الصحة والتقنيات الناشئة.. كيف تساهم طائرات الدرون في القضاء على فيروس كورونا؟

الصحة والتقنيات الناشئة.. كيف تساهم طائرات الدرون في القضاء على فيروس كورونا؟
الصحة والتقنيات الناشئة.. كيف تساهم طائرات الدرون في القضاء على فيروس كورونا؟

كتب: محمد علواني

في مواجهة أي أزمة ثمة طريقتين واضحتين، إحداهما ابتكار أداة مخصصة لها تحديدًا، والأخرى هي استخدام أداة كانت موجودة من قبل في هذه المواجهة، ولعل هذه الطريقة الثانية هي التي تم استخدامها في مواجهة فيروس كورونا، حيث تم استخدام طائرات الدرون في مواجهة تفشي انتشار وباء كورونا، على الرغم من أنها لم تكن مخصصة لذلك أصلًا.

وكما كانت بداية الفيروس من الصين، كان التفكير في استخدام طائرات الدرون في مواجهة الفيروس من الصين ذاتها؛ حيث بدأت، منذ الأسابيع الأولى لتفشي المرض، في استخدام طائرات بدون طيار مزودة بمكبرات صوت؛ لتذكير الجمهور بالقواعد الواجب اتخاذها حيال هذا الوباء، وبضرورة التباعد الاجتماعي.

الصحة والتقنيات الناشئة.. كيف تساهم طائرات الدرون في القضاء على فيروس كورونا؟

التوجه العالمي نحو الدرون

الصحة والتقنيات الناشئة.. كيف تساهم طائرات الدرون في القضاء على فيروس كورونا؟

لكن وإن كانت الصين هي البداية فإن الأمر لم يتوقف عندها؛ إذ بعدها بقليل قررت الشرطة الفرنسية استخدام الطائرات بدون طيار؛ لتحديد أولئك الذين انتهكوا قواعد الحجر الصحي في البلاد.

كان رجال الشرطة في نيس يصدرون أوامر، ويرسلون تعليمات السلامة عبر الطائرات بدون طيار لضمان فرض الحجر الصحي وعدم خرقه.

وقد قال ديدييه لاليمنت؛ قائد شرطة باريس، في وقت سابق، “إن الطائرات بدون طيار لن تحل محل ضباط الشرطة، ولكنه جزء من جمع المعلومات”ـ 

وفي السياق ذاته، تطور شركة دراجان فلاي، في أمريكا الشمالية، طائرة وبائية بدون طيار يمكنها فحص حشود من الناس لمراقبة درجة حرارتهم، ومعدلات ضربات القلب لديهم، والسعال، وحتى ضغط الدم.

ولم تكن المملكة العربية السعودية بعيدة عن هذا التوجه العالمي؛ إذ شرعت باستخدام تقنية الطائرات بدون طيار مزودة بكاميرات حرارية لرصد والكشف عن درجات حرارة المتسوقين في عدد من المراكز التجارية، في عدة مناطق ومحافظات سعودية، كانت القصيم أولاها؛ حيث تتولى طائرة “درون” قراءة درجة حرارة الجسم للأفراد داخل الحشود والمجموعات البشرية في المناطق المفتوحة، وتحديد من لديهم درجة حرارة غير طبيعية بشكل آلي؛ ليتم بعد ذلك اتخاذ الإجراءات الوقائية؛ بهدف متابعة سلامة المتسوقين.

 

وكانت الإمارات سبّاقة هي الأخرى في استخدام طائرات الدرون؛ حيث استخدمت شرطة الشارقة هذه التقنية الحديثة في مكافحة تفشي فيروس كورونا؛ عبر حث المواطنين والمقيمين على تجنب التجمعات وضرورة اتباع الإرشادات الصحية المعلن عنها من قِبل الجهات المعنية في الدولة.

و تستخدم الشرطة الإسبانية، هي الأخرى، طائرات الدرون لتوبيخ أولئك الأشخاص الذين لا يحترمون قواعد الإبعاد الاجتماعي والحجر الصحي، وبالمثل كانت العاصمة الليتوانية فيلنيوس تصدر معلومات للمواطنين المسنين، تخبرهم فيها بأنه يجب عليهم البقاء في المنزل، بالإضافة إلى منشورات يتم تسليمها عن طريق هذا النوع من الطائرات.

علاوة على ذلك، أعلنت بلدية بورغاس، وهي مدينة ساحلية في بلغاريا، أنها ستقيس درجة حرارة مواطنيها باستخدام كاميرا حرارية موضوعة على طائرة بدون طيار.

ونظرًا للفائدة التي يقدمها هذا النوع من التقنية، ولقدرته على القيام بأثر فاعل في مواجهة الفيروس المستجد دون الإضرار بصحة الطواقم الطبية، فإن هناك الكثير من المنظمات الصحية وفرق الاستجابة الدولية تعمل على ترويج استخدام هذه الطائرات باعتبارها أداة ناجعة في أداء شتى المهام الصعبة.



لماذا طائرات الدرون؟

الدرون والذكاء الاصطناعي

لم يكن تفكير الصين كأول من قرر ذلك في استخدام هذه التقنية في طائرات الدرون أو الطائرات بدون طيار أمرًا عفويًا، أو مجرد تجربة عابرة، وإنما كان نتيجة معرفتها وإدراكها لما يمكن أن تؤديه هذه الأداة التقنية الحديثة.

فلنلاحظ أننا نتعامل مع أعداد بالمئات والآلاف من المصابين في كل بلد من البلدان، وهو الأمر الذي يجعل التعامل مع كل فرد على حدة من الصعوبة بمكان، كما أن إجراءات التوعية والتحذير والإرشاد تتطلب أداة كهذه تكون في الميدان ويمكنها الوصول إلى أي مكان، وتواجه المشكلات والمخالفات بشكل آنٍ وفوري.

ليس هذا فقط، بل إنها تعمل على ضمان صحة الطواقم الطبية، عبر التقليل من الاحتكاك ومن ثم نقل العدوى من المرضى إلى أفراد هذه الطواقم الطبية،  ولذلك؛ فإن أهم ميزة في استخدام الطائرات بدون طيار هي، على الأرجح، أنه يمكنها الحد من الاتصال وجهًا لوجه، وبالتالي تقلل من فرص الإصابة بالفيروس الجديد؛ إذ يمكن للطائرات بدون طيار أن تحمل كاميرات، أو مكبرات صوت، أو حتى أشياء صغيرة من تلك التي يحتاجها أولئك المقيمين في الحجر الصحي، مثل البقالة والأدوية ومنتجات التطهير.

إن هذا الاستخدام الكثيف لطائرات الدرون من قِبل الكثير من دول وبلدان العالم سيجعل منها أداة رسمية في السياسات الصحية فيما بعد هذه الأزمة، سوى أن هناك من يخشى من انتهاك السلطات المختلفة خصوصياتهم من خلال هذه الطائرات.

ولذلك فإن أمر استخدام هذه التقنية في الجانب الصحي، وبشكل أوسع مما كان مقررًا لها أن تستخدم فيه، سيخضع للكثير من محاولات التقنين، وتشريع القوانين التي تضع الأطر العامة للاستخدام السليم لطائرات الدرون.

التطبيب عن بُعد

الصحة والتقنيات الناشئة.. كيف تساهم طائرات الدرون في القضاء على فيروس كورونا؟

بطبيعة الحال لن يكون فيروس كورونا هو الوباء الأخير الذي يهاجم العالم، فمن البديهي أن يُهاجم العالم بجوائح وأوبئة أخرى، لكن الأمر الجيد هو أن الإنسان يتعلم من كل كارثة ما يمكنه من التعامل بشكل جيد مع الكوارث التي تليها.

ولعل إدخال الطائرات بدون طيار في محاربة وباء كورونا، يعني أننا أمسينا أمام نوع جديد من التطبيب، وهو التطبيب أو العلاج عن بُعد، وربما يكون للأمر نتائج وتطورات كبرى ومحورية على صعيد هذا النوع من التطبيب.

صعود الاستثمار في الدرون

الصحة والتقنيات الناشئة.. كيف تساهم طائرات الدرون في القضاء على فيروس كورونا؟

وإذا كان الإقبال على استخدام الطائرات بدون طيار في مجالات جديدة أحدثها المجال الصحي بطبيعة الحال كثيفًا، فمن المتوقع أن يلقى الاستثمار في هذا النوع من التقنية إقبالًا كثيفًا.

وأشار تقرير Drones in the Global Power and Utilities Industry Forecast to 2030 إلى أن لدى الطائرات بدون طيار أو المركبات الجوية بدون طيار فرصًا جيدة في مختلف الأنشطة التجارية، كما أنها على استعداد للتأثير في قطاعات صناعية متعددة، ومن بين هذه المجالات الاقتصادية التي يمكن للدرون أن تدخلها “البناء والمرافق، والسلامة، والأمن، والزراعة، والتعدين والنفط والغاز”.

 أما بعد استخدام هذه الطائرات في المجال الصحي عبر مكافحة تفشي وباء كورونا، فمن المرجح أن يشهد الاستثمار في الطائرات بدون طيار قفزات نوعية جديدة، لاسيما أن بعض المستثمرين وأصحاب رؤوس الأموال سيرون أن مسؤوليتهم الاجتماعية وضميرهم الأخلاقي يحتمان عليهم الدخول في هذا النوع من الاستثمار.



الرابط المختصر :