ديمقراطية التكنولوجيا .. الذكاء الاصطناعي نموذجًا

Democratization of AI

في عالم التكنولوجيا يوجد ما هو مفتوح المصدر وما ليس مفتوحًا، الشيء الذي يؤثر في ديمقراطية التكنولوجيا وتوفرها للعديد من المطورين والباحثين لإجراء عدد من التجارب والتي يمكن أن تساعد في عمليات البحث العلمي المتعددة، وبما أن التكنولوجيا هي لغة المسقبل بما تحتويه من تطور في نفسها وتطوير لغيرها من المجالات فإنها تضفي على مجال من مجالات المجتمع طابع السرعة والجودة والمرونة؛ من رعاية صحية وتعليم واقتصاد وغيرها من المجالات.

 مفهوم ديمقراطية التكنولوجيا

يشير مفهوم ديمقراطية التكنولوجيا أو إضفاء الطابع الديمقراطي على التكنولوجيا إلى العملية التي يمكن من خلالها للمستخدمين والمطورين الوصول إلى التكنولوجيا، وقد مكنت التكنولوجيات الجديدة والتجارب المحسّنة التي يجريها المستخدمون من الحصول على المنتجات والخدمات التقنية واستخدامها على نطاق أوسع؛ حيث يتمتع المستهلكون بإمكانية أكبر لشراء واستخدام المنتجات المتطورة تقنيًا، كما يمكنهم المشاركة بشكل هادف في تطوير هذه المنتجات على المدى البعيد، وقد ارتبط ابتكار الصناعة وطلب المستخدمين بمنتجات معقولة التكلفة وسهلة الاستخدام.

ديمقراطية التكنولوجيا

ويُعتبر الذكاء الاصطناعي من أهم أعمدة تقنيات المستقبل، ويرجع ذلك للإمكانيات التي تتمتع بها تقنية الذكاء الاصطناعي، ولكن تبقى المعضلة الأساسية أن تقنية الذكاء الاصطناعيليست متاحة للتطوير من قِبل عامة المطورين؛ ما يجعلها تقنية خاصة بكبرى الشركات العالمة التي تسيطر على سوق تقنية الذكاء الاصطناعي وتقنية تعلم الآلة مثل Amazon Web Services (AWS) وMicrosoft Azure وGoogle Compute Platform.

 

ومع تحرك الشركات نحو التحول الديمقراطي تظهر مسألة في غاية الحساسية فحتى أنظمة الذكاء الاصطناعي الأكثر تطورًا التي صممها مهندسون مؤهلون تأهيلاً عاليًا يمكن أن تقع ضحية للتحيز والاحتكار وقضايا قابلية التفسير وغيرها الكثير من العيوب، فيمكن لنظام الذكاء الاصطناعي الذي بناه شخص ما دون تدريب مناسب أوشخص يعمل بدون ضوابط مناسبة أن يصنع شيئًا خطيرًا، والأسوأ من ذلك: قد لا تصبح المشكلات واضحة إلا بعد تطبيق النظام؛ ما يترك الشركات تتدافع لطمأنة أصحاب المصلحة والتراجع عن الضرر وإصلاح التكنولوجيا.

 

ما الذي يجب أن يخضع لمفهوم ديمقراطية التكنولوجيا؟

في أحد أطراف التكنولوجيا توجد البيانات و Data Warehouses في مستودعات البيانات، وتعمل أنظمة الذكاء الاصطناعي، خاصة تقنية تعلم الآلة ML، على كميات كبيرة من البيانات المنظمة وغير المنظمة باعتبار أنها المادة الخام التي يمكن من خلالها توليد رؤى وقرارات ثم نتائج، فمن السهل جعل هذا الجزء يخضع لمفهوم ديمقراطية التكنولوجيا ومتاحًا للغير؛ ما يمكّن الناس من إجراء التحليلات الأساسية بأنفسهم، وبالفعل أنشأ عدد من مزودي التكنولوجيا مستكشفين للبيانات لمساعدة المستخدمين في البحث وتصور مجموعات البيانات المتاحة علنًا.

ديمقراطية التكنولوجيا

بعد ذلك تأتي الخوارزميات التي يتم تغذية البيانات بها، وهنا ترتفع قيمة الأشياء وتعقيدها؛ حيث يتم تشغيل البيانات فعليًا في هذه المرحلة، ولا يزال من السهل نسبيًا تحقيق ديمقراطية التكنولوجيا هنا، وفي الواقع يمكن الوصول إلى الخوارزميات على نطاق واسع؛ إذ تظهر لنا مستودعات الأكواد مفتوحة المصدر مثل GitHub بشكل كبير خلال العقد الماضي.

 

كيف نجعل من التكنولوجيا شيئًا ديمقراطيًا؟

يتم ذلك عبر أربعة إجراءات مختلفة يجب اتخاذها لضمان حصول الكل على الفائدة الكاملة من التحول الديمقراطي عبر أدوات القيمة المختلفة وهي: الوصول والاستخدام والسيطرة والملكية. ومع تجنب سوء الاستخدام وسوء المعاملة والتحيز وغير ذلك من المشاكل، إضافة إلى بعض الإجراءات التي يتعين على مزودي الخدمة اتخاذها وهي:

  1. التدريب Training: قد يكون الافتقار إلى التدريب الكافي على تطوير وتنفيذ الذكاء الاصطناعي كارثيًا خاصة عندما يتعلق الأمر بالنظم التي تتعامل مع المجال الصحي بصورة عامة أو الأمور المالية للمستثمرين، وعلى سبيل المثال: إذا لم يفهم المستخدمون العاديون أو غير المدربين أهمية تقسيم البيانات إلى قطاعات للتدريب والتحقق والاختبار فقد ينتهي بهم الأمر بسهولة بالذكاء الاصطناعي الذي ينتج عنه نتائج غير دقيقة أو غير مقصودة، وإذا أردنا الانتقال من مجرد توفير الوصول إلى تحفيز استخدام هذه الأدوات فإن تدريب المستخدمين غير الرسميين على الأسس المناسبة لعلوم البيانات أمر بالغ الأهمية للاستخدام الآمن للذكاء الاصطناعي.

ديمقراطية التكنولوجيا

  1. الحكم على البيانات Governance: يحتاج قادة الشركة إلى إثبات الوضوح بشأن ملكية البيانات التي يتم تغذيتها في المنصات التي تعمل بالذكاء الاصطناعي والتحكم فيها وكيفية ارتباط الحقوق بالرؤى التي يتم إنشاؤها، فعندما يتم جمع البيانات لبرنامج ذكاء اصطناعي أو برنامج يقوم في الأساس على تقنية تعلم الآلة ML محدد ثم يتم استخدامه لتطبيقات مختلفة، والتي يمكن أن يكون حالها حال البيانات مفتوحة المصدر، فمن السهل فقدان الرؤية في أصول البيانات والهدف الذي تم جمعها من أجله وكيف تم تعديلها وما إذا يتوجب أن تتم حمايتها بشكل مناسب؛ أي أن الذكاء الاصطناعي الذي تم إنشاؤه باستخدام بيانات لا تحكمها فرق داخل منظمة وظيفتها ضمان نزاهة البيانات هو أيضًا مصدر قلق يسبب العديد من المخاطر؛ لذا يجب بناء نماذج الذكاء الاصطناعي/ML باستخدام بيانات يتم رصدها وتأمينها وفهمها.

 

  1. حقوق الملكية الفكرية Intellectual property (IP) rights: إذ لا يمكن تحقيق الفوائد المتصورة لإرساء ديمقراطية التكنولوجيا دون اتخاذ قرارات بشأن من يملك حقوق الملكية الفكرية للبيانات والتطبيقات، وهناك شركات رفضت استخدام المنصات السحابية لمعالجة الصور أو الصوت خوفًا من معالجة المعلومات السرية خارج سيطرة الشركة، وأن مزود الحلول السحابية يستخدم ويستفيد من الرؤى المهمة الناتجة عن بياناتهم نظرًا لأن المزيد من الشركات تدرك أن القوة الكاملة لإرساء الديمقراطية تأتي من بياناتها وبيانات منافسيها، فالسيطرة في هذا العصر لمن يملك المعلومة وليس من الأدوات والمنصات نفسها، فمن المحتمل أن تطالب بمستوى معين من حقوق الملكية الفكرية.

ديمقراطية التكنولوجيا

  1. فتح مصادر Open sourcing: يتطلب إغلاق الحلقة حول العوامل التمكينية لإرساء ديمقراطية التكنولوجيا من جميع مزودي التكنولوجيا فتح مصدر ما تنتجه بالحد الذي لا ينتهك الخصوصية والسرية والديناميكيات التنافسية، ويكمن الفشل في أن إغلاق الحلقة من الملكية إلى الوصول سيصنع بشكل أساسي تدفقًا في اتجاه واحد؛ حيث يستفيد بعض اللاعبين -عادةً الشركات الأكبر أو الحكومات التي لديها تمويل وفير- من التحول الديمقراطي على المدى القصير لكن أولئك الذين لديهم موارد أقل يتخلفون عن الركب.

 

 

قد يختلف الكثيرون من منتجي التكنولوجيا مع الرأي الذي يرسي من ديمقراطية التكنولوجيا تخوفًا من المنافسين، ولكن يبقى الأساس أن المعلومة حق للجميع من ناحية، ومن ناحية أخرى فإن تمليك المعلومة والتكنولوجيا لطالبيها يزيد من منافسة المنتجين في الحقيقة ولكن يصب كل ذلك في مصلحة التكنولوجيا ومستخدميها والبشرية والعلم.

الرابط المختصر :
اترك رد