عالم التكنولوجيا ترجمة
في العديد من البلدان يجري التحول في مجال الطاقة بالفعل؛ لأن انخفاض التكاليف يجعل الطاقة المتجددة موجودة في كل مكان وبأسعار معقولة أكثر من الوقود الأحفوري: وقد اتفق عدد متزايد من قادة العالم، خلال قمة المناخ COP26 الأخيرة بجلاسكو في اسكتلندا ، على تقليل انبعاثات الميثان واستهداف انبعاثات كربونية صفرية.
لكن التحدي الذي يواجه المسؤولين الحكوميين الآن هو معرفة كيفية المساعدة في زيادة الطاقة النظيفة بشكل كبير مع تقليل انبعاثات الوقود الأحفوري، والاستمرار في تلبية متطلبات الطاقة المتزايدة بسرعة لمليارات الأشخاص في الاقتصادات النامية والناشئة.
ومع استمرار أزمة الطاقة التي تصنع نقصًا وأسعارًا قياسية في العديد من البلدان فإن التنقل في هذه المرحلة المبكرة من تحول الطاقة يتطلب سياسات مدروسة.
فيما يلي 6 أولويات استراتيجية يمكن أن تساعد البلدان في تحقيق تطورات بمجال الطاقة:
سيتطلب تحقيق هدف اتفاقية باريس للمناخ المتمثل في إبقاء الاحتباس الحراري أقل من 1.5 درجة مئوية (2.7 فهرنهايت) تقليل الوقود الأحفوري وزيادة الطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة، بالإضافة إلى إبقاء ثاني أكسيد الكربون بعيدًا عن الغلاف الجوي؛ باستخدام تقنيات مثل التقاط الكربون وتخزينه أو استخدام (CCS وCCU).
1) نشر تسعير الكربون بالأسواق على نطاق أوسع
يحدد سعر الكربون، الذي يتم إنشاؤه غالبًا من خلال نظام الضرائب أو سوق الكربون، تكلفة الأضرار الناجمة عن انبعاثات غازات الاحتباس الحراري التي لا تدفع الشركات مقابلها حاليًا، مثل تغير المناخ والأضرار التي تلحق بالمحاصيل وارتفاع تكاليف الرعاية الصحية. هذا عامل مهم بشكل خاص لإنتاج الطاقة والصناعات كثيفة الاستخدام للطاقة.
ويتمثل أحد أهداف مفاوضات جلاسكو في كتابة قواعد لمساعدة أسواق الكربون في العمل بشكل جيد وشفاف، وهذا ضروري للوفاء بالعديد من الأهداف المناخية الصافية التي تم الإعلان عنها من قِبل دول مثل: اليابان وكوريا الجنوبية.
وهناك قواعد بشأن استخدام تعويضات الكربون، والتي تسمح للأفراد أو الشركات بالاستثمار في مشاريع بأماكن أخرى لتعويض انبعاثاتهم. وتُعتبر تعويضات الكربون في الوقت الحالي مثيرة للجدل بدرجة كبيرة ولا تقدم أرصدة انبعاثات جديرة بالثقة.
2) تركيز الانتباه على القطاعات التي يصعب إزالة الكربون منها
يصعب في عمليات الشحن والشحن البري والصناعات، مثل الألومنيوم والأسمنت والصلب، خفض الانبعاثات، ويرجع ذلك جزئيًا إلى أنها لم تختبر حتى الآن بدائل للوقود الأحفوري وبأسعار معقولة. وفي حين أن هناك بعض الأفكار المبتكرة فإن مخاوف التنافسية، مثل نقل الشركات للإنتاج خارج البلاد لتجنب اللوائح، كانت عائقًا رئيسيًا أمام التقدم.
وتحاول أوروبا التغلب على هذا الحاجز من خلال إنشاء آلية لتعديل حدود الكربون، والتي من شأنها فرض ضرائب على واردات السلع التي لم تواجه المستوى نفسه من ضرائب الكربون في الداخل.
وأعلنت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، في القمة، أنهما سيعملان على التفاوض بشأن اتفاقية عالمية لخفض الانبعاثات العالية في إنتاج الصلب.
3) إشراك الصين والاقتصادات الناشئة الأخرى
من الواضح أن الفحم، وهو الوقود الأحفوري الأكثر كثافة في استخدام الكربون، يحتاج إلى التخلص التدريجي بسرعة، والقيام بذلك أمر بالغ الأهمية لجدول أعمال الطاقة والمناخ في الأمم المتحدة. وبالنظر إلى أن أكثر من نصف الفحم العالمي يتم استهلاكه في الصين فإن أفعالها بارزة، على الرغم من أن الاقتصادات الناشئة الأخرى مثل الهند وإندونيسيا وفيتنام مهمة أيضًا.
هذا لن يكون سهلًا؛ حيث تجدر الإشارة إلى أن نصف محطات الفحم الصينية يبلغ عمرها أقل من عقد من الزمان، وهو جزء بسيط من العمر الافتراضي لمصنع الفحم. وقد رفعت الصين التزاماتها بشأن المناخ، بما في ذلك التعهد بالوصول إلى صافي انبعاثات صفرية بحلول عام 2060، والموافقة على إنهاء تمويل محطات توليد الطاقة التي تعمل بالفحم في بلدان أخرى، لكن مسارها الحالي لن يسفر عن تخفيضات كبيرة هذا العقد.
ويُعتبر إعلان رئيسي من قِبل رئيس وزراء الهند في مؤتمر الأطراف حول هدف صافي صفر لبلاده بحلول عام 2070، مع أهداف مؤقتة لخفض الانبعاثات قبل ذلك، فوزًا مبكرًا.
4) التركيز على الابتكار
جلب دعم الابتكار الطاقة المتجددة المتطورة والمركبات الكهربائية بشكل أسرع بكثير مما كان متوقعًا. على سبيل المثال: تُعتبر طاقة الرياح، والطاقة الحرارية الأرضية، واحتجاز الكربون، والهيدروجين الأخضر من التطورات الجديدة التي يمكن أن تحدث فرقًا كبيرًا في السنوات القادمة.
وفي مؤتمر المناخ الأخير “COP26” أطلق ائتلاف من قادة العالم ما يسمونه “أجندة الاختراق”، وهي عبارة عن إطار عمل للجمع بين الحكومات والشركات للتعاون في مجال الطاقة النظيفة والتكنولوجيا.
ويشمل هذا الائتلاف جعل السيارات الكهربائية معيارًا ميسورًا، وخفض تكاليف الطاقة النظيفة، وتوسيع تخزين الطاقة الهيدروجينية، وجعل إنتاج الصلب يصل إلى ما يقرب من الصفر، كل ذلك بحلول عام 2030.
وستجني البلدان والشركات التي تقود تطوير هذه التقنيات الجديدة فوائد اقتصادية، بما في ذلك الوظائف والنمو الاقتصادي. كما توجد المزيد من الفرص في تصميم السوق والقبول الاجتماعي والإنصاف والأطر التنظيمية ونماذج الأعمال. وترتبط أنظمة الطاقة ارتباطًا وثيقًا بالقضايا الاجتماعية؛ لذلك لن يكون تغييرها ناجحًا إلا إذا نظرت الحلول إلى ما احتياجات المجتمع.
5) إعطاء الأولوية للتمويل الأخضر
يشارك أكثر من 160 مصرفًا ومجموعة استثمارية في تحالف آخر وافق على الضغط على الصناعات عالية الانبعاثات؛ من خلال ربط قرارات الإقراض بهدف صافي الانبعاثات العالمية بحلول عام 2050.
وسيتطلب تكثيف التمويل الأخضر تصنيفات أو مبادئ توجيهية شفافة وإلقاء نظرة فاحصة على محافظ المؤسسات المالية.
6) الحد من غازات الاحتباس الحراري قصيرة العمر
أعلنت إدارة الرئيس الأمريكية الحالي “جو بايدن” عن مجموعة شاملة من القواعد في 2 نوفمبر 2021 للحد من انبعاثات غاز الميثان، وهو غاز دفيئة أقوى عدة مرات من ثاني أكسيد الكربون الذي يأتي من تسريب البنية التحتية للنفط والغاز ومناجم الفحم والزراعة ومدافن النفايات. ولا يبقى الميثان في الغلاف الجوي لفترة طويلة؛ لذا فإن إيقاف الانبعاثات يمكن أن تكون له فوائد مناخية أسرع بينما يتم تقليل انبعاثات الكربون.
وأطلقت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي تعهدًا عالميًا جديدًا لخفض انبعاثات الميثان بنحو الثلث بحلول عام 2030. وقد وقعت أكثر من 100 دولة على هذا التعهد.
ويمكن لهذا النوع من التحالف، المستند إلى قضية مركزة بإحكام، أن يحقق تخفيضات ذات مغزى للانبعاثات في الأماكن التي من غير المرجح أن تدعم اتفاقيات المناخ الأوسع نطاقًا.
المصدر:
اقرأ أيضًا:
لحل أزمة تغير المناخ.. إنشاء أول مصنع حديد وصلب يعمل بالطاقة الشمسية في العالم
Leave a Reply