لم يعد الذكاء الاصطناعي ذلك الحلم المستقبلي الذي يداعب خيالنا بصور إبداعية ونصوص منمقة. بل أصبح واقعًا متغلغلًا في أدق تفاصيل حياتنا.
لكن خلف هذا البريق يتوارى وجه مظلم؛ حيث تحول هذا الابتكار الثوري إلى سلاح فتاك في أيدي مجرمي الإنترنت. مطلقًا العنان لموجة غير مسبوقة من تطبيقات وهمية التي تجتاح متاجر “أبل” و”جوجل”، وتهدد بياناتنا وأموالنا بنقرة زر واحدة.
في حين دقت شركة “DoubleVerify”، المتخصصة في تحليل البيانات والوسائط الرقمية، ناقوس الخطر في تقرير حديث. كاشفة عن ارتفاع هائل في أعداد التطبيقات المزيفة التي تستخدم الذكاء الاصطناعي لخداع المستخدمين وفرق المراجعة على حد سواء.
بينما يؤكد التقرير، الذي يرسم صورة قاتمة لمشهد أمن التطبيقات. أن الخطر لم يعد يقتصر على البرمجيات الخبيثة التقليدية، بل تطور ليصبح أكثر تعقيدًا وقدرة على التمويه. وفقًا لموقع “androidheadlines”.
التطبيقات المزورة
بحسب البيانات الصادمة التي كشفها التقرير ارتفع عدد تطبيقات نظام iOS المزورة التي تم رصدها إلى ما يقارب ثلاثة أضعاف مقارنة بالمتوسط في السنوات الخمس الماضية.
وهذا التصاعد المقلق يأتي على الرغم من الجهود الحثيثة التي تبذلها شركة “أبل” لتدقيق وفحص التطبيقات. ففي أحدث تقارير الشفافية الصادرة عن عملاق التكنولوجيا، تم رفض ما يقارب 1.93 مليون تطبيق خلال هذا العام لعدم استيفائها معايير متجر التطبيقات، في ارتفاع عن 1.76 مليون تطبيق تم رفضه العام السابق.
أما في معسكر “أندرويد” فيبدو الوضع أكثر خطورة. إذ رصد تقرير “DoubleVerify” تطبيقات احتيالية عبر منصة “جوجل” للأجهزة المحمولة بمعدل يقترب من ستة أضعاف المتوسط خلال نفس الفترة.
هذا الفارق الكبير يسلط الضوء على التحديات الجمة التي تواجه بيئة “أندرويد” الأكثر انفتاحًا.
سلاح الذكاء الاصطناعي
تكمن الخطورة الأكبر في أن هذه التطبيقات الخبيثة لم تعد بتلك السذاجة التي كان من السهل كشفها.
وبفضل تقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدي أصبح بإمكان مطوري البرمجيات الخبيثة تصميم تطبيقات بواجهات احترافية وجذابة، وكتابة أوصاف مقنعة، بل حتى توليد آلاف التقييمات والمراجعات الوهمية التي تبدو حقيقية بشكل مخيف.
هذه القدرة على المحاكاة الدقيقة تجعل من الصعب على المستخدم العادي، وحتى على خوارزميات وأنظمة المراجعة الآلية في متاجر التطبيقات، التمييز بين التطبيق الحقيقي والنسخة الاحتيالية المصممة لسرقة البيانات الشخصية، أو أرقام بطاقات الائتمان، أو حتى التحكم بالهاتف عن بعد.
بينما تجاوزت التهديدات مجرد سرقة البيانات أو تحميل “أحصنة طروادة”. فمع دخول الذكاء الاصطناعي على الخط أصبحت البرمجيات الخبيثة قادرة على التكيف والتعلم، وتغيير سلوكها لتجنب الكشف. ما يجعل معركة الأمان الرقمي أكثر شراسة من أي وقت مضى.
كيف تحمي نفسك في هذا العالم الرقمي الملغوم؟
أمام هذا التهديد المتصاعد يقدم الخبراء مجموعة من النصائح الأساسية التي يجب على كل مستخدم اتباعها لتعزيز أمنه الرقمي:
– التمسك بالمتاجر الرسمية: القاعدة الذهبية هي عدم تنزيل أي تطبيق إلا من متجري “App Store” و”Google Play” الرسميين، وتجنب المتاجر الخارجية أو روابط التحميل المباشرة.
– كن محققًا قبل التثبيت: لا تكتفِ بالوصف البراق وعدد التنزيلات. خذ دقيقة لمراجعة تعليقات وآراء المستخدمين الآخرين.
وغالبًا ما تكشف المراجعات الحقيقية عن المشاكل وعمليات الاحتيال. فابحث عن التعليقات التي تصف مشاكل فنية أو سلوكًا مريبًا للتطبيق.
– انتبه للأذونات المطلوبة: قبل تثبيت أي تطبيق راجع بعناية الأذونات التي يطلبها. هل يحتاج تطبيق “مصباح يدوي” حقًا الوصول إلى جهات الاتصال والميكروفون؟ إذا كانت الأذونات لا تتناسب مع وظيفة التطبيق، فهذه علامة خطر واضحة.
– تحديث نظام التشغيل والتطبيقات: احرص دائمًا على تحديث نظام تشغيل هاتفك وتطبيقاتك بانتظام. حيث تتضمن التحديثات غالبًا سدًا للثغرات الأمنية التي قد يستغلها المحتالون.
– تجاهل التحذيرات المتكررة: إذا ظهرت تحذيرات متكررة من أنظمة الأمان على هاتفك بخصوص تطبيق معين فلا تتجاهلها. بل عليك إلغاء تثبيت التطبيق المشبوه فورًا.