تقنية جديدة للاستفادة من بطاريات السيارات الكهربية التالفة

بطاريات السيارات الكهربية التالفة
بطاريات السيارات الكهربية التالفة

مع تزايد أعداد السيارات الكهربية في العالم أصبح البحث عن تقنية جديدة للاستفادة من بطاريات السيارات الكهربية التالفة مهمًَا للغاية. إذ يطمح البعض لاستبدال سيارات البنزين والديزل بسيارات كهربية صديقة للبيئة وسريعة واعتمادية في الوقت ذاته.

كيفية الاستفادة من بطاريات السيارات الكهربية التالفة

فيما تحد البطاريات من انتشار السيارات الكهربية بشكل سريع وفاعل. وكذلك بسبب تلوث البيئة الناتج عن عمليات صناعتها واستخراج وتعدين المعادن المستخدمة في تصنيعها. إلى جانب المشكلات الجيوسياسية الناجمة عن تركز المعادن، مثل: الليثيوم والكوبلت، في بلدان معينة.

 

الكتلة السوداء

 

إعادة تدوير بطاريات السيارات الكهربية التالفة

يلاحظ الجميع تقريبًا المشاكل الناجمة عن أزمة المناخ والناتجة في الأساس عن الاحتباس الحراري والغازات الدفيئة. وتحاول دول العالم الآن الاعتماد على الكهرباء المنتجة من  مصادر الطاقة المتجددة، بما في ذلك: الألواح الشمسية وطواحين الهواء، بدلًا من الوقود الأحفوري. إذ يضع العديد من أصحاب المنازل مدافئ حرارية بدلًا من غلايات الغاز أو النفط القديمة. ويتزايد إقبال السائقين على شراء السيارات الكهربائية التي تعمل بالبطاريات.

ووفقًا لوكالة الطاقة الدولية (IEA) تم بيع سيارة كهربائية من كل خمس سيارات مباعة في عام 2023. وتعد هذه زيادة سنوية بنسبة 35% مقارنةً بعام 2022. وبهذا وصل عدد السيارات الكهربائية على مختلف طرق العالم إلى 40 مليون سيارة. ما يسبب مشكلة ارتفاع الطلب على البطاريات والمواد اللازمة لتصنيعها.

التحضير لتدوير البطاريات

معامل لإعادة التدوير

يقول Christian Marston؛ الرئيس والمدير التنفيذي للعمليات في شركة Altilium، وهي شركة إعادة تدوير للبطاريات ويقع مقرها جنوب غرب إنجلترا: “يعد تركيز المعادن في أماكن محددة حول العالم من أكبر التحديات في انتشار صناعة البطاريات حول العالم. إذ يأتي ما يزيد على نصف النيكل العالمي من إندونيسيا، بينما يأتي ثلثا الكوبالت من جمهورية الكونغو الديمقراطية. وكلاهما يعاني من قضايا حقوق إنسان مستمرة مرتبطة بعمليات التعدين” .

لهذا السبب يتسابق الجميع الآن لإيجاد طرق أخرى للحصول على هذه المعادن الأساسية. وإعادة تدوير البطاريات خيارٌ متاح، ولكنه صعب للغاية.

كما يضيف “Christian” أن المنشأة تحول البطاريات التالفة الي مسحوق داكن يُسمى “الكتلة السوداء” ، وهي مادة مشتقة من سحق البطاريات بشدة. فيما يبلغ قطر كل جسيم في تلك الكتلة السوداء أقل من ملليمتر واحد تقريبا.  ويحتوي المسحوق على بعض البلاستيك والفولاذ من البطارية. بالإضافة الى عناصر، مثل: الليثيوم والنيكل والكوبالت والجرافيت. وهذه هي المكونات الثمينة التي يستخدمها عمال المختبر لصنع بطارية جديدة.

محاولات واعدة حول العالم

وتعد هذه الشركة واحدة من بين عدد قليل من الشركات حول العالم التي تُطوّر أساليب لإعادة تدوير البطاريات المُستخرَجة من المركبات الكهربائية القديمة. وتحاول تلك الشركات جاهدة تقريبنا خطوةً نحو تحقيق صفر انبعاثات. وكذلك بذل محاولات لعدم هدر أي موارد وإعادة تدوير العناصر المستخدمة في صناعة تلك السيارات.

ويقول”Marston”: “علينا دحض خرافة أن البطاريات تلقى بعد الاستخدام في مكبات النفايات. فمع ازدياد أعداد السيارات الكهربائية يقترب عدد متزايد منها من نهاية عمرها الافتراضي. وهذا يعني توفر المزيد من البطاريات المستهلكة من تلك السيارات القديمة. كما أن إعادة تدوير البطاريات تمنع تسرب المواد باهظة الثمن والسامة -في الوقت نفسه- إلى البيئة”.

وتقع مقار بعض الشركات الأخرى العاملة في مجال تكنولوجيا إعادة تدوير البطاريات بالولايات المتحدة. على سبيل المثال: تمتلك شركة Li-Cycle، التي تأسست عام 2016 وتستعيد المواد الأساسية من بطاريات الليثيوم أيون، مصانع في كندا والولايات المتحدة وألمانيا.

صعوبة تدوير بطاريات الليثيوم

على الرغم من الزخم والاهتمام الكبير بإعادة تدوير البطاريات لا يزال هناك الكثير من التقدم في هذا المجال. وفي هذا الصدد يقول Xiaochu Wei؛ الباحث في مجال إعادة تدوير البطاريات بجامعة Imperial College London في المملكة المتحدة: “لا تزال سوق إعادة تدوير بطاريات الليثيوم أيون الحالي في مرحلة صناعية مبكرة للغاية”.

فيما يمكن رؤية ذلك جليًا في إيقاف شركة المواد الكيميائية الألمانية “BASF” العمل في مصنع لإعادة تدوير البطاريات في إسبانيا لمشكلات تقنية. على الرغم من أن الشركة تقول إنها لا تزال تنوي بناء المنشأة.

ويمكن القول بأن تعقيد التركيب الداخلى للبطاريات هو التحدي الأكبر في نجاح عمليات إعادة التدوير. حيث تتكون كل بطارية من مكونين رئيسيين: الكاثود والأنود. وعند تزويد محرك كهربائي بالطاقة، على سبيل المثال، يُطلق الأنود إلكترونات سالبة الشحنة، وتتدفق الإلكترونات في الدائرة الكهربائية حتى تعود إلى البطارية ويمتصها الكاثود. بينما تتدفق الإلكترونات في الاتجاه المعاكس أثناء شحن البطارية.

 

بينما في بطارية السيارة الكهربائية يكون الكاثود والأنود صفيحتين رقيقتين من المواد. يلتفّان حول بعضهما البعض بشكل حلزوني كما لو كانا فطيرة ملفوفة بعناية. وفي العديد من البطاريات يصمم المهندسون الأنود من الجرافيت، وهو نفس نوع الكربون المستخدم في نوى أقلام الرصاص. أما الكاثود فيحتوي غالبًا على مجموعة متنوعة من المعادن، بما في ذلك: النيكل والليثيوم والكوبالت.

عمليات كيميائية معقدة

عمليات كيميائية معقدة

رغم صعوبة إعادة تدوير تلك البطاريات إلا أن قيمتها الاقتصادية تكمن في وفرة المعادن القيّمة التى يمكن استخلاصها من البطاريات؛ إذ تمثل تلك المعادن، بعد الاستخلاص، مصدر مربح إذا استُخرجت ونُقّيت بكفاءة. مع الأخذ في الاعتبار بأن هذه المواد متداخلة بشكل وثيق، وكثير منها خطير؛ فالعديد من تلك المعادن سامة للإنسان والحياة البرية، كما أنها تُشكل مخاطر حرائق وانفجارات.

على سبيل المثال: تسترجع عملية تقطيع البطاريات في شركة Altilium الجرافيت، المستخرج أصلًا من القطب الموجب، إلى جانب معادن أخرى.

ومن المعروف أن استخراج الجرافيت من البطارية يتم بعمليات معالجة حرارية؛ إذ تحتوي عمليات المعالجة تلك علي درجات حرارة عالية، بالإضافة الى أنها تُنتج انبعاثات كبيرة. ما دفع شركة Altilium جزئيًا إلى اعتماد نظام قائم على الماء يُسمى “المعالجة الحرارية المائية”.

في هذه الطريقة ينقع فريق العمل الكتلة السوداء في حمض الكبريتيك؛ ما يسمح لهم بترشيح الجرافيت. ثم يتم بيعه إلى مصنعي البطاريات بعد إجراء بعض المعالجات الإضافية.

وبعد استخلاص الجرافيت يتبقى سائل حمضي مذاب فيه مجموعة متنوعة من المعادن. منها: الألومنيوم والنحاس والحديد. وبتعديل درجة الحموضة يمكن للفريق ترسيبها على شكل مسحوق رمادي. ويباع هذا المسحوق كمادة مالئة لمواد البناء.

وفي السياق نفسه يخلط المختصون السائل المتبقي بالكيروسين ومواد كيميائية خاصة؛ ما يتيح استخراج المعادن من المحلول. حيث أصبح فريق Altilium قادرًا على استخراج النيكل والكوبالت والمنغنيز؛ وهي معادن مرتفعة القيمة الاقتصادية. ويمكن للفريق أن يستخلصها واحدًا تلو الآخر.

الرابط المختصر :