عصر تعلّم الآلة Learning Machine ؟
بقلم: المهندس هاشم بن كامل القرشي – باحث ومطور في مجال هندسة نظم المعلومات
يُعد الذكاء الصناعي Artificial Intelligence أحد أهم سمات القرن الواحد والعشرين؛ حيث يسعى المختصون والباحثون إلى الارتقاء بمهارات الحاسب الآلي Computer ليكون منافسًا للعقل البشري، فيعملون على توسيع نطاق الذكاء الصناعي من مجرد برمجة الآلات والروبوتات والتحكم بها ذاتيًا عبر الكمبيوتر، إلى ما هو أبعد من ذلك.
يطمح المتخصصون في مجال الذكاء الصناعي إلى أن توصيل قدرة الكمبيوتر إلى مستوىً يمكنه من التعرف على محيطه وتحليل معطياته؛ وبالتالي اتخاذ قراراته بنفسه، دون تدخل بشري؛ إذ تمكن العلماء بالفعل من تحقيق ذلك عمليًا من خلال ما أسموه بعلم تعلّم الآلة Science of Machine Learning الذي يعتمد أساسًا على وضع خوارزميات معلوماتية تعمل بما يشبه الجهاز العصبي في الإنسان، بها كم هائل من المعلومات التي تحدد أهم الاحتمالات وأفضل الإجابات والقرارات التي يمكن للكمبيوتر اتخاذها إذا ما وُجِّه إليه سؤال أو طُلب منه أداء مهمة ما.
تطبيقات المحادثة الذكية
ويتضح هذا الأمر جليًا عند تعاملنا مع تطبيقات المحادثة الذكية AI Chatbots التي تقدم الخدمات الرئيسة، وتجيب على أسئلتك الأولية، كما هو الحال في البنوك وشركات الاتصالات ومواقع التجارة الإلكترونية؛ حيث يتسع انتشارها واستخدامها بشكل متسارع في المؤسسات والقطاعات الأخرى؛ إذ يعد الكمبيوتر واطسون IBM Watson Computer من أهم أمثلة الإنجاز العلمي في مجال تعلم الآلة؛ لاستطاعته التفاعل مع الأسئلة الموجهة إليه بلغة بشرية طبيعية جدًا واستيعابها، ثم الإجابة عنها صوتيًا بأسلوب بشري بحت.
البحث عن البيانات
وعلى الرغم من هذا الإنجاز الجبار، إلا أن العلماء والمتخصصون في هذا المجال يتوقون إلى مزيد من التقدم، بجعل الكمبيوتر يبحث عن البيانات وينقب عن المعطيات ويوجد المعلومات من تلقاء نفسه، دون تقديمها إليه سلفًا؛ ما يؤدي مستقبلًا إلى تقليص فرص التدخل البشري في عمل الكمبيوتر بشكل شبه كلي.
وعلى الرغم من الفائدة الهائلة التي ستعم على الإنسانية بفضل التقدم في مجال الذكاء الصناعي وفرعه تعلّم الآلة- بالارتقاء بمستوى الخدمات، وتوفير الوقت والمجهود المبذولين في إجراء المعاملات المختلفة، وتحول أساليب العمل إلى معدل أعلى من الحرفية مع أدنى احتمال للخطأ، وتوفير مبالغ طائلة جرَّاء الاستغناء عن الأيدي العاملة البشرية وما يرتبط بها من توفير لنفقات التدريب والتأمين الصحي والاجتماعي وغيرهما- إلا أن ذلك التقدم الرهيب يحمل في كفته الأخرى كوارث على الصعيد الإنساني، تتمثل في تقليص فرص العمل، وتسريحٌ الأيدي العاملة البشرية، وزيادة معدلات البطالة؛ وبالتالي الإضرار بآلاف الأسر التي لن تجد مصدرًا تعيش منه، فضلًا عن فقدان الروح البشرية التي تتسم بالسماحة والسلاسة والتعاطف والبشاشة في التعامل.