تشغل السيارات حيزًا كبيرًا من الاهتمام العالمي من الشباب إلى المصنعين مرورًا بمحبي الاقتناء وغيرهم. ولكن هل تساءلت قبل ذلك كيف بدأت صناعة السيارات حول العالم؟ وما هي تاريخها؟ وكيف وصلت إلى هذا الحد من الكمال والجمال. يمكننا في هذا المقال الغوص في تاريخ صناعة السيارات، وتتبع شغف الناس بصناعتها وتطويرها حول العصور المختلفة.
عربات تجرها الخيول أو الحيوانات
كانت العجلات والعربات التي تجرها الخيول والحيوانات معروفة منذ فجر التاريخ البشري في نشاطات مثل النقل والزراعة وحتى الحروب، ولكن ما كان يحلم به الإنسان دومًا هو أن تكون هذه المركبات غير معتمدة على الحيوانات في الحركة والسفر. في هذا السياق، يعتبر المحرك هو حجر الأساس في تطوير تلك المركبات.
الفكرة لم تكن جديدة على البشرية
لا يمكننا نسب فكرة اختراع السيارات إلى شخص بعينه عبر التاريخ، ولكنها فكرة قديمة جدًا. فلقد ذكر (هوميروس) فكرة السيارات في ملحمة الإلياذة؛ إذ وصف مركبات تتحرك ذاتيًا دون أن تجرها أحصنة.
وتبعه ليوناردو دافنشي في القرن 15 في محاولة صنع مركبات ذاتية الحركة أيضًا. بينما في عام 1760 اقترح كاهن سويسري يدعى J.H. Genevois استخدام طواحين الهواء في دفع السيارات؛ إذ يتم ربط الطواحين بالعجلات عن طريق تروس. ولم تتوقف محاولات البشر لصنع سيارات ذاتية الحركة عند هذا الحد. فلقد اقترح المخترع الفرنسي Vaucanson de Jacques استخدام ميكانيكية الساعة (النوابض والتروس) في دفع السيارات بالطرقات.
محركات الهواء والغاز
ويعتبر Otto von Guericke الألمان أول من اخترع المحركات العاملة بالهواء. ويعد أيضًا هو أول من أدخل مفهوم المكابس المعدنية (pistons) وأعمدة التوصيل في صورة أولية بدائية من محركاتنا اليوم. وتم تسجيل اختراع محرك الهواء المضغوط بإنجلترا في عام 1799، وكان من المزمع نشر محطات تعبئة الهواء المضغوط في أنحاء البلاد بحلول عام 1832.
لم تتوقف المحاولات عند ذلك ففي عام 1807 قام المخترع الفرنسي Philippe Lebon باستخدام غاز الفحم كوقود وهو أول من اقترح استخدام الشرارة الكهربية لإشعال الوقود داخل المحرك.
عصر البخار
يتفق كثير من المؤرخين بأن البداية الحقيقية للسيارات الحديثة كانت على يد المخترع الفرنسي Nicolas-Joseph Cugnot . صمم Cugnot عام 1769 ميلادية سيارة ثلاثية العجلات وتعمل بالبخار. كما تمكنت السيارة من حمل أربعة أشخاص والعمل لمدة 20 دقيقة بسرعة تصل إلى 3.6 كم /ساعة. وبعد ذلك توقفت السيارة لمدة 20 دقيقة أخرى لتجميع بخار قادر على تحريكها مجددًا. ويحتفظ متحف تاريخ الفنون والحرف بباريس بنسخة من تلك السيارة بين جنباته. واستمر العمل على المحركات البخارية في كل من فرنسا وإنجلترا حتى إنه كانت هناك حافلات تعمل بالبخار تجوب شوارع باريس بحلول عام 1800 ميلادية.
سيارات بخارية سريعة
اعتمد السير Goldsworthy Gurney، وهو أول منشئ عربات بخارية ناجح تجاريًا، في تصميمه على غلاية ذات كفاءة عالية. وكان نموذجه الثاني من السيارات البخارية تزن 1360 كجم، ويعد هذا الوزن خفيفًا نسيبًا لما عاصره من مركبات. وكانت تلك السيارة قادرة على حمل ستة أشخاص واستطاع Gurney القيام برحلات يصل طولها إلى 135 كم في وقت تشغيل قدره 9 ساعات و30 دقيقة وسجل ذات مرة سرعة 27 كم في الساعة.
استخدمت تلك السيارات للعامة في أربع رحلات يومية ذهابًا وإيابًا. وكانت في أحسن الظروف يمكنها قطع مسافات تصل إلى 15 كم في 45 دقيقة. كما يمكن أن تتخيل حجم هذه الخدمة إذا علمت أنه بين 27 فبراير و22 يوليه من عام 1831 قامت سيارات Gurney بنقل 3000 مسافر لمسافات مجموعها 6400 كم. بمقاييس ذلك العصر كانت الأرقام خرافية.
عيوب قاتلة في السيارات البخارية
كانت تلك السيارات شديدة الجلبة والضوضاء وتبعث الكثير من الدخان ومدمرة للطرق وخطيرة على المارة والحيوانات، وكان من الطبيعي أن يجد مشغلوها أن الطريق مسدود بواسطة شجرة أو حجر. بالإضافة إلى ذلك كانت الغلايات قابلة للانفجار في أي لحظة. كانت كل تلك العيوب من بين أهم الأسباب بعد الناس عن السيارات البخارية في بادئ الأمر والبحث عن بدائل.
بداية السيارات الكهربية
يعتقد البعض أن تكنولوجيا السيارات الكهربية تنتمى إلى القرن الواحد والعشرين. ولكن الحقيقة بأنه في بداية القرن العشرين كان 40% من السيارات في الولايات المتحدة تعمل بالبخار و38% بالكهرباء و22% بالجازولين أو محركات الاحتراق الداخلي.
كانت تمتلك السيارات الكهربية نقاط قوة عديدة مقارنة بمثيلاتها من السيارات البخارية أو العاملة بالجازولين. من تلك النقاط الهدوء أثناء التشغيل والتسارع الجيد مقارنة بأقرانها وقلة اهتزازها وقلة الصيانة اللازمة للتشغيل. بالإضافة إلى ذلك كانت تلك السيارات سريعة.
وفي هذا السياق، كانت أول سيارة تخترق حاجز سرعة 100 كم /ساعة سيارة كهربية، وهي سيارة Camille Jenatzy’s La Jamais Contente, 1899 ومازالت تحتفظ تلك السيارات بنفس المميزات تقريبًا حتى تلك اللحظة مقارنة بمنافسيها من سيارات الجازولين والديزل.
تطوير سيارات الجازولين
وترجع فكرة الأشواط الأربع في المحرك، والتي تبنى عليها الآن معظم المحركات الحديثة اليوم، إلى اختراع المهندس الفرنسي Alphonse Beau de Rochas ويعتبر كل من الألمانيين Karl Benz و Gottlieb Daimler الرواد الأوائل لتطوير السيارات التي تعمل بمحركات الاحتراق الداخلي أو الجازولين. حيث نجح Benz في تشغيل محركه عام 1885، بينما Daimler نجح في تشغيل محركه بعدها بعام واحد.
ومنذ ذلك الحين ويجرى تطوير محركات الاحتراق الداخلي على قدم وساق.
المصادر