نجحت فنلندا، في شهر مارس الفائت، في إتمام الاختبار الأول لمنشأتها لدفن النفايات النووية. التي إذا اكتملت، ستصبح أول منشأة تخزين دائمة تحت الأرض للنفايات المشعة في العالم.
طرق جديدة لدفن النفايات النووية
في أعماق الأرض، على جزيرة خضراء مورقة، تستعد فنلندا لدفن نفاياتها النووية شديدة الإشعاع لمدة 100 ألف عام. وإغلاقها وربما حتى رمي مفتاح هذه المنشأة. حيث من المتوقع أن تفقد النفايات معظم نشاطها الإشعاعي بعد بضع مئات من السنين. لكن المهندسين يخططون لفقد نشاطها بعد 100 ألف عام.
فمنذ بدء استخدام الطاقة النووية في خمسينيات القرن الماضي. أنتجت أكثر من 400 مفاعل نووي في 31 دولة حوالي 430 ألف طن متري من الوقود النووي المستهلك.
وحتى الآن لم يتوصل أحد إلى حل دائم للتخلص منه. وتقول وكالة الدولية للطاقة الذرية إن حوالي 30% من هذا الوقود قد تمت إعادة معالجته. إذ تتم إعادة تدوير عناصره لإنتاج وقود جديد للمحطات النووية. أما الباقي فقد تم وضعه في أنظمة تخزين مؤقتة. ولم يتم تحديد وجهته النهائية بعد.
ومع إظهار القطاع النووي علامات للنهضة. تتطلع دول العالم إلى إزالة الكربون من إنتاج الطاقة. وأيضًا مع سعي قطاع التكنولوجيا إلى إيجاد طرق لتشغيل أنظمة الذكاء الاصطناعي التي تتطلب الكثير من الكهرباء. فمن المرجح أن ينمو الضغط للتخلص من النفايات النووية.
الحل الأمثل هو وضع الوقود المستهلك في منشأة تحت الأرض قادرة على احتوائه بأمان لآلاف السنين. وذلك لأن الوقود المستهلك من أكبر التهديدات لصحة الإنسان لمدة لا تقل عن 10,000 عام. حيث يظل مشعًا لملايين السنين.
وفق تقرير wired، الذي اطلعت عليه عالم التكنولوجيا، فإن هذه المنشآت يجب أن يتم بناؤها من الصفر. بينما يجري تطوير العديد منها، لم يكتمل أي منها بعد. في حين إن فنلندا رائدة في هذا المجال.إذ حفرت مساحة تحت الأرض لإنشاء مستودع لدفن النفايات النووية.
فنلندا أول دولة في العالم تدفن النفايات النووية
في الساحل الغربي لـ “فنلندا” وعلى بعد حوالي ثلاث ساعات بالسيارة من العاصمة هلسنكي. يقع ما سيصبح أول مقبرة لدفن النفايات النووية. وتعرف باسم “أونكالو”. وستستقبل الوقود المستنفد من المفاعلات النووية الفنلندية الخمسة.
وتقوم شركة “بوسيفا أوي”، وهي شركة فنلندية أسسها اثنان من مشغلي المحطات النووية في البلاد عام ١٩٩٥. ببناء هذا المستودع لإيجاد طريقة لتخزين الوقود النووي المستنفد بشكل دائم.
في الطبقة الصخرية على عمق 430 مترًا، تجرى الاختبارات. وتتضمن تخزين الوقود المستهلك، وضع قضبان وقود مستهلك داخل عبوات نحاسية. التي يجب إدخالها في فتحات محفورة في جدران الجرانيت للمستودع الجوفي. ثم يُغلق كل شيء بالبنتونيت. وهو طين بلاستيكي ناعم يعزل العبوات، ويمنع أي تحركات طفيفة في الطبقة الصخرية.
في منتصف مارس، وُضعت خمس حاويات اختبار، مملوءة بمواد غير مشعة. في منشأة خاصة فوق الأرض قبل نقلها تحت الأرض وتخزينها عبر نفق تحت الأرض بطول 70 مترًا.
وذلك لتقديم دليل أولي على فعالية عملية تخزين “أونكالو”. ويضع إكمال هذه التجربة التجريبية فنلندا في صدارة سباق بناء أول مستودع جيولوجي عميق عامل في العالم.
بلغت تكلفة بناء “أونكالو” حتى الآن 900 مليون يورو. بينما يُقدر أن هناك حاجة إلى 4 مليارات يورو إضافية لإكمال المشروع ما يجعلها أغلى مقبرة في العالم. وجاء بدء العمل بعد عقود من البحث لاختيار أفضل موقع للمستودع، وسنوات من الانتظار للحصول على التصاريح والموافقات.
لا يزال البعض غير مصدقين لنجاح المشروع. فيما أعرب الباحثون عن مخاوفهم من احتمال تآكل حاويات التخزين، وتحديدًا العبوات النحاسية.