يتسائل الكثيرين كيف ستكون حروب المستقبل في عالم مليء بالصراعات والنزاعات هنا وهناك على سطح الكوكب؟. لا يمكننا ببساطة تصور الإجابة، فضلا عن إجابة هذا السؤال، فمع تطور الذكاء الاصطناعي ودخوله عالم الحروب أصبحت صناعة الأسلحة صناعة ذكية ومدمرة. ويعد الذكاء الاصطناعي والمسيرات (Drones) هي أكبر السمات التي طرأت على عالم الحروب في العقد الأخير.
مسيرات Drones وحروب المستقبل
مثلت المسيرات تطورًا رهيبًا في الحروب الحديثة، وخاصة في العقد الأخير. حيث مثلت خفة الحركة والقدرة على المناورة، والأهم قلة التكلفة وصعوبة الكشف عنها ميزات لا يمكن تعويضها في الأسلحة التقليدية خاصة الأسلحة الجوية.
شجعت تلك التقنيات الكثير من الدول على إنتاجها على المستوي الصناعي بل إنها لعبت دورًا محوريًا في حرب أوكرانيا. إذ يمكن للمسيرات الحربية المساهمة في عمليات المراقبة والاستهداف بل وحتى التهديف والقصف الجوي للأفراد والمواقع.
الذكاء الاصطناعي وحروب المستقبل
مع التوسع الرهيب في استخدامات الذكاء الاصطناعي في التطبيقات التكنولوجية والحياتية كالهواتف الذكية. بالإضافة إلى تسهيل المهام العلمية، كمهام تصنيع أدوية جديدة، وإيجاد حلول هندسية للصناعات موفرًا الوقت والجهد. وجدت استخدامات الذكاء الاصطناعي الطريق إلي التطبيقات العسكرية المميتة. وظهرت في الآونة أسلحة متطورة معتمدة على الذكاء الاصطناعي في المفاضلة بين الأهداف والوصول إليها، ويمكن ملاحظة ذلك جليا في المسيرات خاصة.
مكن الذكاء الاصطناعي من التواصل بين المسيرات المختلفة في الجو. وكذلك التفضيل بين الأهداف والاستهداف في مجموعات swarming. كما سمح لها الذكاء الاصطناعي تشارك البيانات فيما بينها وتحديد موقعها بالنسبة إلى بعضها البعض فى الوقت الفعلي.
فيلم Angel has fallen
وجسدت هوليوود طريقة عمل تلك المسيرات الذكية في فيلم Angel has fallen؛ حيث استخدمت في أحد مشاهده مسيرات ذكية لاستهداف شخصيات بعينها. وبدمج الذكاء الاصطناعي مع تكنولوجيا المسيرات أمكن الكثير من الدول الحصول على طائرات متقدمة تقنيًا بأسعار زهيدة جدا بالمقارنة بالتكاليف العسكرية المعتادة.
الذكاء الاصطناعي في المضادات الجوية
ويمكن رؤية تأثيرات تطبيقات الذكاء الاصطناعي في الحروب بصورة جلية؛ حيث يبذل الجيش الأمريكي قصارى جهده لحماية قواته من تهديدات المسيرات. وتقع الدول حاليًا بين معضلات تتمثل في أن أنظمة الدفاع الجوي الحالية تعد إهدارًا اقتصاديًا جثيما من حيث المقارنة بين ثمن القذيفة والهدف.
وتتمثل إحدى تلك المعضلات أيضًا في ترسانة الطائرات بدون طيار المتنامية عالميًا. ويمكن حل تلك المعضلة باستخدام أسلحة تقليدية جدًا، ولكنها مزودة بالذكاء الاصطناعي.
وفي هذا الصدد، يتطلع البنتاجون بشكل متزايد إلى حل بسيط وأنيق لمشكلة الطائرات بدون طيار. ففي الآونة الأخيرة اختبرت وزارة الدفاع الأمريكية نظامًا آليًا مستقلًا مدعومًا بالذكاء الاصطناعي طورته شركة Allen Control Systems المتعاقدة مع وزارة الدفاع والتي أطلق عليها اسم “Bullfrog”.
نظام قديم بتطويرات حديثة
يتألف نظام Bullfrog من مدفع رشاش، M240، من عيار 7.62 ملم مثبت على برج دوار مصمم خصيصًا ومجهز بمستشعر بصري وبرامج رؤية حاسوبية تعمل بالذكاء الاصطناعي. وتم تصميم النظام لمكافحة المسيرات بأسلحة رخيصة الثمن وبفاعلية عالية أعلي بكثير من فاعلية الجنود البشرين. ويزعم المطورين بأن أنظمة كتلك قادرة على إسقاط الطائرات بدون طيار ببضع طلقات فقط.
ويعد هذا التطوير لسلاح معروف ومعتاد ميزة إضافية يمكنها التغلب على مشكلة ارتفاع ثمن القذائف المستخدمة في الدفاع الجوي المتعارف عليه. ولكن هذا لن يكون ممكنًا إلا بدمج نظم الذكاء الاصطناعي إلى أنظمة التعرف والتهديف لتلك الأسلحة.
تهديدات مميتة من السماء
يشكل إسقاط الطائرات المسيرات صغيرة الحجم سريعة الحركة باستخدام الأسلحة النارية التقليدية تحديًا كبيرًا حتى بالنسبة لأكثر الرماة موهبة. وقد سعت الجيوش إلى إيجاد طرق مختلفة لجعل الأسلحة الصغيرة أكثر فعالية ضد التهديدات المحتملة للمسيرات. وتشمل هذه الجهود أجهزة تشويش التردد اللاسلكي، المستخدم لتوجيه المسيرات. كما تشمل كذلك مشوشات نظام تحديد المواقع العالمي المثبتة على البنادق. و تتضافر تلك الجهود حتى لا تضطر القوات إلى حمل أسلحة ضخمة منفصلة لمكافحة الطائرات بدون طيار.
وتتضمن تلك الجهود أيضًا البصريات “الذكية” من شركات مثل SmartShooter وZeroMark. ويزعم صناع تلك الانظمة بأنها تسمح للسلاح بإطلاق النار فقط عندما يتم تحديد الهدف. حتى إن الجيش الأمريكي بالفعل قد بدأ في دمج تمارين مكافحة الطائرات بدون طيار في نظام التدريب الأساسي الخاص به. حيث يطمح لجعل تدريب إسقاط المسيرات تدريبًا “روتينيًا” مثل تدريب الرماية التقليدي.