كيف تقدمت تقنية النانو على مر السنين؟

تأتي تكنولوجيا النانو في طليعة التقدم التكنولوجي الحديث، ويفترض أن تكون التكنولوجيا المبتكرة التي ستمكن أجهزة الكمبيوتر والترانزستورات من مواكبة قانون “مور” المشهور، كما ستحدث ثورة في الطب والعلاج الحديث.

بداية تكنولوجيا النانو

تتمثل الأمثلة الأولى لتكنولوجيا النانو التي يستخدمها البشر بمواد مبتكرة تم إنشاؤها لأغراض محددة، وأقرب مثال للجسيمات النانوية التي يتم استخدامها في الإنشاء المادي للكائن هو من زجاج Lycurgus، الذي يعود تاريخه إلى القرن الرابع؛ حيث تم غمر الذهب والفضة الغرويين في كأس زجاجي ما يجعله داكنًا باللون الأخضر والأحمر اعتمادًا على مصدر الضوء الذي يضربه.

ويعد كلٌ من الذهب الغروي والفضة عبارة عن جزيئات نانوية لا تزال تُستخدم اليوم للعديد من خصائصها المفيدة، ومع ذلك، لا يزال هذا الاستخدام المبكر للجسيمات النانوية في تصميم المواد الزجاجية قائمًا.

كان معظم الابتكارات المحيطة بالجسيمات النانوية بطيئة، مع الأخذ في الاعتبار أن البشر ليس لديهم طريقة سهلة لفحص هذه الجسيمات أو حتى فهم أنها موجودة إلى حد أكبر.

وتم استخدام الجسيمات النانوية في الزجاج الخزفي حتى القرن السابع عشر؛ حيث كانت إلى حد كبير في شكل جزيئات نانوية فضية أو نحاسية، وأعطت هذه الإضافات الزجاج اللمعان المعدني الذي لا يمكن إنشاؤه مع أي زجاج آخر في ذلك الوقت.

اكتسب الحرفيون أيضًا، خلال هذه الفترة الطويلة من التطوير، المزيد من المعرفة في العمل مع المواد التي تحتوي على جزيئات نانوية لصنع ألوان غنية في النوافذ الزجاجية الملون.

وتم استخدام الجسيمات النانوية بعيدًا عن هشاشة الزجاج والسيراميك، في تطوير السيف الدمشقي بين القرنين الثالث عشر والثامن عشر، وكان الحرفيون الذين كانوا يضعون طبقات مختلفة من الفولاذ معًا في عملية تصنيع هذه السيوف يصنعون الأنابيب النانوية الكربونية دون علم، ما يجعل السيوف قوية بشكل لا يصدق بينما تكون أيضًا خفيفة للغاية.

كانت جميع استخدامات هذه التكنولوجيا النانوية في المقام الأول  تعتمد على أيدي الحرفيين المهرة، وصنع أفضل المواد في العالم من خلال عمليات مصقولة، ولم يبدأ تطوير تقنية النانو يتسارع بالفعل حتى منتصف القرن التاسع عشر، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى الابتكارات الجديدة.

كيف دخلت تقنية النانو إلى العصر الحديث؟

في عام 1857، اكتشف عالم معروف باسم “مايكل فاراداي” الذهب الغروي لأول مرة، وعلى الرغم من أنه تم استخدام الذهب الغروي في المواد لعدة قرون من قبل، إلا أن هذه المرة كانت هي الأولى التي يتم فيها عزله وملاحظة إنتاجه لألوان مختلفة في ظروف إضاءة مختلفة، ومع ذلك، مضى 80 عامًا آخر قبل أن يتمكن أي شخص من فحص هذه الجسيمات النانوية مباشرة.

في عام 1936، اخترع “إروين مولر” مجهر الانبعاث الميداني في مختبر أبحاث سيمنز، وكان هذا المجهر هو الأول الذي أتاح تصوير المواد عند المستويات شبه الذرية، وكانت هذه بمثابة خطوة مهمة نحو القدرة على فحص الجسيمات النانوية على النطاق الذي توجد فيه، وبحلول عام 1950، طور باحثان نظرية قوية حول كيفية زراعة المواد الغروية في المختبر؛ فكانت هذه هي الخطوة الأولى في القدرة على إنشاء المواد النانوية بطريقة مضبوطة وحازمة؛ وأدى ذلك في نهاية المطاف إلى استخدام المواد الغروية في الدهانات والأفلام والورق.

وفي عام 1951، تم اكتشاف المجهر الذي كان له تأثير في أبحاث تكنولوجيا النانو؛ إذ اخترع إروين مولر مجهرًا آخر، هذه المرة أتاح المجهر تصوير الطريقة التي تم بها ترتيب الذرات؛ حيث تم استخدامها أولًا لتصوير ذرات التنجستن.

بعد وقت قصير من هذه التطورات في المجاهر الذرية اكتشف المهندسون طرقًا للتعامل مع الهياكل الجزيئية، وكان آرثر فون هيبل؛ الباحث في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، هو الذي صاغ مصطلح الهندسة الجزيئية، وعمل في العوازل، والأجهزة الإلكترونية الصغيرة الأخرى، مستخدمًا الهندسة الجزيئية في تطوير الترانزستورات.

شكّل اختراع هذه المجاهر الجزيئية أكبر تحول في تطوير تقنية النانو، وبحلول عام 1958، تم اختراع الدائرة المتكاملة بمساعدة تقنية النانو، وأعطى ريتشارد فاينمان؛ بحلول عام 1959، أول محاضرة في التكنولوجيا التي تعمل على المستوى الذري، والتي ميزت تاريخيًا بداية تطور تقنية النانو.

كان أول مجهرين تم تطويرهما بواسطة Müller أساسيان في بدء أول عمل لتقنية النانو، ولكن في عام 1981، طور Gerd Binnig وHeinrich Rohrer مجهر المسح النفقي وبذلك غيرا المجال إلى الأبد؛ حيث كان هذا المجهر هو الأول الذي سمح للعلماء برؤية صور الذرات، وفاز العالمان بجائزة نوبل عام 1986.

في وقت لاحق في عام 1986، اخترع جيرد بينيج؛ الذي يعمل الآن مع كالفين كوات وكريستوف جيربر؛ مجهر القوة الذرية، والذي يمكنه قياس المواد ومعالجتها حتى جزء نانومتر في الحجم، ما يعني أن المهندسين والعلماء يمكنهم الآن فحص القوى الموجودة في الجسيمات النانوية.

وأدى كل هذا التطور على مدى 1500 عام الماضية إلى النقطة في عام 1989؛ حيث تلاعب دون إيجلر وإرهارد شويتزر بـ 35 ذرة فردية لأول مرة في التاريخ، وتمكنوا من جعل الذرات توضح شعار IBM، ما يشير إلى بداية استخدام تقنية النانو التطبيقية، أو معالجة الذرات لمصلحتنا.

تعمل تقنية النانو اليوم، في العديد من الصناعات التي نتعامل بها كثيرًا بشكل يومي، من أجهزة الكمبيوتر إلى مستحضرات التجميل؛ لذلك يجب أن نشكر العلماء على هذه الاختراعات المبكرة لجميع ابتكارات تكنولوجيا النانو التي حدثت وكل ما من المؤكد أنها ستحدث.

الرابط المختصر :
اترك رد