الرقائق الإلكترونية.. تنافس قوي حول تقنية تشكل مستقبل الصناعة عالميا

في عالم يزداد اعتمادًا على التكنولوجيا، تعد الرقائق الإلكترونية المصنوعة من أشباه المواصلات بمثابة عصب الحياة للسيارات الكهربائية، مرورًا بالهواتف الذكية، وصولًا للألعاب الإلكترونية، فقد باتت هذه المكونات الدقيقة تلعب دورًا حيويًا في تشغيل العديد من الأجهزة التي نستخدمها كل يوم.

وهي عبارة عن شرائح صغيرة مصنوعة من أشباه الموصلات تقوم بتشغيل أجهزتنا الإلكترونية، كما تدير وسائل النقل، وإنتاج الطاقة الشمسية، كذلك تستخدم في قطاعات حيوية أخرى.

كيف تعمل؟

تتكون الرقائق من مليارات الترانزستورات التي تعالج المعلومات على هيئة أرقام ثنائية (0 و 1). وهي عبارة عن مفاتيح كهربائية تسمح بتدفق التيار أو منعه. وكلما قل حجم الشريحة زادت كفاءتها.

وتستخدم الترانزستورات لإنشاء دوائر كهربائية معقدة على سطح شريحة السيليكون. كما تعمل هذه الدوائر على معالجة المعلومات وتحويلها إلى إشارات كهربائية تستخدم لتشغيل الأجهزة. كذلك تصنع الرقائق الإلكترونية بأحجام مختلفة من نانومتر إلى ميكروميتر.

استخدامات الرقائق الإلكترونية

تدخل صناعة الرقائق الالكترونية في العديد من المجالات، وفيما يلي بعض منها:

  •  الهواتف الذكية وأجهزة الكمبيوتر: مثل معالجة البيانات وتشغيل التطبيقات، الاتصال بالشبكات، التقاط الصور وتسجيل الفيديو، تشغيل الألعاب، التحكم في وظائف الهاتف، كذلك أيضا  الاتصال بالشبكات وعرض الصور.
  • الأجهزة اللوحية والتلفزيونات الذكية: حيث تستخدم في التحكم في وظائف الجهاز ومعالجة كافة البيانات.
  •  السيارات: أما صناعة السيارات فقد حظيت بالنصيب الأكبر. حيث التحكم في محرك السيارة وتشغيل أنظمة الأمان، كذلك تشغيل أنظمة الترفيه. أيضا التحكم في وظائف السيارات.
  •  الأجهزة الطبية: تساعد الرقائق الالكترونية في تشخيص الأمراض، ومراقبة صحة المرضى، كذلك علاج الأمراض، بالإضافة إلى ذلك إجراء العمليات الجراحية.
  •  الصناعة: تقوم بوظيفة التحكم في الآلات، وأتمتة العمليات، كذلك تحسين كفاءة الإنتاج. وخفض تكاليف الإنتاج.
  •  الأجهزة المنزلية: تتحكم في وظائف الأجهزة المنزلية وتشغيلها. وتوفير الطاقة. أيضا تحسن من كفاءة الأجهزة المنزلية.
  •  الأجهزة العسكرية: لها دور ريادي في التحكم في الأسلحة، وتوجيه الصواريخ، وتشغيل أنظمة الاتصال. بالإضافة إلى ذلك تشغيل أنظمة الاستشعار.
  •  الأبحاث العلمية: تستخدم في إجراء التجارب العلمية وتحليل البيانات. وكذلك محاكاة النماذج واكتشافات علمية جديدة.
ازمة صناعة السيارات
أزمة صناعة السيارات

صراع عالمي على الهيمنة

ولكن أدى الاعتماد المتزايد على هذه الرقائق إلى صراع عالمي على الهيمنة على صناعتها بين الولايات المتحدة والصين. مع سعي دول الاتحاد الأوروبي وشرق آسيا للحصول على حصتها من السوق.

ردًا على ذلك، تكثف الصين جهودها لدعم وتعزيز قطاع إنتاج الرقائق الإلكترونية المحلية. من خلال تخصيص مليارات الدولارات لبناء مصانع وتطوير تقنيات جديدة. وسعيها الدائم لخفض الاعتماد على التكنولوجيا الغربية وتعزيز صناعة أشباه الموصلات المحلية. حيث طلبت الحكومة الصينية من شركات صناعة السيارات الكهربائية زيادة مشترياتها من الرقائق الإلكترونية المنتجة محليًا. علاوة على ذلك وجهت وزارة الصناعة وتكنولوجيا المعلومات الصينية تعليماتها  إلى شركات السيارات مثل “بي واي دي” و”جيلي أوتوموبايل هولدينغز”، بزيادة الاعتماد على الرقائق الصينية في تصنيع سياراتها. ما قد تؤدي هذه السياسة إلى تأثيرات سلبية على شركات عالمية مثل “إنفيديا” و”رينيساس إلكترونيكس” التي تعتمد على السوق الصينية لبيع رقائقها.

صناعة الرقائق الالكترونية
صناعة الرقائق الالكترونية

هيمنة تايوان على صناعة أشباه الموصلات

تعد شركة “تي إس إم سي” التايوانية رائدةً عالميًا في صناعة أشباه الموصلات؛ حيث استحوذت على أكثر من نصف الحصة السوقية (56.1%) في الربع الثالث من عام 2022. وحققت الشركة أرباحًا ضخمة، فقد تجاوزت أرباحها 20 مليار دولار أمريكي في نفس الفترة. كما أنها المورد الأساسي لشركة “أبل” في مجال الرقائق، وكذلك تعتمد عليها شركات تكنولوجيا عالمية أخرى مثل “إنتل” و”إنفيديا” و”هواوي”.

 تليها شركة “سامسونغ” الكورية حيث تحتل المرتبة الثانية في صناعة أشباه الموصلات. بحصة سوقية تقدر بـ 15.5%، وربح تجاوز 5.5 مليار دولار في نفس الفترة.

 ثم تأتي الشركات الأمريكية “جلوبال فاوندريز” والصينية “سميك” في المرتبة الثالثة والرابعة على التوالي بحصص سوقية تبلغ 5.8% و 5.3% على التوالي. ومن الجدير بالذكر فإن هذه الارقام تظهر  هيمنة “تي إس إم سي” على صناعة أشباه الموصلات واعتماد الشركات العالمية على منتجاتها.

أما عن الشركات المصممة للرقائق الالكترونية فكانت شركة “كوالكوم” (Qualcomm) صاحبة المركز الأول. حيث حققت أرباحًا تجاوزت 29 مليار دولار أمريكي. وتاليها شركة “إنفيديا” (Nvidia) التي تجاوزت إيراداتها 24 مليار دولار أمريكي في نفس العام.

الرقائق الالكترونية
الرقائق الالكترونية

اقرأ أيضا:

كوالكوم تكشف عن شرائح لتحسين اجتماعات الواقع الافتراضي والمختلط

عودة المنافسة

ومع سعي الولايات المتحدة وأوروبا إلى تعزيز جهود صناعة الرقائق، يشير تقرير بلومبرج إلى أنهما قد يتقدمان على تايوان في العقد المقبل.

وتشهد الجهود الأمريكية والأوروبية في مجال قدرات الرقائق نموا. ويمكن أن ترفع حصص السوق إلى 45٪ بحلول عام 2032.

في ظل التوترات المتصاعدة بين الصين والولايات المتحدة. تسعى كلتا الدولتين إلى بناء مصانع رقائق متقدمة بالقرب من تايوان، التي تعد مركزًا لصناعة الرقائق المتقدمة. ووفقًا لتقرير حديث صادر عن بلومبرج، يمكن أن ترفع هذه الجهود حصتهما السوقية المجمعة من 19% إلى 45% في أقل من 10 سنوات.

ويخلص التقرير أيضا إلى أن سلاسل توريد التكنولوجيا العالمية مهيأة “للتنويع الجغرافي”، مع تحول الأولويات من الربحية والكفاءة إلى استقلال سلسلة التوريد. ومع ذلك بالنسبة لقطاعات أشباه الموصلات، قد يشكل ذلك تحديات أكثر من الفرص.

تأثر صناعة سوق السيارات العالمي بنقص الرقائق الالكترونية

تشكل صناعة السيارات نسبة كبيرة من الطلب على الرقائق الإلكترونية تصل حوالي 8% من الطلب على الرقائق الإلكترونية. ومن المتوقع أن تزيد هذه النسبة في المستقبل لتصل إلى 15%. فقد تأثرت صناعة السيارات بسبب هذه الهيمنة؛ حيث إن السيارة الواحدة في المتوسط تحتوي على ما بين 50 و150 من هذه الرقائق. فمثلًا تراجعت مبيعات السيارات في ألمانيا ومعظم الدول المصنعة للسيارات إلى أدنى مستوى لها منذ العام 1990 متأثرةً بهذا النقص. فقد بلغت المبيعات طوال السنة 2.62 مليون سيارة فقط بحسب تقرير الهيئة الفيدرالية للسيارات في ألمانيا «كيه بي إيه» (KBA). كما أدى نقص الرقائق الإلكترونية إلى تعطيل إنتاج السيارات لدى العديد من الشركات. وكذلك خفضت بعض شركات السيارات مثل “تويوتا” من أحجام إنتاجها بسبب نقص الرقائق. بنحو 100 ألف سيارة ليصل إلى حوالي 850 ألف سيارة شهريا في المتوسط خلال الفترة من يونيو إلى أغسطس 2022.

اقرأ أيضا:

ازدهار صناعة الرقائق يؤثر على سلاسل توريد التكنولوجيا

المصدر

الرابط المختصر :

التعليقات مغلقة.