منذ القدم تطلع الإنسان إلى صفحة السماء المبهرة وملايين النجوم والكواكب. تلك السماء أثارت شغفه لمعرفة ماهيتها وكنهها . ومنذ ذلك الحين حاول استكشاف الفضاء الخارجي ودراسته بواسطة التلسكوبات من فوق سطح الأرض.
لماذا فكر الإنسان في إرسال مركبات إلى الفضاء؟
يوجد الكثير من المعوقات لدراسة الكواكب والنجوم واستكشاف الفضاء من سطح الكرة الأرضية. أبرزها: الظواهر الجوية والأمطار والسحب والعواصف التي تعد عوائق أمام رؤية وتتبع النجوم.
والتلوث الضوئي، وهو ظاهرة تشتت أضواء المدن في الغلاف الجوي، ويمكن أن يؤثر سلبًا في رصد النجوم والكواكب الخافتة.
بالإضافة إلى ذلك فإن أقمار مراقبة الطقس والمناخ ودراسة تضاريس الأرض يجب أن تكون في الفضاء. ولتعظيم مسافات البث والتغطية وأيضًا تجنب خفوت الإشارات وتشتتها -نتيجة كروية الأرض- يجب أن تكون أقمار الاتصالات والبث في المدارات الفضائية حول الأرض.
وجود أقمار الاتصالات فى الفضاء ضرورة مهمة لعملها
وفي السياق نفسه فإن وجود أقمار الاتصالات في الفضاء يمنحها أفضلية عن محطات البث الأرضية. فهو يمكنها من عكس الإشارات لمسافات بعيدة وشاسعة من الكرة الأرضية . على عكس المحطات الأرضية التي تعاني من صغر نطاق التغطية النسبي نتيجة انحناء الأرض وكرويتها.
لكل تلك الأسباب فكر العلماء في إطلاق المراصد والأقمار الصناعية إلى الفضاء.
تطور تكنولوجيا الإطلاق
عرف الصينيون القدماء البارود من فترة طويلة واستخدموه في الحروب على شكل أسهم محملة بالبارود داخل سيقان نبات البامبو. وبعدها بفترة اكتشفوا أن تلك السيقان قادرة على الطيران بذاتها دون مساعد الأسهم.
في ذات السياق مكنتهم تلك المعرفة من صنع الألعاب النارية المبهجة، بالإضافة للاستخدامات الحربية. كانت هذه بدايات مفهوم الصواريخ عند البشر. ولا تختلف مبادئ تلك الألعاب النارية وإطلاقها في السماء عن إطلاق المركبات في الفضاء الخارجي.
الصواريخ الحديثة
كان William Leitch أول من طرح فكرة أن الصواريخ يمكن أن تستخدم فى استكشاف الفضاء وأيضًا إيصال الإنسان لهناك.
وفي أثناء الحرب العالمية الأولى طور فيلق الطيران الملكي البريطاني صاروخًا يمكن التحكم به سلكيًا ولا سلكيًا. وفي عام 1926 طور Robert Goddard؛ من جامعة Clark، الصواريخ بأن أضاف فوهة إلى غرفة احتراق عالية الضغط يحترق بها وقود سائل. ما سمح بزيادة كفاءة الدفع للصاروخ من 2% إلى 64%.
ويعد صاروخ Goddard أول صاروخ يستخدم الوقود السائل بدلًا من البارود. وفي عام 1921 طور السوفييت صواريخ تستخدم وقودًا صلبًا والتي أمكنها الطيران لمسافة 1300 متر، واستخدمت في الحروب بعد ذلك.
ولا يمكن الحديث عن تطور الصواريخ دون الحديث عن V2 أول صاروخ يعبر حدود الفضاء الخارجي أو ما يعرف بخط Kármán ويقع على بعد 100 كم من سطح البحر.
أشهر صناع الصواريخ كان غير سعيد باستخدامها بالحرب
واستخدم الصاروخ خلال الحرب العالمية الثانية لقصف لندن؛ ما جعل عالم الصواريخ الألماني الشهير Wernher von Braun يدلي بتصريحه الأشهر على الإطلاق: “لقد عمل الصاروخ بصورة ممتازة ولكنه هبط على الكوكب الخاطئ”.
وبانتهاء الحرب العالمية الثانية انتقل الكثير من العلماء الإلمان إلى أمريكا؛ ومن بينهم Wernher von Braun نفسه، وهذا جعل أمريكا مركزًا لتطوير الصواريخ لاحقًا.
الأسس العلمية للصواريخ
يمكن تصنيف الصواريخ إلى صنفين رئيسيين؛ هما صواريخ الوقود الصلب وصواريخ الوقود السائل. وباختلاف أنواعها ووقودها يبقى القانون الثالث لنيوتن هو الحاكم لحركة هذه المركبات. وينص على أن لكل فعل رد فعل مساوٍ له في القوة ومضاد له في الاتجاه.
يتكون الصاروخ -سواء كان مرحلة واحدة أو عدة مراحل- من محركات صاروخية تلي بعضها بعضًا، من جسم نحيل يشبه إلى حد كبير القلم الرصاص وعلى جوانبه الأربع جنيحات التوجيه.
ويضم المحرك الصاروخي غرفة احتراق ملحقة بها فوهة لدفع الغاز الناتج من الاحتراق خارجًا بسرعات عالية. نتيجة انطلاق هذا الغاز يتحرك الصاروخ في الاتجاه المعاكس بقوة تساوي نفس قوة اندفاع الغاز؛ ما يكسب الصاروخ قوته.
عادة ما تكون الصواريخ مستهلكة بعد عملية الإطلاق ولكن شركة Space X تمكنت من إنتاج صواريخ يمكنها الوصول إلى المدار والرجوع بسلام لمنصة الإطلاق؛ لإعادة الاستخدام مرة أخرى.
الوصول إلى المدار
يندفع الصاروخ بالحمولة، سواء كانت روادًا أو قمرًا صناعيًا، إلى المدار المحدد وعندئذ يحرر الحمولة. وتعمل جاذبية الأرض على جذب الحمولة والمركبة بكمية تحرك، Momentum، ناتجة عن حركة الصاروخ. وتدفع كمية التحرك تلك الحمولة للحركة في مستوى موازٍ لسطح الأرض بينما تحاول الجاذبية سحبها للأرض. وتتزن الحمولة بين هاتين القوتين.
وإذا كان الهدف من المركبة الوصول إلى كواكب أخرى غير مدار الأرض فإنه يلزم لذلك صواريخ أسرع تتخطى سرعتها 11.186 كم لكل ثانية. بهذه السرعة تستطيع المركبة الإفلات من عجلة الجاذبية الأرضية والانطلاق إلى الفضاء الخارجي.
يمكن تخيل ذلك بالمقلاع المربوط بحبل: إذا زادت سرعة الحجر عن حد معين فانه سيكف عن الدوران ويبدأ الطيران في خط مستقيم.
ويطمح العلماء إلى إنتاج مركبات تقارن سرعتها بسرعة الضوء لاستخدامها في السفر بين النجوم. لكن ذلك ما زال في طور الأبحاث النظرية غير القابلة للتطبيق في الأفق القريب.
أقرا أيضا
https://www.tech-mag.net/?p=128557
مصادر
https://spaceplace.nasa.gov/launching-into-space/en/
https://www.britannica.com/science/spaceflight
https://www.grc.nasa.gov/www/k-12/TRC/Rockets/history_of_rockets.html