التغير المناخي.. 750 مليون إنسان معرضون للجفاف

كوكب الارض

لم يعد التغير المناخي وما يستتبعه من ظواهر مثل الجفاف، والتصحر وشح الأمطار نظريات علمية فقط. حيث يلاحظ البشر تغيرا كبيرا عما عهدوه من ظواهر مناخية على مستوي الكوكب ككل. وأصبح جليا للجميع  دخول الماء كمصدر من المصادر الحيوية التي قد تدور حولها الحروب في المستقبل القريب.

التغير المناخي

ويمكن تعريف التغير المناخي بأنه التحول البطيء في درجات الحرارة وأنماط الطقس على كوكب الأرض. ويمكن ان تسبب العوامل الطبيعية كالبراكين وغيرها في احداث هذا التغير. غير أن السبب الرئيس في التغير الحالي هو النشاط البشري على كوكب الأرض.  والذي ينتج على أثره تزايد تركيزات الغازات الدفيئة في الغلاف الجوي.

ويسبب حرق الوقود الاحفوري، البترول والفحم والغاز، لإنتاج الطاقة هو أكبر مصادر الغازات الدفيئة. كما يمكن ان تمثل الزراعة والصناعة مصدرا آخرا للغازات الدفيئة مثل الميثان وغيرها. كما يمكن أن يمثل النشاط البشري اسهاما غير مباشرًا فى الاحتباس الحراري وذلك بقطع الغابات مما يقلل من امتصاص ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي.

الصين وتغير المناخ
زوبان الجليد القطبي

 آثار التغيير المناخي

يمثل ارتفاع درجات الحرارة عالميًا اهم آثار التغير المناخي العالمي. حيث يمكنه أن يتسبب في موجات حر وجفاف أكثر شدة. كما يمكن للتغير المناخي أن يؤثر بصورة فعالة في ذوبان الجليد القطبي وارتفاع مستوى البحار مما يهدد العديد من مدن العالم بالغرق.  كما يمكنه أيضا زيادة العواصف والأمطار الغزيرة في أماكن آخري من العالم  ما قد يهدد بتدهور التنوع البيولوجي وتأثيرات متفاقمة على الزراعة والصحة والاقتصاد.

التحذيرات المتتالية من آثار التغير المناخي

في الآونة الاخيرة ومع التطور الكبير في الكومبيوترات وعلوم الحوسبة تمكن العلماء من اجراء  العديد من عمليات المحاكاة لتلك التغيرات. في محاولة منهم للحصول على نقطة حرجة في مكان ما بالعالم تعرف بيوم الصفر. وهو اليوم الذي سيتجاوز الطلب المحلي على المياه الإمدادات المتاحة من الأمطار والأنهار والخزانات.

وفي مفاجأة هي الاولي من نوعها اكشفت عمليات محاكاة المناخ أن ظروف الجفاف “يوم الصفر” تقترب بسرعة في جميع أنحاء العالم، مما يعرض أعدادًا هائلة من السكان لخطر ندرة المياه الشديدة.

تغير المناخ
التصحر

 

خلصت دراسة جديدة نُشرت في مجلة Nature Communications الشهيرة ، أجراها باحثون في مركز Climate Physics (ICCP) بجامعة Pusan الوطنية في جمهورية كوريا، إلى أن الاحتباس الحراري يُسرّع من احتمالية حدوث حالات جفاف تستمر لسنوات عديدة في أماكن عدة من العالم.

نقص حاد في مصادر المياه عالميا

يمكن أن تدفع فترات الجفاف المطولة مناطق كثيرة فى العالم نحو نقص حاد في المياه.  مما يُشكل ضغطًا على إمدادات مياه الشرب والزراعة والمجتمعات حول العالم خلال العقود القليلة القادمة. حيث استخدم الفريق أحدث عمليات محاكاة النماذج المناخية لتقدير متى سيتجاوز الطلب المحلي على المياه الإمدادات المتاحة من الأمطار والأنهار والخزانات.

وقد أظهرت حالات الجفاف الأخيرة في Cape Town (جنوب أفريقيا) عام 2018 Chennai (الهند) عام 2019 وكذلك جفاف طهران الحالى  (إيران)  مدى تأثر المدن بنفاد المياه.  مما يظهر أهمية تحديد توقيت ومكان يوم الصفر حيث يمثل  أمرًا بالغ الأهمية لتخطيط إدارة فعالة للمياه في المناطق الحضرية والريفية على حد سواء.

الأمطار
أمطار

نتائج مقلقة 

أظهرت الدراسة ازديادا حادا في حالات الجفاف الشديد في السنوات القادمة، كما أنها سوف تحدث أبكر بكثير مما كان متوقعًا. حيث كشفت توقعات نماذج المناخ عن تسارع حالات الجفاف الشديد.

واعتمد الفريق على محاكاة مناخية تستند إلى سيناريوات تكون فيها غازات الاحتباس الحراري هي الفاعل الرئيس.  ومن خلال دراسة عوامل مهمة مثل نقص الأمطار لفترات طويلة، وانخفاض تدفق الأنهار، وتزايد استخدام المياه، حدد الباحثون بؤرًا ساخنة واضحة لجفاف شديد محتمل في جميع أنحاء البحر الأبيض المتوسط وجنوب أفريقيا وأجزاء من أمريكا الشمالية. حيث تظهر نتائج المحاكاة  أن المدن في هذه المناطق معرضة للخطر بشكل خاص.

جفاف مؤثر عالميا

وفقًا لعمليات المحاكاة، من المرجح أن تظهر حالات الجفاف الشديد مناطق شاسعة قد تصل الى 35% من المناطق المعرضة للخطر سابقة الذكر. وذلك من المقدر حدوثه خلال السنوات الخمس عشرة القادمة. أما بحلول نهاية هذا القرن، قد تُهدد ظروف الجفاف الشديد مناطق يقدر عدد سكانها بحوالي 750 مليون شخص حول العالم. يسكن منهم 470 مليونًا المدن و290 مليونًا يقطنون في المناطق الريفية.

ومن المتوقع أن تشهد منطقة البحر الأبيض المتوسط ​​أعلى مستويات التأثر بالجفاف في المناطق الحضرية، بينما تواجه مناطق شمال وجنوب أفريقيا وأجزاء من آسيا أشد الآثار الريفية.

نتائج الدراسة تظهر أماكن واحتمالات الجفاف العالمية بين عامي 1900و 2100 م

الآثار المتوقعة على المجتمعات العالمية

وفي هذا السياق تعلق   Ravinandrasana ، طالبة الدكتوراه والمؤلفة الرئيسية للدراسة:

“تُظهر دراستنا أن الاحتباس الحراري يسبب ويسرّع من حالات الجفاف الشديد في جميع أنحاء العالم. وحتى لو حققنا هدف 1.5 درجة مئوية، سيظل مئات الملايين من الناس يعانون من نقص غير مسبوق في المياه”.  ويمثل هدف 1.5 درجة مئوية التزاما عالميا بعدم زيادة درجة حرارة الارض ككل بأكثر من 1.5 درجة عما كانت عليه قبل الثورة الصناعية.

يقول الباحث المشارك البروفيسور Christian Frankze  من مركز IBS لفيزياء المناخ:

“وفقا لحساباتنا قد تجف 14% من خزانات المياه الرئيسية بالفعل خلال أول أيام الجفاف، مما يؤثر بشدة على سبل عيش الناس”.

دراسة: غابات الأمازون تزيد من الاحتباس الحرارى بعد إزالة أشجارها
غابات الأمازون

كيف يمكن الحد من الاحتباس الحراري

يمكن للبشر جميعا التكاتف للحد من الآثار العالمية الناجمة عن الاحتباس الحراري وذلك بتطبيق بعض الاجراءات الضرورية دون تأخير. تشمل تلك الاجراءات التحول للطاقات المتجددة مثل الشمس والرياح. وكذلك زيادة الغطاء النباتي عالميا وزراعة الأشجار . كما يمكن لتحسين كفاءة استهلاك الطاقة وتقليل النفايات وإعادة التدويروكذلك  استخدام النقل العام والسيارات الكهربائية  الحد من الانبعاثات الحرارية العالمية. غير أنه من المهم جدا  تبني سياسات دولية للحد من الانبعاثات عالميا .

وفي سياق التحذيرات من تداعيات المضي قدما في المعلات الحالية للاستهلاك وحرق الوقود عالميا تقول.  Ravinandrasana: “لم يعد جفاف يوم الصفر سيناريو بعيدًا بل إنه يحدث الآن بالفعل. فبدون تكيف فوري وإدارة مستدامة للمياه، من المرجح أن يواجه مئات الملايين من الناس نقصًا غير مسبوق في المياه في المستقبل القريب.”

 

الرابط المختصر :