاستهلاك.

إذ يدعمون الطلب على المنازل والخدمات ويغذون منظومة الابتكار والبحث العلمي في الجامعات والشركات الناشئة.

لكن استمرار هذا العطاء يتوقف على قدرة واشنطن على التوفيق بين السياسة والهجرة والابتكار. وعلى رسم سياسات أكثر استدامة تجذب الكفاءات بدل أن تنفرها.

فالتشدد في الرسوم أو القيود الإدارية قد يدفع هذه المواهب للبحث عن أسواق ودول بديلة مثل كندا أو أوروبا أو أستراليا. ما يعني خسارة رأس مال بشري استثمرت فيه الولايات المتحدة لعقود.

وإذا لم تتمكن السياسات الجديدة من تحقيق التوازن. فقد تجد أمريكا نفسها أمام فجوة متزايدة في المهارات الحيوية وتراجع في قدرتها التنافسية عالميًا.

الرابط المختصر :