أصبحت التكنولوجيا المالية، أحد أهم الصناعات الواعدة على مستوى العالم. وذلك لقدرتها على استخدام الآليات والتقنيات التكنولوجية الحديثة والاستفادة منها في توسيع نطاق تقديم الخدمات والمنتجات المالية والمصرفية.
التكنولوجيا الرقمية وزيادة الخدمات المالية
وأدى التطور الهائل الذي يشهده العالم اليوم في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات. إلى ظهور العديد من التطبيقات والحلول المالية والمصرفية المبتكرة. والتي تساعد بشكلٍ كبيرٍ في زيادة كفاءة الخدمات المالية وتوسيع انتشارها، وما يترتب على ذلك من تأثيرٍ إيجابيٍ على الاقتصاد القومي.
وأظهرت المملكة العربية السعودية، نموًا كبيرًا في التمويل في الأشهر الستة الأولى من عام 2024. حيث تقدمت بمقدار مركزين لتصبح لاعبًا رئيسيًا في تمويل التكنولوجيا المالية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
391٪ زيادة سنوية في التمويل بالمملكة
وسجلت المملكة زيادة سنوية في التمويل بنسبة 391٪ في النصف الأول من عام 2024 مقارنة ذات الفترة من عام 2023.
من جانبه أكد محافظ البنك المركزي السعودي “ساما” أيمن السياري، في تصريحات سابقة. أن النظام المالي تغير بشكل كبير مع دخول شركات التقنية المالية “فنتك”. مشيرًا إلى التحول الذي يشهده القطاع المصرفي في المملكة.
وقال إن المبادرات الوطنية ضمن “رؤية 2030” أسهمت مع الابتكارات الرقمية في ازدهار قطاع التقنية المالية وبنيته التحتية. إضافة إلى تحفيز نمو هذه الخدمات.
وأضاف أن التقدم في التقنية الحوسبية مكّن من تطوير منتجات وخدمات متنوعة في القطاع. كما أدى وجود جيل شاب متنامٍ ومتصل للغاية إلى نمو سريع في الطلب على الخدمات المصرفية الاستهلاكية خصوصاً الرقمية.
زيادة عدد شركات التقنية بالمملكة بنسبة 57%
وبيّن أن الجهود أثمرت في نمو عدد شركات التقنية المالية السعودية بنسبة بلغت 57% من عام 2023 لتصل إلى إجمالي يبلغ 230 شركة. بنهاية الربع الثاني من العام الحالي.
وتابع “السياري”، أنه بإمكان صناعة التقنية المالية أن تكون لاعبًا أكبر في القطاع المالي. وتسهم في دعم النمو الاقتصادي في المملكة، موضحًا أن نظام
“فنتك” يهدف إلى إنشاء توازن بين المرونة والحياة التمويلية ونموها الصحي.
وأشار إلى ارتفاع نسبة المعاملات الرقمية للدفع خلال العام الماضي إلى 70%. نتيجة لجهود كثير من أصحاب المصلحة على مدى العقدين الماضيين. وتنويع القطاع المالي في المملكة أدى إلى تحفيز الطلب لخدمات المصرفية المفتوحة. حيث لدى البلاد أكثر من 12 مزوداً.
التكنولوجيا المالية واحتواء المخاطر
وشدّد على أن المنظومة التشريعية، التي أطلقت عام 2018 تمكن الشركات الناشئة من اختبارات الحلول في البيئة المحيطة. وتضمن احتواء المخاطر، كما ساعدت على مدى السنوات الماضية في تطوير إطار العمل التشريعي والإشرافي. وتوفير الوضوح التشريعي لكل العاملين في هذا المجال.
ولفت إلى أن صناعة التقنيات المالية لديها القدرة على لعب دور أكبر في إعادة تشكيل المشهد المستقبلي للقطاع المالي السعودي. حيث إنه من المحتمل أن تتميز الموجة المقبلة من التحول، بعد تعميق القطاع وتوسيعه. بأن تصبح التقنيات المالية محركاً للابتكار.
في ذات السياق أوضح وزير المالية السعودي، محمد الجدعان. أن عدد شركات التقنية المالية في السعودية بلغ 224 شركة بنهاية الربع الثاني من العام الجاري. متجاوزًا مستهدف برنامج تطوير القطاع المالي للربع ذاته البالغ 168 شركة.
وأضاف “الجدعان”، خلال كلمة على هامش فعاليات المؤتمر الدولي المتخصص في قطاع التقنية المالية “24 فنتك”. أن السعودية تطمح للوصول إلى “525 شركة بحلول 2030”.
7.1 مليار ريال قيمة الاستثمار في شركات التقنية
وأضاف أن قيمة الاستثمار الحالي في شركات التقنية المالية في السعودية بنهاية الربع الثاني من العام الجاري بلغت 7.1 مليار ريال ما يعادل 1.9 مليار دولار فيما بلغت حصة المدفوعات الإلكترونية في قطع التجزئة 70% من إجمالي قيمة المدفوعات خلال 2030.
وأشار الجدعان إلى سعي وزارة المالية لزيادة حصتها لتصل إلى 80% بحلول 2030.
على جانب آخر، كشف المنتدى الاقتصادي العالمي. أن توسع صناعة التكنولوجيا المالية على مدى السنوات العشر الماضية. مثّل حافزًا قويًّا للابتكار والشمول والنمو في قطاع الخدمات المالية والاقتصاد على نطاق أوسع.
وساهمت التكنولوجيا المالية، في تغيير الطريقة التي يستخدم بها المستهلكون والشركات الخدمات المالية. حيث أن رأس المال الاستثماري يؤدي دورًا رئيسًا في تمكين الابتكار في التكنولوجيا المالية؛ فعلى مدى السنوات الماضية، احتلت التكنولوجيا المالية المرتبة الأولى كواحدة من القطاعات الرائدة من حيث الاستفادة من رأس المال الاستثماري، مُجتذبة نحو 12% من إجمالي تمويل رأس المال الاستثماري في المتوسط.
نمو ملحوط في الاستثماري العالمي للتكنولوجيا المالية
وشهد تمويل رأس المال الاستثماري العالمي للتكنولوجيا المالية، نمواً ملحوظاً. حيث ارتفع من 18 مليار دولار عام 2015 إلى 92 مليار دولار عام 2021؛ مدفوعًا بأسعار الفائدة المنخفضة. بالإضافة إلى الرقمنة الناجمة عن جائحة “كوفيد-19”. ورغم هذا النمو الكبير، لكن حالة عدم الاستقرار الجيوسياسي وارتفاع أسعار الفائدة. أدت في النهاية إلى انخفاض تمويل رأس المال الاستثماري العالمي للتكنولوجيا المالية إلى 30 مليار دولار عام 2023. وهو ما يمثل انخفاضًا بنسبة 67% عن ذروة عام 2021.
وشهدت منطقتا “أمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي” أعلى متوسط نمو سنوي للتمويل. بلغ 37% بين عامي 2015 و2023، كما سجلت منطقة “الشرق الأوسط وشمال إفريقيا” ثاني أعلى معدل نمو لتمويل رأس المال الاستثماري في قطاع التكنولوجيا المالية بين عامي 2015 و2023. بمتوسط نمو سنوي بلغ 33%.
كما تضاعف حجم التمويل في المنطقة 3 مرات بين عامي 2020 و2023، وكانت منطقة “الشرق الأوسط وشمال إفريقيا” هي المنطقة الوحيدة التي شهدت نموًا في التمويل بين عامي 2021 و2023.
وأصبحت صناعة التكنولوجيا المالية ثاني أكثر صناعة مُنتجة للشركات الناشئة التي تتجاوز قيمتها مليار دولار. بعد صناعة البرمجيات المؤسسية. فبحلول عام 2023، وصلت حوالي 362 شركة تكنولوجيا مالية على مستوى العالم إلى قيمة الشركات الناشئة، ومع تعافي الاقتصاد العالمي وعودة ثقة المستثمرين، أصبحت صناعة التكنولوجيا المالية في وضع جيد لجذب اهتمام متجدد، مما يدفع نحو الموجة التالية من الابتكار والنمو.