ابتكار مستشعرات طبية تلتئم تلقائيًّا وتشحن نفسها بحرارة أجسامنا

مستشعرات طبية تلتأم تلقائيًّا وتشحن نفسها بحرارة أجسامنا
مستشعرات طبية تلتأم تلقائيًّا وتشحن نفسها بحرارة أجسامنا

تُعتبر المستشعرات التي يتم ارتداؤها على الجلد أو المزروعة داخل الجسم إحدى الوسائل الآخذة في الانتشار لجمع البيانات الحيوية للأغراض الشخصية والطبية؛ إذ تستطيع هذه المستشعرات رصد مؤشرات مهمة ذات صلة بصحة البشر، مثل معدل ضربات القلب، وضغط الدم، ونشاط الدماغ، وحركة العضلات، والسعرات التي يتم حرقها، وكذلك إفراز بعض المواد الكيميائية.

ويسعى العلماء للتوصل إلى مستشعرات وتقنيات قابلة للارتداء تعمل بالطاقة الذاتية؛ إذ يُعتبر توفير مصدر دائم للكهرباء لها من أبرز التحديات.

جدير بالذكر أنه  في عام  2018 بلغت قيمة سوق الأجهزة والتقنيات القابلة للارتداء ما يقرب من 23 مليار دولار، ومن المرجح أن تنمو إلى 54 مليار دولار بحلول عام 2023 وفقًا لتوقعات “Global Data”.

وتوصل باحثون بجامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كاوست) إلى مادة كهروحرارية تستطيع توفير طاقة دائمة وثابتة لهذه الأجهزة الإلكترونية؛ إذ يمكنها استخدام حرارة الجسم لتوليد الطاقة، وهو ما قد يُغني عن استخدام البطاريات لشحن هذه المستشعرات.

تجدر الاشارة إلى أن العالم البروسي توماس سيبك كان أول من وثق لتجربة توليد بعض المواد تيارًا كهربائيًا لدى تعرضها للحرارة وذلك في عام 1831. ومنذ ذلك التاريخ يجتهد العلماء في الاستفادة من مزايا هذه المواد رغم صعوبتها.

“كاوست” تطلق مبادرة الكربون الدائري

ولصنع نموذج أولي من هذه المادة الكهروحرارية تم الجمع بين ثلاثة مركبات عضوية محضرة بعناية، وتتسم هذه المادة بأنها قابلة للتمدد وذاتية الإصلاح والالتئام، وقادرة على توليد الكهرباء اللازمة لها، بالإضافة إلى متانتها وصمودها أمام ضغوط الحياة اليومية.

وتعتمد المواد الكهروحرارية في توليدها للكهرباء على التدرجات في درجة الحرارة. وتتمتع هذه المواد بالقدرة على توفير الطاقة للتقنيات القابلة للارتداء باستخدام حرارة الجسم؛ ما يُغني عن الحاجة إلى البطاريات، لكن المواد المتاحة حاليًّا تفتقر إلى المرونة والقوة والقدرة على التأقلم؛ حتى لا تتعرض لضرر دائم عند ارتدائها.

وقام فريق” كاوست”، بقيادة  الدكتورة ديريا باران؛ والدكتور سيونج كي؛ من قسم هندسة وعلوم المواد  بالجامعة، بخلط «بيتوت: بي إس إس» ، وهو بوليمر كهروحراري جيد التوصيل، مع ثنائي ميثيل السلفوكسيد، وهو مركب عضوي يعزز أداء البوليمر، ومادة ترايتون إكس-100، وهي مادة لزجة تشبه الهلام تشجع على تكوين الروابط الهيدروجينية مع البوليمر.

يقول كي عن هذه المادة: “كان هذا المكوِّن الأخير ضروريًّا لتوفير القابلية للتمدد والالتئام الذاتي التي نريدها”.

واستخدم الباحثون طابعة ثلاثية الأبعاد لوضع هذا الخليط في هيئة طبقات سميكة، ثم قاموا باختبار الأداء الكهروحراري لهذه الطبقات تحت الضغط. وبعد إحداث فرق في درجة الحرارة بأجهزة كهروحرارية، ثم توليد تيار كهربي، وجد فريق الباحثين أن اختلافًا قدره 32 درجة مئوية ولَّد أكبر ناتج للطاقة، بلغ قدره 12.2 نانو وات.

بعد ذلك اختبر الفريق قدرة تلك الطبقات على الالتئام الذاتي، عن طريق قطعها إلى نصفين، باستخدام شفرة حادة، وهي متصلة بمصدر ثنائي باعث للضوء.

ويوضح كي: “من المدهش أن الضوء لم ينقطع أثناء قطع الطبقات أو بعده.. كرَّرْتُ قطع الطبقات عشر مرات، لكن الطبقات ظلت قادرةً على الالتئام الذاتي في أقل من ثانية، مع احتفاظها بنسبة 85% من إنتاجها للطاقة”.

يضاف إلى ذلك أنه عند تمدُّد الطبقات إلى ما يقرب من ثلث حجمها الأصلي، ظلت قادرةً على توفير إمداد ثابت للطاقة.

علماء “كاوست” يستعينون بالذكاء الاصطناعي لتحديد الجينات المسبّبة للسرطان

ويشرح “كي” مميزات المادة الكهروحرارية المطورة قائلًا: “تعمل الإلكترونيات القابلة للارتداء تحت ضغط مستمر، وإمداداتها للطاقة قد تتعرض للانقطاع. أما المادة التي طورناها فتستطيع أن توفر طاقةً ثابتةً وموثوقًا بها؛ لأنها قادرة على التشكل والتمدد، والأهم أنها قادرة على إصلاح نفسها تلقائيًّا”.

تجدر الإشارة إلى أن طاقةً مقدارها 12 نانو وات ليست كافية لتغذية الكثير من الأجهزة، فيما عدا المستشعرات الحيوية وأجهزة الإرسال عالية الكفاءة، لكن ما تم إنجازه في “كاوست”  يُعَدُّ بدايةً واعدة.

ويختتم كي حديثه قائلًا: “أثبتنا أن مثل هذه المواد يسهل صنعها باستخدام الطباعة الثلاثية الأبعاد، التي تعد تكنولوجيا عملية تتمتع برواج كبير. وسيكون علينا في الخطوة القادمة أن نعثر على مواد تتمتع بخصائص كهروحرارية أفضل؛ كي نستطيع توليد كميةٍ أكبر من الطاقة في المستقبل القريب”.

اقرأ أيضًا:

باحثون: نستهدف مسارات إصلاح تلف الحمض النووي لعلاج مرض السرطان

ولمتابعة أحدث الأخبار الاقتصادية اضغط هنا

الرابط المختصر :