تجميع الطاقة الشمسية الفضائية.. هل يصبح الخيال العلمي حقيقة؟

تجميع الطاقة الشمسية الفضائية
المصدر: وكالة الفضاء الأوروبية

كتب كاتب الخيال العلمي الأمريكي “إسحاق أسيموف” لأول مرة عن تجميع الطاقة الشمسية من الفضاء عام ١٩٤١. وذلك في قصة قصيرة بعنوان “السبب”.

كيفية تجميع الطاقة الشمسية من الفضاء؟

ثم في سبعينيات القرن الماضي، خلصت دراسات أجرتها ناسا إلى أنه على الرغم من غرابة الأمر، إلا أن هناك عوائق تكنولوجية واقتصادية كبيرة.

فيما أجرى جون مانكينز، الفيزيائي السابق في ناسا والمؤيد للطاقة الشمسية الفضائية. دراسة أخرى في تسعينيات القرن الماضي أشارت إلى أن الفكرة أصبحت أكثر عملية. بفضل التقدم في الخلايا الشمسية وغيرها من التقنيات.

 

ارتفاع قياسي في عدد محطات الطاقة الشمسية المنزلية بألمانيا

 

ويقول: “لقد كان تغييرًا في جدوى المشروع من تريليون دولار إلى 100 مليار دولار، ولكن لم يكن ذلك العصر الذي اهتم فيه أحدٌ بذلك.

كما يقول “مانكينز” إن الطاقة الشمسية الفضائية كانت مثيرة للجدل بشكل غير عادي قبل 30 عامًا. إما أن الناس أحبوها وأيدوها بشدة، أو كرهوها بشدة.

في حين إن تجميع الطاقة الشمسية في المدار وإرسالها إلى الأرض فكرة راسخةٌ منذ عقود. والآن، تعلن مجموعةٌ من الشركات عن إمكانية تحقيقها أخيرًا.

حيث إنه في ملعب كرة قدم أمريكية بولاية فلوريدا، أجري اختبارٌ غير مألوف في مارس الماضي. هنا، لم تكن كرات القدم هي التي تُقذف، بل أشعة ضوئية تمتد على طول الملعب.

واستمرت أشعة الضوء المركزة لبضع دقائق، حيث انطلقت من باعث على أحد جانبي الملعب في ملعب جاكسونفيل جاغوارز، ثم جمعت على شاشة على الجانب الآخر.

جمع الضوء من الشمس

ثم أشعل بواسطة عدسات كبيرة على الأرض، كعدسة مكبرة، يبلغ ارتفاع كل منها حوالي 1.2 متر.

يقول أندرو راش. الرئيس والمدير التنفيذي لشركة ستار كاتشر، ومقرها فلوريدا، والتي أجرت الاختبار. إن كاتشر هي واحدة من بين عدة شركات حول العالم تطوّر تقنيات الطاقة الشمسية الفضائية.

في الوفت نفسه فإن هذا المفهوم ظلّ عالقا بين الواقع والخيال العلمي لعقود.

وتتمثل الفكرة في تزويد الأرض بطاقة نظيفة وفيرة من خلال التقاط ضوء الشمس في الفضاء وتوجيهه إلى الأرض أو أقمار اصطناعية أخرى.

على النقيض من ذلك، فإن الألواح الشمسية على اليابسة محدودة بالغلاف الجوي والطقس ودورة الليل والنهار على الأرض.

كل هذا يؤثر على كمية ضوء الشمس التي تستطيع هذه الألواح امتصاصها، حيث تقوم بتصفية كميات متفاوتة من إشعاع الشمس قبل وصوله إلى مستوى الأرض.

 

5 أشياء يجب مراعاتها قبل شراء الألواح الشمسية

 

أما في الفضاء، فمن الممكن جمع ضوء الشمس على مدار الساعة تقريبًا بكفاءة أعلى بكثير.

من جانبه، يقول ديفيد هومفراي، المؤسس المشارك والمدير التقني لشركة سبيس سولار البريطانية: “أتذكر أنني أخبرت والدي بهذا الأمر، فرأى أنني مجنون بعض الشيء”.

لكن دولًا عديدة، منها المملكة المتحدة والولايات المتحدة واليابان والصين تستثمر الآن في هذه التقنية.

ويرجع هذا إلى حد كبير إلى كثافة الطاقة الأعلى  أكثر من 10 مرات أعلى التي تتمتع بها الطاقة الشمسية المستندة إلى الفضاء. وذلك مقارنة بتلك المستندة إلى سطح الأرض، ويمكنها تحويل كمية أكبر بكثير من طاقة الشمس إلى كهرباء.

استبدال الوقود الأحفوري

من المرجح أن يتطلب الأمر مجموعات ضخمة من الأقمار الاصطناعية، وهو أمر قد يكون مثيرًا للجدل، ويصعب تشغيله بأمان، ويتطلب إطلاق عدد كبير من الصواريخ لبنائه.

إضافةً إلى ذلك، هناك أشكال أرخص وأسهل من الطاقة المتجددة يمكن تشغيلها بسرعة أكبر،  وهو أمر مهم بالنظر إلى الحاجة إلى استبدال الوقود الأحفوري ببدائل أكثر مراعاةً للبيئة. إذا ما أراد العالم أن ينعم بأي أمل في السيطرة على الاحتباس الحراري.

مع ذلك، يعتقد البعض أن فوائد بناء محطات الطاقة الشمسية في الفضاء تفوق بكثير عيوبها.

نقل الطاقة

على سبيل المثال، يحرص الجيش الأمريكي بشدة على تقنية تمكّنه من نقل الطاقة إلى أي مكان في العالم عند الطلب.

مما يساعد في التغلب على إحدى المشكلات الرئيسية التي تواجهها ساحات المعارك الحديثة. ولكنها قد تكون بنفس القدر من الفائدة في أعقاب الكوارث أو للمجتمعات الريفية.

تعمل الطاقة الشمسية الفضائية بشكل مشابه جدًا للطاقة الشمسية على الأرض حيث تحول الألواح ضوء الشمس إلى كهرباء.

لكن بميزة كبيرة واحدة: وجودها فوق الغلاف الجوي. هذا يعني أن هذه الألواح قادرة على جمع ضوء الشمس الذي لم يصفَّى من خلال الغازات والغيوم التي تحيط بكوكبنا.

في الوقت نفسه يعكس الغلاف الجوي حوالي 30% من الطاقة التي تصل إلى كوكبنا، بينما يمتص حوالي ربعها قبل أن تصل إلى سطح الأرض.

علاوة على أنه يمكن للألواح الشمسية الفضائية تجنب هذا التأثير، ولكنها تستطيع البقاء في ضوء شمس شبه ثابت إذا وضعت في المدار الصحيح.

بمجرد تجميعها، يمكن نقل هذه الطاقة إلى الأرض على شكل موجات دقيقة أو أشعة ليزر، حيث تلتقطها هوائيات أرضية ضخمة تُحوّلها إلى كهرباء قابلة للاستخدام.

ولكن، لتحقيق جدوى اقتصادية، يجب على كل قمر صناعي توليد وإرسال كميات هائلة من الطاقة بمقياس جيجاواط ، مما يتطلب تجميع مصفوفات ضخمة في المدار.

أخيرًا، لم تكشف الشركة بعد عن أي تفاصيل حول أداء نظام نقل الليزر بالأشعة تحت الحمراء في الاختبارات التي تجرى على الأرض.

المصدر: bbc

الرابط المختصر :