إن تشفير البيانات بشكل عام ليس بالأمر المستحدث وإنما عُرف منذ قديم الزمن، إلا أنه شهد صورًا كثيرة من التطور حتى وصل إلى صورة التشفير الأمني الحالي الذي يحمي البيانات والمعلومات السرية بكفاءة عالية، كما أنه يتضح ذلك من خلال المفهوم الخاص بالتشفير وهو تحويل البيانات المقروءة إلى هيئة أخرى مختلفة تكون البيانات فيها على شكل رموز لا يمكن فهمها إلا إذا تم فك الشيفرة وحلها عبر الرقم السري الخاص بها.
لذلك فإن التشفير هو من أسلم الطريق لحماية أي بيانات مهمة من التجسس أو السرقة أو التلاعب بها؛ حيث تلجأ شركات ومؤسسات عديدة إلى عمليات التشفير وما يخصها من خوارزميات، ويمكن استخدام التشفير لأمور شخصية؛ إذ يحتاجه الكثيرون لتأمين المعلومات والبيانات الشخصية التي تكون على حواسيبهم أو أجهزتهم اللوحية.
الهدف الأساسي لعملية تشفير البيانات
الهدف من تشفير البيانات Data Encryption هو حماية سرية البيانات الرقمية؛ حيث يتم تخزينها على أنظمة الكمبيوتر وإرسالها باستخدام الإنترنت أو شبكات الكمبيوتر والإنترنت الأخرى؛ إذ تم استبدال معيار تشفير البيانات القديم DES بخوارزميات التشفير الحديثة التي تلعب دورًا مهمًا في أمن أنظمة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات.
وتوفر هذه الخوارزميات السرية وتدفع المعاير الأمنية الرئيسية بما في ذلك المصادقة Authentication والسلامة أو النزاهة Integrity وعدم التنصل Non-Repudiation، وتعمل المصادقة على التحقق من منشأ الرسالة ويوفر عامل السلامة دليلًا على أن محتويات الرسالة لم تتغير، كما يضمن عامل عدم التنصل أن مرسل الرسالة لا يمكنه إنكار إرسال الرسالة.
لماذا يتم تشفير البيانات؟
هناك عدة أسباب تدفع الأفراد أو الشركات أو المؤسسات إلى استخدام التشفير الأمني الإلكتروني؛ ومنها: الحاجة إلى حماية سرية بعض معلومات العمل مثل المشاريع والمخططات وغيرها من الملفات المهمة، وحماية البيانات سواءً الشخصية أو المتعلقة بالعمل.
ويضمن تشفير البيانات كذلك تجنب الوقوع فريسة لأعمال الهاكر Hackking والقرصنة Piracy التي قد تتسبب في أضرار بالغة لجهة العمل؛ لذلك تلجأ كبرى الشركات إلى استخدام خوارزميات تشفير قوية Strong للغاية ومعقدة، ومن أهم أسباب استخدام التشفير أنه يُعتبر الوسيلة المثلى للتأكد من أن الملف المرسل أو الصادر لم يتعرض أثناء رحلته في الوصول إلى أي تغيير أو تعديل؛ ما يجعل التشفير دليلًا على صحة الملفات ومؤكدًا لأصالتها.
ما هي خوارزميات تشفير البيانات Data Encryption Algorithms؟
خوارزميات تشفير البيانات هي المفاتيح التي تُستخدم من أجل عملية التشفير وإعادة فك الشفرة الخاصة بها؛ إذ إنها بمثابة باب الدخول الأساسي إلى أي ملف مشفر؛ لذلك من المهم جدًا عند تشفير ملف بخوارزمية معينة الاحتفاظ ببيانات تلك الخوارزميات -أو كما يطلق عليها مفتاح التشفير Encryption Key- حتى يتمكن مستخدم ملف البيانات من فتحها وقراءتها أو تعديلها وغير ذلك من العمليات الواجب القيام بها.
أنواع وأساليب خوارزميات تشفير البيانات
لعملية تشفير البيانات طرق وأساليب متعددة تعتمد على خوارزميات خاصة من أجل تشفير الملفات والصور وغيرها، وهذه الأساليب يمكن تقسيمها على النحو التالي:
- خوارزميات التشفير المتماثلة: وهنا تكون الخوارزمية المستخدمة من أجل تشفير ملف معين هي ذاتها التي تُستخدم من أجل فك تشفير الملف نفسه، ولا بد من الاحتفاظ بتلك الخوارزمية أو المفتاح للتمكن من التعامل مع الملف سواء بالفك أو الترميز.
- خوارزميات التشفير الأمني اللا متماثل: وهي التي تحوي مفتاحين لا واحد، هذه المفاتيح واحد منها متروك للعموم أما الآخر فهو سري للغاية؛ إذ يدخل الأول ضمن خوارزميات التشفير أما الثاني فهو يستخدم في فك التشفير؛ لذلك وجب الحفاظ على سريته.
التحديات التي تواجه تشفير البيانات
التحدي الأساسي الذي يواجه التشفير اليوم هو الهجوم عليه من قِبل جهات غير مصرح لها بالتعامل معه، أو تجربة المفاتيح العشوائية حتى يتم العثور على المفتاح الصحيح، ويحدد طول المفتاح العدد المحتمل للمفاتيح ويؤثر في معقولية وفعالية هذا النوع من الهجوم، ومن المهم أن نضع في الاعتبار أن قوة التشفير تتناسب بشكل مباشر مع حجم وتعقيد المفتاح، ولكن مع زيادة حجم المفتاح يزداد عدد الموارد المطلوبة لإجراء عملية التشفير.
وتشمل الطرق البديلة لكسر التشفير هجمات القنوات الجانبية وتحليل التشفير Crypto Analysis، وتنجح هذه الهجمات إذا كان هناك خطأ في تصميم النظام أو عند تنفيذه، وبالمثل فإن تحليل التشفير يعني احتمالية العثور على ضعف في الشفرة ثم استغلالها، ومن المرجح أن يحدث تحليل التشفير عندما يكون هناك خلل في التشفير نفسه.
حلول مبتكرة لحل مشكلة التشفير
يمكن أن توفر حلول حماية الأجهزة والبريد الإلكتروني حماية البيانات نفسها، وتواجه الشركات والمؤسسات التحدي المتمثل في حماية البيانات ومنع فقدانها؛ حيث يستخدم الموظفون الأجهزة الخارجية والوسائط القابلة للإزالة وتطبيقات الويب في كثير من الأحيان كجزء من إجراءات أعمالهم اليومية.
وقد لا تكون البيانات الحساسة تحت سيطرة الشركة وحمايتها؛ إذ يقوم الموظفون بنسخ البيانات إلى الأجهزة القابلة للإزالة أو تحميلها على السحابة Cloud ونتيجة لذلك تحول أفضل حلول منع فقدان البيانات دون سرقة البيانات وإدخال البرامج الضارة من الأجهزة القابلة للإزالة والخارجية بالإضافة إلى تطبيقات الويب والسحابة.
من أجل القيام بذلك يجب التأكد من استخدام الأجهزة والتطبيقات بشكل صحيح وتأمين البيانات عن طريق التشفير التلقائي حتى بعد مغادرتها المنظمة، كما يتم تدريب الموظفين على أن التحكم في البريد الإلكتروني والتشفير خطوة مهمة لحل منع فقدان البيانات، فالبريد الإلكتروني الآمن المشفر هو الحل الوحيد والأمثل في هذه الحالة.
إذًا فالتشفير أمر يعتمد على خوارزميات دقيقة وعمليات حسابية معينة ولا غنى عنه من أجل أمن وسلامة المعلومات والملفات ذات الأهمية الكبرى في حياتنا سواء الرسمية أو غير الرسمية.
وفي حين أن تشفير البيانات قد يبدو وكأنه عملية شاقة ومعقدة فإن برامج منع فقدان البيانات تتعامل معه بشكل موثوق كل يوم، ولا يجب أن يكون تشفير البيانات شيئًا تحاول المؤسسة فعله بمفردها، فلا بد من اختيار أفضل برنامج لمنع فقدان البيانات؛ بحيث يوفر تشفير البيانات باستخدام الجهاز والبريد الإلكتروني والتحكم في التطبيق الاطمئنان إلى أن بيانات المؤسسة آمنة؛ لذا فإن الإتحاد الأوروبي أولى هذا الجانب أهميته التي يستحقها من خلال سن العديد من القوانين لعملية التشفير.