أرخص من الساعات الذكية.. تقنية جديدة تراقب حالتك الصحية

شريحة الحساسات الجديدة

تحاول شركات عدة إنتاج الساعات الذكية التي يمكنها مراقبة نشاط الإنسان عمومًا أو أداء أجهزته الداخلية. وتشمل تلك الساعات أنظمة قياس ضغط الدم ومعدل نبض القلب وعدد ساعات النوم وغيرها.

ولا تعد الساعات الذكية كافية طبيًا حتى الآن؛ حيث تتطلب الكثير من التطبيقات الطبية والرعاية الصحية دقة عالية لأجهزة القياس.

أرخص الساعات الذكية والرعاية الصحية

إن معرفة الحالة الشخصية للمريض مفيدة جدًا. فحينما نعرف احتياجات الفرد نستطيع تقديم المزيج المناسب من العناصر الغذائية أو الأدوية.

وفي الوقت نفسه، تساعد متابعة النتائج المرجوة لحظة بلحظة الاستقرار على تحسين حالة المريض. ولهذا؛ يحتاج الأطباء إلى وسيلة قياس ومراقبة للمؤشرات الحيوية للصحة باستمرار.

تحد التكاليف من انتشار تلك الأجهزة على نطاق واسع؛ حيث إن الساعات الذكية مكلفة إلى حد بعيد من حيث الثمن.

وتستلزم المراقبة المتصلة للمريض “حساسات” رخيصة الثمن ودقيقة في الوقت نفسه؛ إذ لا يتوافر ذلك في الأجهزة القابلة للارتداء حتى أرخص الساعات الذكية.

 

حساسات طبية قابلة للطباعة (صورة من الورقة البحثية )

بدائل من أرخص الساعات الذكية

وفي خلال سعيهم لإيحاد بدائل أرخص ثمنًا، نجح فريق من مهندسي معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا في تطوير تقنية لطباعة مجموعات من الجسيمات النانومترية الخاصة، باستخدام طريقة الطباعة العادية Ink Jet.

حيث توفر تلك الطريقة إنتاج كميات كبيرة من أجهزة استشعار العرق القابلة للارتداء التي تدوم مدة طويلة.

وتمكن تلك الأجهزة من مراقبة مجموعة متنوعة من المؤشرات الحيوية، كما يمكنها قياس جزيئات مثل: الفيتامينات والهرمونات والأدوية في الوقت الحقيقي.

وتوفر تلك “الحساسات” للمرضى وأطبائهم القدرة على متابعة التغيرات في مستويات هذه الجزيئات باستمرار.

تم استخدام أجهزة استشعار حيوية يمكن ارتداؤها تتضمن جزيئات نانومترية جديدة بنجاح لمراقبة المستقبلات لدى المرضى الذين يعانون من مرض “كوفيد” طويل الأمد ومستويات أدوية العلاج الكيميائي لدى مرضى السرطان بمستشفى City of Hope – California.

ويعلق Wei Gao؛ أستاذ الهندسة الطبية في Andrew and Peggy Cherng للهندسة الطبية بمعهد كاليفورنيا للتكنولوجيا، قائلًا: “هذان مجرد مثالين لما هو ممكن”.

ويضيف “Gao”:”تتيح لنا هذه المستشعرات إمكانية مراقبة العديد من العلامات الحيوية للحالات المزمنة باستمرار، وفي الوقت نفسه بطريقة غير جراحية”.

وشارك “Gao” وفريقه تفاصيل تلك التقنية في ورقة بحثية بمجلة Nature Materials .

كيف تعمل تلك التقنية؟

يصف “Gao” وفريقه الجسيمات النانومترية بأنها: جسيمات مكعبة مجوفة. حيث يشكل الفريق المكعبات في محلول يحتوي على الجزيء المراد تتبعه.

على سبيل المثال، لو ارد الباحثون تتبع فيتامين “C”. يقوم الفريق بتجميع الجزيئات النانومترية تلقائيًا لتكوين بوليمر.

ومن ثم يتم حبس الجزيء المستهدف – فيتامين “C” في هذه الحالة – داخل الجسيمات النانومترية المكعبة.

بعد ذلك، يتم استخدام مذيب لإزالة جزيئات فيتامين “C” على وجه التحديد، الذي يترك فراغًا مكونًا من غلاف بوليمر مطبوع جزيئي. ويتشكل هذا الغلاف بحيث يحتوى على ثقوب ذات أشكال تتطابق تمامًا مع جزيئات فيتامين “C”. وهي نفس الطريقة التي تتعرف بها الأجسام المضادة الاصطناعية على أشكال جزيئات معينة انتقائيًا.

ويمكن تقريب ذلك للأذهان، كما لو كان نموذجًا من مكعبات الأطفال على شكل مكعب على كل جوانبه ثقوب على شكل الجسم المراد كشفه.

 فيتامين C

ويستخدم العلماء أحد مركبات الحديد والنيكل (NiHCF) و يضعونه داخل المكعب النانومتري السالف الذكر.

وتتميز تلك المادة بأنه يمكن أكسدتها أو اختزالها في وجود جهد كهربائي عند ملامستها للعرق البشري أو غيره من سوائل الجسم.

وبالعودة إلى مثال فيتامين “C”، فإن السائل سوف يتلامس مع نواة NiHCF طالما أن الثقوب على شكل فيتامين “C” غير مشغولة. حيث يولد هذا التلامس إشارة كهربائية.

ولكن عندما تتلامس جزيئات فيتامين “C” مع البوليمر المكون للمكعب. فإنها تنزلق إلى تلك الثقوب التي تركها الفيتامين عند إذابته في أثناء صناعة المستشعر.

وبشغل الفيتامين تلك الفراغات فإنه يمنع العرق أو غيره من سوائل الجسم عن ملامسة النواة. وهذا يضعف الإشارة الكهربائية. وبالتالي، تكشف قوة الإشارة الكهربائية عن كَمّيَّة فيتامين “C” الموجودة.

استقرار على مدى زمني طويل

يقول “Gao”، وهو أيضًا باحث في معهد أبحاث التراث الطبي وفي منحة Ronald and JoAnne Willens: “هذه المادة الموضوعة في قلب المكعب بالغة الأهمية. حيث إن مادة  NiHCF المصنوع منها قلب المكعب مستقر للغاية. حتى في السوائل البيولوجية؛ ما يجعل هذه المستشعرات مثالية للقياس على المدى الطويل”.

تتميز الجسيمات النانومترية الجديدة بتعدد استخداماتها، وتُستخدم في طباعة مجموعات أجهزة الاستشعار التي تقيس في العرق مستويات الأحماض الأمينية، أو المستقلبات، أو الهرمونات، أو الأدوية.

كما يمكنها قياس نفس المواد في السوائل الجسدية الأخرى. ويمكن طباعتها ببساطة عن طريق استخدام “أحبار” الجسيمات النانومترية المتعددة في مجموعة واحدة.

على سبيل المثال، قام “Gao” ورفاقه، بطباعة جسيمات نانومترية ترتبط بفيتامين “C” إلى جانب جسيمات نانومترية أخرى ترتبط بحمض tryptophan  و creatinine، وهما مؤشران حيويان لمعرفة مدى جودة عمل الكلى. حيث تم دمج جميع الجسيمات النانومترية في جهاز استشعار واحد ومن ثم  تم إنتاجه بكميات كبيرة بعد ذلك.

 

صورة الحساس الطبي أثناء ارتداءه (صورة من الورقة البحثية)

 

وعلى نحو مماثل، طبع الباحثون أجهزة استشعار يمكن ارتداؤها تعتمد على جسيمات نانومترية. حيث مكنت تلك الأجهزة من قياس ثلاثة أدوية مختلفة مضادة للأورام بواسطة شريحة واحدة.  ومن ثم اختبارها بعد ذلك على مرضى السرطان.

يقول “Goa”: “لقد أظهرنا إمكانات هذه التكنولوجيا من خلال قدرتنا على مراقبة كمية أدوية السرطان بالجسم “عن بعد” في أي وقت. وهذا يشير إلى الطريق نحو تحقيق هدف تخصيص الجرعة ليس فقط للسرطان، لكن للعديد من الحالات الأخرى أيضًا”.

وفي الدراسة، أظهر الفريق أيضًا أنه يمكن استخدام الجسيمات النانومترية لطباعة أجهزة استشعار يمكن زرعها أسفل الجلد مباشرة. حيث يمكنها من مراقبة مستويات الدواء في الجسم بدقة.

 

 

الرابط المختصر :