على غرار المنافسة على الساحة السياسية بين الصين والولايات المتحدة الأمريكية، تحتدم المنافسة بين البلدين في قطاع الفضاء. وانعكس هذا الصراع في قصة عودة الطائرة الفضائية الصينية القابلة لإعادة الاستخدام إلى الأرض. ذلك بعد رحلة استمرت أكثر من ثمانية أشهر في المدار.
في ديسمبر الماضي، انطلقت تلك المركبة الفضائية الغامضة إلى الفضاء. أي قبل أسبوعين فقط من إطلاق آخر مهمة للطائرة الفضائية الأمريكية “بوينغ إكس-37 بي”.
وبعد أن أمضت المركبة 276 يومًا بالفضاء في مهمتها السابقة خلال شهر مايو من العام الماضي، تعد هذه المهمة الثالثة لتلك المركبة الفضائية الصينية. بحسب ما ذكرته الشبكة الأمريكية “سي إن إن”. كما أن تطوير هذه المركبة الفضائية الغامضة يأتي بعد سنوات من سباق الصين الحثيث للوصول إلى مستوى الولايات المتحدة القوة الفضائية الرائدة عالميًا.
بينما تتمتع المركبة الفضائية الصينية بقدرة فائقة على التحليق في المدار والفضاء الخارجي. ذلك قبل العودة إلى الأرض وهبوطها بطريقة مشابهة لطائرات الهبوط التقليدية. ما يجعلها تتصدر تصنيف الطائرات الفضائية العالمية، وتنافس نظيراتها الأمريكية “بوينغ إكس-37 بي”.
ما لا شك فيه أن “الطائرات الفضائية” تفتح آفاقًا جديدة في مجال استكشاف الفضاء. حيث يمكنها تنفيذ مهام متعددة، وتسريع الاستجابة للتطورات الفضائية. ومع التقدم السريع في تكنولوجيا المركبات القابلة لإعادة الاستخدام. سيكون من الممكن إجراء رحلات فضائية مأهولة باستمرار قريبًا.
من ناحية أخرى، لم تكشف الصين عن أي معلومات حول التقنيات التي اختبرتها المركبة الفضائية خلال مهمتها الأخيرة. ولم تنشر أي صور لها منذ انطلاقها في المدار عام 2020.
الصين تعلن عن هبوط المركبة الفضائية
في يوم السادس من سبتمبر، أعلنت مؤسسة الصين لعلوم وتكنولوجيا الفضاء الجوي، وهي مؤسسة حكومية، عن هبوط المركبة الفضائية عبر مقطع فيديو نشرته على قنواتها الرسمية على وسائل التواصل الاجتماعي. ومن اللافت للنظر أن الفيديو لم يتضمن أي صور للمركبة، بل اقتصر على عرض لافتة تحمل تفاصيل الهبوط. وزعم النص المكتوب أنها “متقدمة للغاية بحيث لا يمكن عرضها”.
ووفقًا لتقرير الشبكة الأمريكية، إن تطوير الطائرة الفضائية الصينية يأتي نتيجة الاهتمام العالمي بالعلاقة الوثيقة بين الأمن الأرضي والفضائي. فضلًا عن التنافس المتصاعد في مجال ما يسمى بتقنيات “الفضاء المضاد”. والقادرة على تعطيل أو تدمير الأصول الفضائية للخصوم.
سبق للصين أن أكدت سلمية أهدافها في مجال الفضاء. وعلى الرغم من ذلك، يرى المحللون أن الصين، شأنها شأن القوى العالمية الأخرى، تعمل على تطوير قدرات فضائية مضادة.
أوضح الإعلان الرسمي عن هبوط المركبة الفضائية أن هذا الإنجاز سيسهل من تنقلنا في الفضاء، وسيجعله أكثر اقتصاديةً؛ ما سيسهم في تعزيز الاستخدام السلمي للفضاء.
أكد الخبراء أنه “لا يوجد دليل قاطع” على أن الطائرة الفضائية الصينية “صنعت لتكون سلاحًا فضائيًا”، ولكنهم أشاروا إلى أن التقنيات والمعرفة المكتسبة من خلال هذه المهام “يمكن استخدامها لأغراض عسكرية”.
الطائرة الصينية تسير على خطى نظيراتها الأمريكية
خلال العام الماضي، أطلق الجيش الأمريكي طائرته الفضائية السرية “X-37B” من مركز كينيدي للفضاء التابع لوكالة “ناسا”. ذلك خلال إطلاق مدته 10 دقائق، تبدأ في الساعة 8:14 مساءً بتوقيت شرق الولايات المتحدة.
عادة لا تكشف قوات الفضاء الأمريكية عن الجوانب السرية لمهام “X-37B”. وبالتالي، لا يعرف الكثير عن أنواع الأنشطة التي تؤديها المركبة الروبوتية في المدار.
وكانت الطائرة “X-37B” مصدرًا للفضول داخل مجتمع الفضاء. ويرجع ذلك في الغالب إلى الطبيعة الغامضة لأنشطتها بالمدار الأرضي المنخفض. وعلى الرغم من عدم معرفة الغرض الحقيقي منها أو موقعها الحقيقي، فإن مراقبي السماء رصدوا الطائرة الفضائية وصوروها من حين لآخر في السماء ليلًا باستخدام التلسكوبات.
قال مسؤولون في قوة الفضاء إن التجارب العلمية المدنية التي أجرتها “X-37B” تضمنت اختبارات لتكنولوجيا تسخير الطاقة الشمسية، ونقل الطاقة إلى الأرض. بالإضافة إلى تجارب حول كيفية عمل المواد العضوية عند تعرضها لبيئة الفضاء لأوقات طويلة من الزمن.
وقد أجرت مركبة “X-37B” اختبارات مختلفة. بما في ذلك تجربة تقنيات التوعية بالمجال الفضائي والتحقيق في آثار الإشعاع على مواد “ناسا” وفقًا لقوة الفضاء.
جدير بالذكر أن في آخر مهمة للمركبة “X-37B”، التي امتدت 908 أيام في المدار، انطلقت الطائرة الفضائية على متن صاروخ “فالكون 9” من سبيس إكس. وقبل ذلك، انطلقت المركبة إلى الفضاء خمس مرات على متن صاروخ “أطلس V” التابع لشركة United Launch Alliance.
وقال مسؤولون بقوة الفضاء في بيان: “إن المعزز “Falcon Heavy” أقوى بكثير من كليهما؛ ما يسمح للمركبة “X-37B” بالعمل في أنظمة مدارية جديدة”.