تدوير النفايات الإلكترونية.. هاتفك القديم يساوي ذهبًا

نفايات إلكترونية

أصبحت الأجهزة الكهربائية والإلكترونية أحد مظاهر الحياة الحديثة في كل أرجاء المعمورة. ويتزايد إنتاج الأجهزة الكهربية والالكترونية حول العالم. وبالتالي تعد تلك الأجهزة نفايات إلكترونية بعد انقضاء عمرها الافتراضي. وفي الوقت ذاته يحول عطب الأجهزة  عطب لا يمكن إصلاحه أو استمرار عملها الى نفايات إلكترونية. ومن منظور بيئي واقتصادي هناك حاجة ماسة لتدوير تلك النفايات الإلكترونية.

النفايات الإلكترونية

مركز-لتجميع-المخلفات-الالكترونية-الخطرة

 

يعد مصطلح النفايات الإلكترونية مصطلحًا فضفاضًا، إذ يشمل كل الأجهزة التي لا تستخدم  ولها قوابس، أو تحتوي على بطاريات. وتشمل تلك الأجهزة أجهزة الكمبيوترات، والهواتف المحمولة، وأجهزة ألعاب الفيديو. أي أنها تشمل كل الأجهزة التي تستخدمها البشرية وتستهلكها بأعداد متزايدة حول العالم. وتبيّن أرقام الأمم المتحدة أن العالم ينتج أكثر من 68 مليون طن من النفايات الإلكترونية سنويًا.

وتحتوي هذه النفايات على مواد سامة وخطرة صحيًا وبيئيًا. كما أن ترك تلك النفايات في المكبات قد ينتج عنه تسمم التربة بعناصر مثل الرصاص والكوبلت. كما أن حرقها في الهواء الطلق قد ينتج عنه تلوث للهواء وأمراضًا للجهاز التنفسي للبشر والحيوانات على حد سواء  في البيئة المحيطة. ومن هذا المنطلق يعد تدوير تلك النفايات مطلبًا بيئيًا واقتصاديًا على حد سواء.

هدر لموارد قد تصل لمليارات الدولارات

وفى حالة أننا نحينا المخاطر البيئية جانبا؛ فإن إلقاء تلك النفايات في مكبات القمامة يعد هدرًا اقتصاديًا قد يصل إلى ملايين بل مليارات الدولارات حول العالم كل عام. وذلك لأن تلك النفايات تحتوي على عناصر ثمينة منها النحاس والذهب والفضة في ألواح الدوائر والأسلاك، والليثيوم والكوبالت والنيكل في البطاريات. وفى السياق نفسه تقدر الأمم المتحدة، أن العالم يهدر سنويًا معادن ثمينة تزيد قيمتها عن 60 مليار دولار في نفاياته الإلكترونية.

 

ولا يشغل بال الكثيرين من السكان في الدول الغنية إعادة تدوير الأجهزة الإلكترونية. حيث لا يعاد تدوير الهواتف وأجهزة الألعاب بل تترك في الدواليب عادة ليتجمع عليها الغبار عبر السنين. وحسب التقديرات يُعاد تدوير أقل من هاتف نقال قديم واحد فقط من كل 6 هواتف في الولايات المتحدة وأوروبا.

وضع مختلف في الدول الفقيرة

يعد تدوير النفايات في الدول الفقيرة مصدر رئيسي للدخل لفئات من المجتمع مثل جامعي القمامة ومصانع التدوير. ويعود السبب في ذلك إلى تدني مستويات الدخل في هذه الدول؛ ما يعنى أن مردود التدوير وإن كان ضئيلًا سيمثل مبلغًا ماليًا يستحق العناء بالنسبة لهؤلاء العمال.

ومع ذلك، حسب الأمم المتحدة، فإن النسبة تصل إلى أقل من 1% فقط ،من إجمالي 3 ملايين طن من النفايات الإلكترونية التي تنتج في قارة إفريقيا سنويًا، يُعاد تدويرها لدى شركات رسمية مرخصة.

ملف نحاسي مستخرج من ثلاجة

 

بينما يمثل معدل التدوير في الحقيقة أعلى من ذلك بكثير.  فعلى سبيل المثال تضم نيجيريا،  وهي تتشابه في ذلك مع الكثير من الدول النامية، شبكات واسعة وفعّالة من آلاف جامعي النفايات غير المرخصين.  يجمعون هؤلاء الهواتف التالفة والكمبيوترات المحمولة وغيرها من المخلفات الإلكترونية، ومن ثم يبيعونها لوسطاء محليين.

تشير التقديرات إلى أن 75% من النفايات الإلكترونية في نيجيريا تُجمع بغرض إعادة التدوير، بينما تصل إلى نحو 95% في الهند.

تصدير النفايات الإلكترونية

من الجدير بالذكر، فإن الكثير من النفايات الإلكترونية لا يمكن معالجتها واستخلاص المعادن منها لإعادة تدويرها يدويا. حيث تحتاج تلك الأجهزة إلى مصانع ذات إمكانيات متقدمة لا تتوفر في دول العالم الثالث عادة.  ومن ثم تقوم الكثير من الدول المتقدمة بإعادة استيراد النفايات الإلكترونية من دول العالم الثالث بغرض إعادة التدوير.

ولا تتوافر معلومات دقيقة عن كمية النفايات الإلكترونية التي تتدفق من الدول الفقيرة نحو الدول الغنية. لكنه من الواضح أن هذه التجارة آخذة في النمو التدريجي مع الزمن. حيث لوحظ إقبال المشترين من الشركات الصينية والأوروبية، مثل عملاقة إعادة التدوير البلجيكية “Umicore”، على أسواق الخردة في إفريقيا وآسيا وأميركا اللاتينية. حيث تبحث الشركات عن مواد صالحة لإعادة التدوير لشحنها إلى دولهم. وقد يعاد تصدير النفايات الى دول المنشأ نفسها لإعادة تدويرها.

تعظيم فوائد التدوير

يمكن للدول أن تزيد من إقبال الناس على تدوير النفايات الخطيرة، ومنها النفايات الإلكترونية بطرق مبتكرة. ففي حين يعمل معظم جامعي النفايات ضمن اقتصاد “غير رسمي” لا يخضع للضرائب أو التنظيم يمكن للدول تشجيعهم إلى الخروج من اقتصاد الظل.

ويمكن أيضًا تطوير العملية ككل؛ حيث يمكن تطوير مهارات العاملين في جمع النفايات. وزيادة قدراتهم وأجورهم، مع وضع ضوابط بيئية لعملهم. من مضاعفة النفع البيئي والمجتمعي وحتي المالي للدول النامية.

فحص النفايات بواسطة عمال مدربون
فحص النفايات بواسطة عمال مدربون

 

وكمثال يمكن أن يحتذي به  قامت  عشرات المدن الكولومبية بتخصيص جزء من رسوم إزالة القمامة إلى جامعي النفايات من أجل تعزيز دخلهم.

وكذلك تطبق الهند نظامًا شبيهًا؛ حيث يتقاضى آلاف جامعي النفايات من البيوت في مدينة بونة الهندية مبالغ صغيرة من المنازل التي يخدمونها. بما يشمل أحياء عشوائية لا تطالها الخدمات البلدية الرسمية. ويجمعون أكثر من 1000 طن من النفايات يوميًا.

ولذلك يمكن النظر إلى النفايات الإلكترونية التي تهدد البيئة والبشر إلى أنها بالفعل كنز ملقى في القمامة.

الرابط المختصر :