الذكاء الاصطناعي والنظارات الذكية يمثلان تكنولوجيا خاصة وذكاءً خياليًا خصبًا للكثير من البشر؛ إذ تم تصور تلك النظارات وقدراتها الثورية في الكثير من الافلام؛ منها على سبيل المثال لا الحصر: “Star Trek، و Avengers، و Back to the Future Part II”. وفي ذات السياق تعد النظارةالذكية الأشهر في السينما هي تلك النظارة المستخدمة في فيلم “Mission: Impossible”.
محاولات سابقة فاشلة
في عام 2014 أطلقت Google أول نظاراتها الذكية ذات التصميم العصري الأنيق و المستوحى من تلك النظارات التي سبق و أن ظهرت في فيلم Star Trek.
وعقدت الشركة الكثير من الأمال على هذاالإصدار؛ حيث مثل منتجا ثوريا آن ذاك وبلغ سعر النظارة الواحدة 1500 دولار حينها.
وعلى الرغم من ذلك فقد لاقي المنتج انتقادات واسعة بسبب السعر والخصوصية. كما اعترض الكثيرين على تلك النظارات من إمكانية تصويرهم بدون علمهم حيث احتوت على كاميرات امامية عالية الدقة يمكنها تصوير ما يراه الشخص مباشرة.
وحتي الإصدار الثاني، والذي أطلق في عام 2019، من تلك النظارات لم يلق رواجا مثل سابقه لنفس الأسباب تقريبا.
ولم تؤثر تلك الإخفاقات في عزيمة الشركات الكبرى؛ مثل: “جوجل، وميتا، وأبل”، على إنتاج نظارات تحتوي على تقنيات الواقع المعزز. ويتسم بعضها بالأناقة بالإضافة الى الإمكانيات التقنية المتطورة؛ ومثل ظهور الذكاء الاصطناعي المزمع استخدامه حديثا في تلك النظارات أداة جذب جديدة بالنسبة للمستخدمين.
تفاؤل الشركات الكبرى
ويعلق “Gene Munster”، الشريك الإداري في شركة ديب ووتر لإدارة الأصول، على تخطيط الشركات لمزيد من الإصدارات من تلك التقنيات. قائلا : “اعتقادي أن سبب تفاؤل الشركات المنتجة هو مزيج من إدراك أن المستهلكين ينجذبون إلى التكنولوجيا سهلة الاستخدام. إلى جانب ثقة أكبر فيما يمكن أن يضيفه الذكاء الاصطناعي التوليدي إلى المعادلة”.
كما أضاف في مقال نشره الأسبوع الماضي على موقع الشركة: “إن استخدام الذكاء الاصطناعي يمهد الطريق نحو الحوسبة المحيطة المعقدة القابلة للارتداء. أو بعبارات أخرى، الهدف الحالي هو صنع نظارات تبدو وتشعر وكأنها “نظارات عادية”. ولكنها تمتلك فى نفس الوقت إمكانية الوصول إلى الذكاء الاصطناعي التوليدي من خلال التنشيط الصوتي والكاميرات وأجهزة الاستشعار”.
وتابع قائلًا: “هذا يعني أن النظارات ، والتي يمكن تعديل عدساتها لتصبح نظارة تصحيح النظر ، المزودة بتلك التقنيات ستفهم العالم المادي من حولك؛ بل ستكون قادرة على تزويدك بأي معلومات عنه؛ مثل: “ما نوع النبات الذي أنظر إليه؟” أو “هل رأيت المكان الذي تركت فيه مفاتيحي؟”.
وتوقع Munster أن يصل حجم السوق السنوي للنظارات الذكية إلى مئات الملايين من الوحدات خلال العقد المقبل. ودفع هذا شركات أبل وميتا وجوجل إلى إعادة تركيز مبادراتها في مجال الحوسبة المكانية لتكون أكثر انسجاما مع أجهزة جوجل وميتا القابلة للارتداء.
تقنيات ذكية تتحول الى أدوات أساسية
وعلق Timothy Bates، أستاذ الأمن السيبراني في كلية الابتكار والتكنولوجيا بجامعة Michigan-Flint، على تلك التقنيات: “لقد كان الذكاء الاصطناعي بمثابة تغيير جذري في جعل النظارات الذكية أكثر وظيفية وسهولة في الاستخدام”.
وأضاف قائلا: “لقد أظهر عملي مع تقنيات الواقع المعزز، والتي تعتمد على الذكاء الاصطناعي، أن قدرة الذكاء الاصطناعي على تخصيص تفاعلات المستخدم وتعزيزها أمر حيوي”.
وتابع: “يحول الذكاء الاصطناعي النظارات الذكية من مجرد أداة تكنولوجية إلى أداة أساسية سواء كان ذلك من خلال عناصر التحكم التي يتم تنشيطها صوتيًا أو توصيل المعلومات عن الواقع المحيط واسيعابها مكونات ذلك الواقع ؛ ما يزيد من جاذبيتها في كل من أسواق المستهلكين والشركات”.
وأضاف Mark N. Vena، رئيس ومحلل رئيسي في شركة SmartTech Research في لاس فيجاس: “إن الذكاء الاصطناعي لديه القدرة على تعزيز جاذبية النظارات الذكية بشكل كبير بالنسبة للمستخدمين العاديين، من خلال تقديم تجارب شخصية واعية بالسياق”.
تطبيقات جديدة قد تمثل ثورة في استخدام تلك التقنيات
وأضاف Vena قائلا: “بفضل الذكاء الاصطناعي، يمكن للنظارات الذكية توفير ترجمات في الوقت الفعلي، وإشعارات استباقية. وكذلك يمكنها اصدار توصيات و محتوى مخصص بناءًا على عادات المستخدم وتفضيلاته”.
واطرد قائلا: “إن التعرف على الصوت والإيماءات من خلال الذكاء الاصطناعي يسمح بالتحكم بدون استخدام اليدين بشكل أكثر سهولة وطبيعي. يجعل ذلك الأجهزة أسهل وأكثر سلاسة في الاستخدام. ويمكن لقدرات الواقع المعزز المدعومة بالذكاء الاصطناعي عرض معلومات مفيدة، مثل الخرائط أو تفاصيل المنتج، مباشرة على مجال رؤية المستخدم. مما يعزز المهام والتفاعلات اليومية”.
وأضاف Vena: “من خلال التعلم المستمر والتكيف مع سلوكيات المستخدم الفردية، يمكن للذكاء الاصطناعي أن يجعل النظارات الذكية أكثر استجابة وفائدة وجاذبية؛ ما قد يؤدي إلى اعتمادها على نطاق أوسع من جانب المستهلكين”.
لحظات استثنائية
كما أشار Tim Bajarin، رئيس شركة Creative Strategies، وهي شركة استشارات تكنولوجية في كاليفورنيا، إلى وجود إمكانيات جديدة لا تستطيع تطبيقها مع خلال هاتفك. من أحد تلك الإمكانيات التقاط صور لما تنظر إليه باستخدام الكاميرا ذات الدقة 12 ميجابكسل المدمجة في نظارته “RayBan Meta Wayfarers ” من خلال الضغط على زر جانبي في النظارة. إذ يمكن لتلك الخاصية أن تلتقط الفيديوهات أيضا مما يتيح لك استخدام كلتا يديك أثناء التصوير.
ويعلق TiM قائلا: “تتيح لك ميزة حديثة مشاركة ما تشاهده مع الأصدقاء؛ إذ يمكنني من الآن فصاعدا التقاط صورة بالكاميرا دون الحاجة إلى إخراج هاتفي الذكي”.
وقال أيضا: “الصوت الصادر من هذه النظارات الذكية استثنائي. أستخدم هذه الميزة كثيرًا للاستماع إلى البث الصوتي أو الموسيقى في أي وقت أريده، بدلًا من إخراج سماعات AirPods الخاصة بي لهذا الغرض. وعندما أحتاج إلى الاتجاهات أو المعلومات، أقول فقط. “مرحبًا ميتا، أين أقرب مطعم إفطار مني؟” فيعطيني الاسم والموقع والاتجاهات على الفور”.
ترجمات فورية للغات متعددة
وأضاف TiM قائلًا: “يمكن لتلك النظارات أيضًا إجراء بحث على الإنترنت. وإذا كنت مسافرًا وتحاول قراءة قائمة طعام باللغة الفرنسية، يمكن لنظاراتك الذكية استخدام الكاميرا المدمجة وMeta AI لترجمة النص لك؛ ما يمنحك المعلومات التي تحتاجها دون الحاجة إلى إخراج هاتفك أو التحديق في الشاشة”.
وأضاف Matt Hames، نائب الرئيس المساعد للاستراتيجية الرقمية والاجتماعية في شركة 3 Enrollment Marketing. وهي شركة تقدم استراتيجيات تسويقية لزيادة تسجيل الطلاب في التعليم العالي في نيويورك: “المعركة في الواقع تدور حول كيفية عمل الأجهزة القابلة للارتداء مع الهاتف. حيث تترك شركات التكنولوجيا الواقع الافتراضي وتدخل في مجال الأجهزة القابلة للارتداء التي يمكنها القيام بأشياء رائعة معتمدة على الهاتف”.
أهمية الموضة والجمال
كما يعلق Ross Rubin، المحلل الرئيسي في شركة Reticle Research، وهي شركة استشارية في مجال التكنولوجيا الاستهلاكية في مدينة نيويورك، على تعاون Meta مع .Ray-Ban: “يعد هذا التعاون مهما جدا و يُظهر الدور الذي تلعبه الموضة والجماليات في هذه الفئة حيث يرتدي الناس شيئًا ما على وجوههم طوال اليوم”.
وقال أيضا: “إن أحد الأسباب التي أدت إلى تعرض نظارات جوجل لمثل هذا القدر من الانتقادات هو أنها كانت لافتة للنظر للغاية. حيث لا أحد يرغب في ارتداء نظارات أحادية العدسة في حين يرتدي الناس نظارات شمسية من طراز راي بان. وإذا نظرت عن كثب، يمكنك أن ترى أنها أكثر سماكة بعض الشيء. ولكن من المؤكد أنها وصلت إلى النقطة التي سيكون من الصعب فيها التمييز بينها وبين النظارات العادية”.
وفي نفس الوقت، أشار Jitesh Ubrani، مدير الأبحاث في Worldwide Mobile Device Trackers، وهي شركة أبحاث السوق التي يقع مقرها بولاية ماساتشوستس، إلى أن التحسينات في كل من التصميم والتكنولوجيا جعلت هذه الفئة أكثر جاذبية منذ ظهور نظارات جوجل.
وفى ذات السياق، أضاف قائلا: “إن إدراج الذكاء الاصطناعي أدى أيضًا إلى تحسين قابلية الاستخدام الشاملة وفائدة النظارات الذكية؛ ما أدى إلى رفعها من حالة الاستخدامات البسيطة لاستبدال سماعات الرأس التي كانت سائدة في الماضي”.
كما استطرد قائلًا: “ورغم هذه التحسينات، لا تزال هذه الفئة لا تمثل ما يريده سوق التكنولوجيا. حيث على ما يبدو أن المستخدمين يرغبون في نظارات تتمتع بمزيد من وظائف الواقع المعزز دون التخلي عن الوزن وعمر البطارية. بالنسبة للنظارات المنتجة حاليا ، للأسف، لم تصل التكنولوجيا بعد إلى الحد الذي يسمح بتحقيق ذلك”.
النظارات الذكية في مستقبل آبل؟
وعلى الرغم من إصرار شركة أبل على أن منتجها Vision Pro هو مستقبل الحوسبة المكانية في الشركة. إلا أن Munster يعتقد أنها لن تكون قادرة على مقاومة المنافسة فى مجال النظارات الذكية.
وفي هذا السياق يقول Munster: “بينما أوافق على أن Vision Pro لديها فرصة حقيقية لتصبح شركة بقيمة 25-50 مليار دولار أمريكي سنويًا. إلا أني أعتقد أن الإصدارات المستقبلية من أجهزة الحوسبة المكانية الخاصة بهم سوف تتوافق مع مجموعة النظارات الذكية من Google وMeta من حيث الشكل”.
كما أضاف قائلًا: “أتوقع أن تبدأ الشركة خلال السنوات الخمس المقبلة في الإعلان عن هذه الأجهزة القابلة للارتداء من الجيل التالي”.
وأكد: “تستند ثقتي إلى اعتقاد بأن النظارات الذكية أكثر فائدة مقارنة بسماعات الواقع المعزز. وسيكون من المكلف للغاية بالنسبة لشركة أبل عدم دخول السوق”.