أحدثت السيارات ذاتية القيادة ثورة عارمة في قطاع السيارات وعززت فكرة الاستغناء عن العنصر البشري في مجال القيادة. حيث كان مشهد وجود سيارة على الطريق دون سائق. أو ركاب جالسين على المقعد الخلفي بينما تسير السيارة بمفردها خيالًا علميًا تحول إلى حقيقة.
لكن التجربة أثبتت أن ما هو مناسب للخيال قد لا يصلح للواقع؛ إذ سجلت كاميرات المراقبة على الطرق عددًا من حوادث السير والإصابات بفعل سيارات ذاتية القيادة.
ففي عام 2023 تسببت سيارات تسلا ذاتية القيادة في حادث مروري بولاية سان فرانسيسكو في أمريكا. حيث تعطلت السيارة بشكل مفاجيء داخل نفق مزدحم؛ ما تسبب في تكدس 8 سيارات وإصابة 9 أشخاص. وذلك وفقًا لتقرير دورية الطرق السريعة.
وسجلت ألمانيا عام 2022 حادث تصادم خلّف قتيلًا وتسعة جرحي بفعل سيارة ذاتية القيادة أيضًا. والتي انحرفت إلى الطريق المعاكس واصطدمت بسيارة قادمة.
في حين تعرضت سيارات جنرال موتورز لهذا النوع من الحوادث كذلك. حيث اصطدمت سيارة أجرة دون سائق من طراز “كروز” بإحدى سيارات الإطفاء في سان فرانسيسكو خلال عام 2023. وهي أحدث واقعة تتعلق بالسيارات ذاتية القيادة.
وقالت الشركة حينذاك «إن السيارة حددت خطر الاصطدام وبدأت في إجراء مناورة للفرملة؛ ما أدى إلى تقليل سرعتها، لكنها لم تتمكن في النهاية من تجنب الاصطدام».
أسباب حوادث السيارات ذاتية القيادة
على الرغم من تفضيل العديدين هذا النوع من السيارات لتفادي الأخطاء البشرية فإنها تسببت في حوادث مشابهة وأكثر خطورة، والسبب وراء ذلك يعود إلى جهل عدد من السائقين بآلية العمل بها وكيفية التعامل معاها. وفقًا لتقرير شركة تسلا.
وتحتاج السيارات ذاتية القيادة الكثير من المعدات والأجهزة الإضافية. فهي تعج بكاميرات متقدمة وأشعة ليزر وأجهزة استشعار أخرى؛ ما يزيد من وزنها وبالتالي تتطلب كمية طاقة كبيرة للسير.
وتعدالقدرة الحسابية أيضًا من أهم مسببات الحوادث. فالمركبات الحديثة ترصد كل شيء؛ من درجة حرارة الزيت إلى توقيت المحرك وعمل المكابح. وهذا يتطلب تنقلًا مستمرًا لكميات ضخمة من البيانات كل ساعة.
ومن المتوقع أن تكون كمية البيانات أكبر بكثير في السيارات ذاتية القيادة. والتي يجب أن تتولى خوارزميات القيادة الذاتية العمل عليها.
وهذا يتطلب قوة حوسبة فائقة. ولكن الشركات المنتجة لم تذكر سوى القليل بشأن مقدار الطاقة الإضافية التي تحتاجها المركبات ذاتية القيادة لكي تؤدي كل هذه المهام الحسابية.
رد فعل الشركات حول السيارات ذاتية القيادة؟
أجبر تكرار الحوادث الناجمة عن القيادة الذاتية عددًا من الشركات العالمية المصنعة والمنتجة لذلك الطراز على إيقاف تلك الصناعة.
على سبيل المثال: أعلنت شركتا فولكس فاغن وفورد موتور، في أكتوبر 2022، عن أنهما ستغلقان شركة (أرغو آي) الناشئة للسيارات ذاتية القيادة، التي تمتلكان نحو 39% من أسهمها، مؤكدتين أن تلك التكنولوجيا ما زالت بعيدة المنال. وفقًا لوكالة رويترز.
كذلك امتنعت الجهات الرسمية الأمريكية من إصدار أي تشريعات لتقنين السيارات ذاتية القيادة دون سيطرة بشرية أو إدراجها تحت مظلة قوانين النقل والمرور في الولايات المتحدة.
القيمة السوقية
بلغت القيمة السوقية للمركبات ذاتية القيادة 121.78 مليار دولار في عام 2022. بحسب تقرير شركة الأبحاث “بريسيدينس”.
ومن المتوقع أن تنمو هذه السوق الواعدة بمعدل سنوي يبلغ 35% خلال الأعوام العشرة المقبلة ليصل إلى 2,353.93 مليار دولار بحلول عام 2032. وهذا يعكس قدرة تلك السيارات على تغيير سوق السيارات الكهربائية والسيارات الهجينة.
المزايا
تتميز السيارات ذاتية القيادة بأنها وسيلة تنقل سهلة وعملية لذوي الإعاقة والأشخاص الذين لا يتمتعون بمهارات قيادة السيارات بشكل عام.
كما توفر مستوى عاليًا من المرونة والراحة؛ إذ تتيح للسائق ممارسة أنشطة أخرى أثناء السفر مثل القراءة أو متابعة الأعمال. وارتفاع معدلات الحوادث بسبب الخطأ البشري أدى لزيادة الإقبال على تقنيات القيادة الذاتية.
التحديات
تعد التكلفة من أهم التحديات. إذ أثبتت إحصائيات أن تكلفة تكنولوجيا القيادة الذاتية، باستثناء السيارة نفسها، تتراوح بين 70 و150 ألف دولار. وهذا يعادل ما بين ثلاثة وأربعة أمثال متوسط سعر سيارة جديدة في الولايات المتحدة.
وتزداد التكلفة بسبب نظام أجهزة الاستشعار الذاتية التي تتطلب ما يزيد على 10 آلاف دولار. لذا يطالب العملاء بضرورة خفض التكلفة لكي تكون تكنولوجيا القيادة الذاتية قابلة للتطبيق تجاريًا.
وبدلًا من هذا اتجهت بعض شركات التكنولوجيا إلى تصنيع سيارات الأجرة ذاتية القيادة التي يُطلق عليها “robocabs” وهي سيارات أجرة روبوتية؛ نظرًا لأنها أقل تكلفة من السيارات ذاتية القيادة الأخرى.
على سبيل المثال: أنفقت شركة “أوبر” العملاقة أكثر من مليار دولار على تطوير سيارات أجرة من هذا النوع، واختبرتها في سان فرانسيسكو وبيتسبرغ.
وأجريت اختبارات مماثلة من قِبل شركة وايمو “Waymo”، وهي شركة ناشئة لتكنولوجيا القيادة الذاتية مدعومة من شركة ألفابيت “Alphabet”.