تأمين المدن الذكية المستقبلية
من المتوقع أن يعيش أكثر من ثلثي سكان كوكبنا في المناطق المتمدنة مدفوعين بالتحضر السريع في آسيا وإفريقيا بحلول عام 2050، وحتى مع توقع إضافة 2.5 مليار شخص إلى مدننا على مدى العقود الثلاثة المقبلة، فإن هناك تحديات تقف في طريق توفير البنية التحتية الحيوية والخدمات المدنية لهم.
وكما هو الحال مع جميع التحديات الأخرى، فإن الإنسان يتجه نحو التكنولوجيا لإنشاء مدن أفضل وأكثر أمانًا وكفاءة، من حيث المرافق، والنقل، وحركة المرور، وإدارة النفايات، والتلوث والحياة المستدامة، بالإضافة إلى السلامة، والرعاية الصحية.
الترابط سيف ذو حدين
تعمل المدن الذكية على العمود الفقري لأجهزة الاستشعار وأجهزة إنترنت الأشياء المتصلة ببعضها؛ للتحكم في الأنظمة الداخلية والأنظمة الخارجية عبر الإنترنت وبنى الحوسبة السحابية؛ حيث يتم نقل البيانات الشخصية والسرية عبر قنوات غير آمنة، مع الأجهزة التي لم يتم تصحيحها ولا تدعم تشفير البيانات؛ لذلك فإن الترابط ذاته الذي يدعم عمل المدينة الذكية يصنع أيضًا مخاطر كبيرة للأمن السيبراني.
وتعرضت العديد من المدن الأمريكية للهجمات الإلكترونية، وكذلك تعطل نظام الترام في “دبلن” عاصمة أيرلندا في هجوم الفدية، وكذلك أنظمة التحكم في الحركة الجوية وتذاكر السكك الحديدية في ستوكهولم، كما تعطلت إمدادات الطاقة إلى جوهانسبرج وحيدر أباد أيضًا من خلال هجمات برامج الفدية. وبصرف النظر عن برامج الفدية، ينشر المجرمون الإلكترونيون العديد من التقنيات الأخرى بما في ذلك التنفيذ عن بُعد، والتشويش على الإشارات، بالإضافة إلى الوسائل التقليدية، مثل البرامج الضارة ومعالجة البيانات ورفض توزيع هجمات الخدمة.
يتم الحصول على ترساناتهم الرقمية من شبكة الإنترنت العميقة وأسلحتهم مؤتمتة بالكامل، ما يؤدي إلى شن هجمات يمكن تشغيلها على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع.
هل هي أهداف سهلة أم جريمة يمكن الوقاية منها؟
تصنع المدن أهدافًا سهلة لمجرمي الإنترنت لأنها تتخلف في استخدام التكنولوجيا الأساسية التي تدير بنيتها التحتية الحيوية، فهي وسائل عفا عليها الزمن.
تنتج المدن حاليًا 70% من الناتج المحلي الإجمالي في العالم؛ حيث يُترجم هذا إلى مسار سهل لتحقيق مكاسب مالية لمجرمي الإنترنت الذين يمكنهم اختراق دفاعات المدينة الذكية، لذلك؛ يجب أن تكون المدن الذكية آمنة من حيث التصميم، وألا يتم تثبيتها بعد وضع الأنظمة، ولا بد من بناء أنظمتها على أساس بروتوكولات وسياسات أمنية صلبة وبديهية ومؤتمتة منذ البداية، والتشاور مع المواطنين وإشراكهم في كل مرحلة؛ لأن ذلك سيساعد في بناء الثقة والملكية فيما يتعلق بدعم متطلبات الخصوصية للمواطنين.
تعريف مخاطر الإنترنت من خلال التقارب بين القديم والجديد
تتأثر المخاطر الأمنية للنظام البيئي للمدينة الذكية بعدة عوامل، أهمها التقارب بين الأنظمة الإلكترونية والأنظمة التشغيلي؛ حيث يعرض التقارب الأجهزة وأجهزة الاستشعار لأن تكون نقاط دخول لمجرمي الإنترنت، كما يمكن أن تتحول الأجهزة غير الضارة، مثل الإضاءة التلقائية أو عدادات الطاقة الموفرة للطاقة، إلى نقاط دخول محتملة، فبمجرد اختراق البرامج الضارة وإصابتها، يتم فتح الأجهزة المتصلة الأخرى للاختراق، ما يتسبب في أضرار متتالية في جميع أنحاء البنية التحتية.
هناك عامل مؤثر آخر وهو التكامل والترابط بين الخدمات والأقسام المختلفة داخل النظام البيئي للمدينة الذكية، هذا الاختلاط بين تكامل الخدمات والأنظمة والترابط وتبادل البيانات يصنع نقاط ضعف مشتركة، لذا؛ فإن وجود مشكلة في منطقة خدمة واحدة يمكن أن يعرض مناطق أخرى للخطر بسرعة.
الأطر المتكاملة ونماذج الحوكمة الشاملة
لا بد من وجود إطار عمل للتغلب على المخاطر السيبرانية وتهديدات الأمن السيبراني الناتجة عن قضايا التقارب والتشغيل البيني والترابط؛ حيث يجب أن تزود هذه الأطر المدن بمبادئ الإدارة لدمج معايير الأمن السيبراني الصناعية، ما يضمن تلبية متطلبات السرية والنزاهة، كما يجب أن يتم دمج المتطلبات القانونية والتنظيمية التي تقيم آثار المخاطر السيبرانية على جميع المشاركين، في النظام الإيكولوجي والخدمات والبنية التحتية والعمليات، ويجب رسم هذا الإطار ودمجه في مخططات التخطيط والتصميم والتنفيذ والتحويل بما يتماشى مع استراتيجية المدينة الذكية الأوسع نطاقًا، كما يجب عليها أيضًا تقييم تأثير الأنظمة والأصول على بعضها.
يجب حماية أجهزة وشبكات إنترنت الأشياء من الهجمات؛ من خلال مصادقة الجهاز والتصحيح وتشفير البيانات ومن خلال المراقبة الأمنية؛ حيث يُعد فرض قنوات آمنة قوية وإنشاء سلسلة ثقة آمنة بين الأجهزة المترابطة أمرًا بالغ الأهمية، كما يجب عدم تجاهل تدابير الأمن المادي، مثل حماية أجهزة إنترنت الأشياء من الوصول غير المصرح به والهجمات الإلكترونية.
وتحتاج المدن الذكية أيضًا إلى إضفاء الطابع الرسمي على نموذج الحوكمة الشامل الذي يوضح الأدوار والمسؤوليات لكل مكون في النظام البيئي.
المصدر:
Infosecurity: Securing Smart Cities of the Future