طاقة المستقبل النظيفة.. الهيدروجين الأخضر بواسطة الذكاء الاصطناعي

الهيدروجين الاخضر طاقة نضيفة للمستقبل
الهيدروجين الاخضر طاقة نضيفة للمستقبل

في تطبيق جديد وواعد، أقدم علماء من جامعة Toronto، على استخدام الذكاء الاصطناعي لإيجاد محفز كيميائي لتسريع توليد وقود الهيدروجين الأخضر.

اللافت في تلك العملية أنها توفر آلاف التجارب والعديد من السنوات التي كانت تستهلك في الماضي لإجراء هذه البحوث بالصورة التقليدية.

الهيدروجين الأخضر

يعد الهيدروجين أوفر العناصر في الكون ويتشارك مع الأكسجين، بنسبة ذرتين هيدروجين إلى ذرة أكسجين، في تكوين الماء والذي يمثل 71 % تقريبًا من سطح الكرة الأرضية.

ويمكن الحصول على الهيدروجين بطرق عدة منها استخراجه من تفاعل بخار الماء مع الغاز الطبيعي في عملية تعرف باسم إصلاح الغاز الطبيعي.

وتنتج هذه العملية ثاني أكسيد الكربون وهو من الغازات الدفينة التي تسبب احترار كوكب الأرض.

كما يمكن أيضًا استخراجه من عملية التحليل الكهربي للماء؛ حيث ينتج كلا من الهيدروجين والأكسجين وهي عملية صديقة للبيئة غير أنها مكلفة اقتصاديًا.

أيضا يمكن إنتاجه من التحليل الحراري للمواد الكيميائية كتحلل الأمونيا أو المواد العضوية الأخرى حراريًا.

ويطلق مصطلح الهيدروجين الأخضر على ذلك الهيدروجين المنتج بوسائل ومواد غير مضرة بالبيئة وكذلك من مصادر متجددة. أي أن الهيدروجين الأخضر صديق للبيئة ومتولد من طاقة متجددة.

الهيدروجين كوقود

يشتعل الهيدروجين بفرقعة وينتج حرارة وماء ولا يمثل حرق الهيدروجين الحل الأمثل للحصول على الطاقة منه.

كما يمكن استخدام نظائر الهيدروجين، عناصر تحتوي نواتها علي نفس عدد البروتونات ، لكنها تحتوي على نيوترونات أكثر، مصدرًا للطاقة النووية الاندماجية.

بينما تعد خلايا الوقود وسيلة مباشرة لتوليد الطاقة الكهربية من الهيدروجين. وتعد خلايا الوقود من أهم التكنولوجيات الواعدة للسيارات والطيارات الكهربية؛ حيث تتميز بتوليد الكهرباء عند الحاجة إليها.

وتقلل هذه الطريقة من عدد البطاريات المطلوبة لاحتفاظ بالطاقة اللازمة لتشغيل السيارة. وهو ما يحد من التلوث البيئي الناشئ عن تعدين المواد الخطرة، مثل الكوبلت، المستخدمة في إنتاج بطاريات الليثيوم على سبيل المثال.

غير إن ما يحد استخدام خلايا الوقود الآن هو إنتاج وحفظ ونقل الهيدروجين نفسه كوقود بصورة آمنة ومتوافقة مع البيئة واقتصادية في الوقت نفسه. ولكن الدراسات والأبحاث مستمرة وقد أحرزت بالفعل الكثير من التقدم.

التحليل الكهربي للماء لانتاج الهيدروجين
التحليل الكهربي للماء لانتاج الهيدروجين

توليد الهيدروجين الأخضر

يعد التحليل الكهربي للماء بتمرير التيار الكهربي عبر معدنين معلقين في الماء من أهم الطرق وأكثرها شيوعًا لتوليد الهيدروجين من الماء. ويمكن في هذه الحالة النظر للهيدروجين كأداة لحفظ الطاقة المتجددة.

وتحتاج هذه الطريقة كميات كبيرة من الكهرباء، إلى جانب المعادن الباهظة الثمن، لإنتاج الهيدروجين. ومن الممكن أن يؤدي إدخال محفز كيمائي المضاف إلى الماء لزيادة كفاءة العملية وفاعليتها من حيث التكلفة.

ما الجديد؟

طور فريق بحثي بجامعة Toronto، بقيادة طالب الدكتوراه جهاد عابد، برنامج ذكاء الاصطناعي وتدريبه على أكثر من 36000 تركيبة من أكسيد المعادن المستخدمة كعوامل محفزة كيميائية.

وكان الغرض من ذلك هو تحديد سبيكة فعالة لتحفيز إنتاج الهيدروجين. حيث أجرى الذكاء الاصطناعي عمليات محاكاة عديدة على هذه التركيبات لتحديد أي منها سيكون الأكثر كفاءة واستقرارًا ومتانة طوال عملية الإنتاج.

ويمكن باستخدام التباديل والتوافيق بين تلك التركيبات الحصول على مليارات النتائج من التركيبات النهائية لأكاسيد المعادن التي يمكن استخدامها كمحفزات.

ومن البديهي لتصنيع واختبار تلك المركبات في الحياة الواقعية، أن يستغرق الكثير من الوقت والمال ومجهود الباحثين.

ولتصنيع سبيكة تلبي الشروط التي أرادها الباحثون يستغرق منهم الأمر سنوات، ولكن توصل الذكاء الاصطناعي إلى مرشح قوي في غضون أيام، كما أشار “عابد”.

حيث تمكن البرنامج من تحديد سبيكة مكونة من نسب محددة من الروثينيوم  (Ru) والكروم (Cr) والتيتانيوم (Ti). وتبين أن هذه السبائك أكثر استقرارًا وديمومة بنحو عشرين مرة، من المعادن المستخدمة سابقًا بواسطة فريق البحث.

ويشرح “عابد” في الفيديو التالي الفكرة والإنجاز الأخير باستخدام الذكاء الاصطناعي.

اختبار النتائج

بمجرد أن حدد الذكاء الاصطناعي سبيكة المحفز المثالية، استخدم الباحثون الأشعة السينية فائقة السطوع لتقييم أدائها في أثناء التفاعل.

وأجريت الاختبارات والتجارب في Canadian Light Source، وهي منشأة بحثية في جامعة Saskatchewan مجهزة بمسرع synchrotron يقال إنه “أكثر سطوعًا بمليارات المرات من الشمس“.

مكنتهم هذه التجربة من ملاحظة “كيف تتغير الترتيبات الذرية، للمحفز الذي تم ترشيحه بواسطة الذكاء الاصطناعي، وكيف تستجيب هذه التركيبات لكمية الكهرباء التي يتم ضخها في النظام. وقد أثبتت التجربة بأن التركيبة المقترحة كانت خيارًا قويًا لإنتاج الهيدروجين الأخضر.

هل سيكون قابلًا للتوسع؟

وفي ذات السياق ستكون الخطوة التالية بالطبع هي اختبار السبائك في ظل ظروف توليد الهيدروجين بالعالم الحقيقي. ومحاولة معرفة ما إذا كانت تؤدي الغرض المطلوب.

وهذا من شأنه أن يجعل الهيدروجين الأخضر خيارًا أكثر جدوى كوقود نظيف. وهو أحد التطورات العديدة الأخيرة في إنتاج الهيدروجين بمختلف أنحاء العالم.

وتتلاحق الجهود على مستوى العالم لإنتاج وتخزين هيدروجين أخضر بطرق مختلفة. فعلى سبيل المثال، توصل العلماء في معهد   RMIT الأسترالي إلى عملية فعالة ومنخفضة التكلفة لتوليد الهيدروجين الأخضر باستخدام مياه البحر وعامل حفَاز جديد في العام الماضي. وهناك أيضًا طريقة أغشية تبادل البروتون التي تم ابتكارها  مؤخرًا لإنتاج الهيدروجين بتكلفة زهيدة .

ومن المحاولات الجديرة بالذكر لتخزين الهيدروجين، ما نشرته مجموعة من العلماء السويسريين. إذ تمكن الفريق من ابتكار طريقة لتخزين الهيدروجين لأشهر بكفاءة عالية. واستخدام الحديد والماء فقط،  لتخزين الهيدروجين لعدة أشهر دون فقده في الغلاف الجوي.

طريقة التخزين باستخدام الحديد
طريقة التخزين باستخدام الحديد

 

ويمكن أن تتلخص هذه الطريقة بتوليد الهيدروجين في الصيف من الطاقة الشمسية الفائضة ومن ثم توليد الهيدروجين بها. ثم إدخال الهيدروجين إلى أكسيد الحديد المخزن في خزانات غير قابلة للصدأ. حيث يختزل الهيدروجين الحديد لإنتاج الماء. ومن ثم يبقى الماء والحديد داخل الخزان لحين تحرير الهيدروجين مرة أخرى عند الطلب. وتمثل هذه الطريقة طريقة رخيصة ومبتكرة لتخزين الطاقة إلى وقت الشتاء.

أدوات الذكاء الاصطناعي في مجال الأبحاث العلمية

ويتابع باحثو جامعة “تورنتو” ابتكارات برنامج  شركة DeepMind من العام الماضي. حيث ساعدت أداة GNoME AI في اكتشاف 2.2 مليون بلورة جديدة .

ويمكن استخدام هذه البلورات في الجيل القادم من الموصلات الفائقة وبطاريات السيارات الكهربائية.

وتؤكد كل هذه  الإنجازات باستخدام الذكاء الاصطناعي، على القدرة الرائدة والسرعة المذهلة التي يمكن أن تساعدنا بها تلك البرمجيات في العثور على مواد مفيدة لتكنولوجيا المستقبل.

ولا تقتصر تلك التطبيقات على البحث العلمي بل على الإنذار والسلامة أيضًا. وتشمل تلك التطبيقات الواعدة والجديرة بالملاحظة شبكات من الحساسات يمكنها أن تمنح السفن تحذيرًا لمدة 5 دقائق قبل ظهور الأمواج  العاتية القادمة من البحر، وفحص سرطان الثدي عند النساء بطريقة أكثر فاعلية.

 

 

 

 

 

 

الرابط المختصر :