تغيير أمعاء البقر لحل ظاهرة الاحتباس الحراري.. فما العلاقة؟

تغيير أمعاء البقر لحل ظاهرة الاحتباس الحراري ..فما العلاقة ؟

وسط معاناة العالم كله من التأثيرات السلبية لظاهرة الاحتباس الحراري وتغير المناخ. ومن بين أبحاث علمية عدة لإيجاد حلول جذرية ومستدامة لمعالجة الظاهرة، اتجه علماء أمريكيون لفكرة تقليل انبعاثات الميثان الضارة بالبيئة. هذا النوع من الغازات ناتجة عن البكتيريا الموجودة في أمعاء البقر.

علاقة أمعاء البقر بظاهرة الاحتباس الحراري؟ 

لذا توصل العلماء إلى تجربة علمية تعتمد على تعديل البكتيريا الموجودة في معدة البقر بهدف تقليل انبعاثات الميثان الضارة بالبيئة. ذلك باستخدام أحدث تقنيات الهندسة الوراثية.

ومن المفترض أن الأبقار تنتج كميات هائلة من الميثان، وهو من الغازات الدفيئة القوية المسؤولة عن 30% من الاحتباس الحراري العالمي. حيث أن الأبقار من أكثر المخلوقات استهلاكًا على كوكب الأرض.

فعلى سبيل المثال، يزن العجل السوشي البالغ من العمر 4 أسابيع 125 رطلًا. وهو ضمن الدفعة الأولى من تجربة استغرقت سنوات عدة. كما تكلفت التجربة نحو 30 مليون دولار، وأجراها علماء في جامعة كاليفورنيا ومعهد الجينوم المبتكر؛ لتغيير التركيب الداخلي لمعدة البقرة. بحسب صحيفة “واشنطن بوست”.

بينما تعد الأبقار من الكائنات الحية الأكثر انتشارًا على كوكبنا. حيث يبلغ عددها نحو 1.5 مليار بقرة. وتتميز هذه الحيوانات بقدرة هضمية هائلة تمكنها من التغذية على مجموعة واسعة من المواد. بدءًا من الأعلاف التقليدية كالعشب والذرة والبرسيم. ووصولًا إلى مخلفات الزراعة والصناعة، مثل: قشور اللوز، والذرة، ونشارة الخشب.

ويعود السر وراء هذه القدرة الهضمية الفريدة إلى وجود نظام هضمي معقد؛ حيث يتكون من أربع حجرات. أبرزها الكرش التي تضم مجتمعًا ضخمًا من الميكروبات، يعمل على تحويل المواد الغذائية المعقدة إلى مصادر طاقة قابلة للاستخدام.

على رغم من وصف نظام هضم الأبقار بالكفاءة العالية، فيوجد جانبًا مظلمًا يكمن في أكبر حجرات معدتها “الكرش”. فداخل الكرش تعيش كائنات دقيقة تسمى الأركيا، تحول الهيدروجين وثاني أكسيد الكربون إلى غاز الميثان. وهو أحد أقوى الغازات المسببة للاحتباس الحراري. وبالتجشؤ تطلق الأبقار كميات كبيرة من هذا الغاز في الغلاف الجوي. ما يسهم في ارتفاع درجة حرارة الأرض، وتفاقم الظواهر المناخية المتطرفة، مثل: موجات الحر، والفيضانات، والعواصف.

تقرير منظمة الأغذية والزراعة حول التجربة 

كما تشير تقديرات منظمة الأغذية والزراعة إلى أن الأبقار مسؤولة عن نحو 4% من ظاهرة الاحتباس الحراري العالمية. ويرجع ذلك على نحو رئيس إلى إنتاجها لغاز الميثان خلال عملية الهضم. لكن يوجد بصيص أمل، حيث أظهرت الدراسات أن إضافة بعض الأعشاب، مثل: الأعشاب البحرية أو الزعتر أو الثوم إلى علف الأبقار قد يقلل من انبعاثات الميثان بنسبة تصل إلى 80%.

ومع ذلك، لا تزال هذه الممارسة غير شائعة؛ حيث لا يتلقى سوى 10% من قطعان الماشية في الولايات المتحدة. ومعظمها من الأبقار الحلوب، هذه الأنواع من الأعلاف بانتظام. وهي نسبة مماثلة على مستوى العالم. أما بقية الماشية، ومعظمها من الماشية المنتجة للحوم. فتتجول بحرية في المراعي، وتعيش على العشب والأعلاف.

بالنسبة للناحية اللوجستية، تخيل محاولة إقناع مليارات الأبقار بتغيير نظامها الغذائي لتناول الأعشاب البحرية أو الثوم. هذه المهمة شبه مستحيلة نظرًا لعددها الهائل وطبيعتها الحرة. لذا، لجأ العلماء إلى حل أكثر فاعلية. وهي إعطاء العجول حديثي الولادة نوعًا خاصًا من البروبيوتيك. بينما يعمل على تعديل البكتيريا الموجودة في أمعائها على نحو دائم؛ ما يقلل من إنتاج الميثان.

وليس هذا فحسب، فالعلم يقدم لنا المزيد من الحلول المبتكرة. ففي تجارب أخرى، تمكن العلماء من تربية ماشية دون قرون؛ ما يقلل من الإصابات. كما طوروا أنواعًا جديدة من الماشية ذات فراء خاص، يجعلها أكثر تحملًا للحرارة. هذه التطورات تفتح آفاقًا جديدة في مجال الزراعة المستدامة، وتسهم في مكافحة تغير المناخ.

لا يقتصر هذا المشروع على نوع معين من الأبقار. بل يستهدف جوهر المشكلة “الميكروبيوم المعوي”. فالهدف تطوير حل يمكن تطبيقه على جميع سلالات الأبقار. بغض النظر عن حجمها أو الغرض منها. وعلى الرغم من اعتمادنا الكبير على الأبقار كمصدر للغذاء. فإننا نعرف القليل جدًا عن العمليات المعقدة التي تحدث داخل أكبر حجرات معدتها. هذا المشروع يمثل خطوة مهمة نحو فهم هذه العمليات، وتسخيرها لصالح البيئة والإنسان.

الرابط المختصر :