يواجه كوكب الأرض الآن طلبًا متصاعدًا على الطاقة مع توقعات بزيادته في المستقبل، لكن يلزم ذلك حرقًا مكثفًا للوقود الأحفوري وما يصاحبه من مشكلات بيئية وإنسانية على مستوى الكوكب.
ومع تناقص المخزون العالمي من هذا الوقود والطلب المتزايد تلجأ الكثير من الدول المتقدمة إلى بدائل أخري للحصول على الطاقة، وخاصة الطاقة المتجددة.
المصدر الرئيس للطاقة على كوكب الأرض
الشمس هي المصدر الرئيس للطاقة على كوكب الأرض، ومنها تستمد النباتات الطاقة والتي تحولت فيما بعد إلى وقود أحفوري.
وتستمد الشمس طاقتها من الاندماج النووي بين ذرات الهيدروجين الذي يتواجد بكثرة في نواتها. بينما تعتمد المفاعلات النووية الحالية على انشطار العناصر المشعة الثقيلة مثل اليورانيوم و البلوتونيوم وتحويل المادة إلى طاقة. ومن ثم الاستفادة من تلك الطاقة في توليد الكهرباء.
تمثل الطاقة النووية الاندماجية آفاقًا جاذبة للأبحاث والتمويل لما تمثله من كثافة عالية للطاقة. كما تمثل عدم نتاج مخلفات نووية بعد التشغيل أحد الأسباب الجاذبة لمثل تلك الطاقات وفي نفس الوقت فإن تلك الطاقات غير باعثة للكربون.
معوقات الطاقة النووية على كوكب الأرض
لقد وضع العلماء آمال عدة في عملية الاندماج النووي منذ مدة بتوفير طاقة كهربائية غير محدودة تقريبًا وخالية من الكربون من العناصر الوفيرة التي تحدث بشكل طبيعي. ولكن منذ خمسينيات القرن العشرين، ظلت هذه العملية بعيدة المنال.
اقرأ أيضا: للمرة الأولى في العالم المفاعلات النووية للإيجار
ولكي تنتج الطاقة النووية يجب تعرية الذرات من إلكتروناتها ويحدث ذلك عند درجات حرارة عالية فيما يعرف بعملية التأين.
تتحول الذرات المتعادلة إلى أيونات موجبة وتسمى تلك الحالة من المادة باسم “البلازما”، وهي الحالة الرابعة من المادة.
ولكي يتم التفاعل يجب أن تحصر البلازما في أنابيب مفرغة من الهواء؛ حيث تتفاعل مع غازات الهواء وتكتسب إلكترونات وتبرد. ما يعني أنه يجب حصرها أيضًا بعيدًا عن الجدران.
ولحصر البلازما بعيدًا عن الجدران يجب إنتاج مجال مغناطيسي قوي. ويعد هذا من أهم المعوقات التي تحد من تطوير مفاعلات نووية اندماجية حتى الآن. غير أن الآمال معقودة بحل تلك المعضلة بواسطة الموصلات الفائقة.
الموصلات الفائقة وتيار بلا مقاومة
تتميز بعض المواد بخاصية أنها تستطيع توصيل التيار الكهربي بمقاومة تساوي الصفر تقريبًا. يسمح ذلك للتيار الكهربي المرور دون التأثيرات الحرارية المصاحبة له. ما يسمح بمرور عدد هائل من الأمبيرات من التيار. وتتحقق تلك الحالة من الموصلات الفائقة في درجات حرارة منخفضة للغاية تقترب من الصفر المطلق.
ويسعى العلماء لاستخدام الموصلات الفائقة في توليد المجال المغناطيسي اللازم لتوليد الطاقة النووية الاندماجية. حيث قامت شركة Tokamak Energy والتي يقع مقرها في oxfordshire بإنجلترا باستخدام مادة سيراميكية جديدة مكونة من أكسيد الباريوم والنحاس المطعم بالعناصر الأرضية النادرة. وتعمل المادة السيراميكية الجديدة كمصل فائق عند درجات الحرارة المنخفضة.
خصائص مغناطيسية فائقة
يقول عالم المواد المغناطيسية Greg Brittles معلقًا على تجرِبة طفو قرص من المادة الجديدة في الهواء فوق مغناطيس دائم: “ما ترونه هو ظاهرة الرفع المغناطيسي الفائق التوصيل. ويبدو ذلك كما لو كان سحرًا في العالم الحقيقي”.
وأردف قائلًا: “إن ما يميز المادة الجديدة هو أنها تصبح موصلة فائقة عند درجة حرارة مرتفعة نسبيًا، من منظور المواد الموصلة الفائقة؛ حيث تستطيع امتلاك خاصية التوصيل الفائق عند حرارة 200 درجة مئوية تحت الصفر. وهي درجة حرارة قريبة من درجة النيتروجين السائل؛ ما يجعلها أكثر فائدة.
كما تسمح لنا المغناطيسات الفائقة التوصيل بالوصول إلى حقول مغناطيسية أقوى مما أمكننا سابقًا. كما أنها تسمح لنا بالقيام بذلك في أجهزة أكثر حجمًا وإحكامًا. ويهدف العلماء في الشركة إلى إنتاج الطاقة من المفاعل بحلول عام 2040.
منافسة شرسة على الطاقة في كوكب الأرض
وتتنافس الكثير من الدول على الوصول الاندماج النووي. ففي السابق، لم يكن بوسع سوى عدد قليل من الشركات والكيانات في المملكة المتحدة وأوروبا والولايات المتحدة أن تحشد الأموال والمهارات اللازمة للتجريب في مجال الاندماج النووي.
اقرأ أيضا: لم يسبق رؤيتها من قبل.. طائرة انزلاقية صينية لحمل الرؤوس النووية
والآن، ومع توفر تقنيات مثل الموصلات الفائقة ذات درجات الحرارة المرتفعة، فإن الشركات الناشئة مثل: شركة Tokamak
Energy، تحاول الوصول إلى إنتاج شمس نووية صغيرة على كوكب الأرض.