ثلاجات المستقبل.. ثورة باستهلاك الطاقة والعمل في صمت

تقنية CHESS الجديدة

اختراع الثلاجات ركيزة أساسية في تقدم البشرية، وثلاجات المستقبل لن تكتفي بإمكانية حفظ الطعام ونقله طازجًا من أماكن زراعته أو تصنيعه إلى المستهلكين في أمكان بعيدة فقط. بعدما امتلك البشر القدرة على الحياة والنمو العمراني في شتي بقاع الأرض خاصة المقفرة منها وقليلة الموارد.

وتتلخص فكرة عمل الثلاجة في عملية التبادل الحراري، وهو طريقة تساعد على امتصاص الطاقة الحرارية من قلب الثلاجة وطرحها خارجا.

ويؤدي ذلك الى خفض درجة الحرارة داخل بدن الثلاجة بصورة متحكم بها عن طريق ثرموستات. بينما تحد درجة الحرارة المنخفضة من عمل البكتيريا المحللة للطعام؛ ما يجعله صالحًا للاستخدام لفترات ممتدة حسب درجة حرارة التبريد.

ثلاجات المستقبل.. كيف ستعمل؟

تعتمد الثلاجات التقليدية في أداء عملها على خصائص سائل التبريد وهو سائل يمكن تبخيره وتكثيفه بسهولة؛ حيث تبدأ دورة التبريد بمرور غاز التبريد خلال مكبس، وهو أداه ميكانيكية يمكنها زيادة ضغط الغاز في الأنابيب. ويتم ضغط الغاز في هذه المرحلة إلى ضغط عال؛ ما يؤدي الى ارتفاع درجة حرارته.

ويقوم المكثف الموجود خلف بدن الثلاجة بخفض درجة حرارة غاز التبريد ويظل ضغطه مرتفعًا.

مخطط ثلاجة

حينما يبرد الغاز يتحول الى سائل مرة اخري ولكنه سائل تحت ضغط مرتفع. ويستمر تدفق السائل مرتفع الضغط حتى يمر بصمام التمدد؛ حيث يسمح الصمام للسائل بالتمدد المفاجئ.

ويساهم هذا التمدد بتبريد السائل ومروره عبر أنابيب التبريد داخل بدن الثلاجة. ويقوم السائل الموجود في الأنابيب بسحب الطاقة الحرارية من داخل بدن الثلاجة.

ومن ثم يتم تحويل سائل التبريد إلى غاز عن طريق خفض ضغطه باستخدام أنبوبة شعرية متصلة بدورة السائل. عند خفض ضغطه يتحول إلى غاز في عملية تشبه ترزيز العطر. ويعود إلى المكبس من جديد لإكمال الدورة.

مزايا جديدة في ثلاجات المستقبل

تعتمد الثلاجات الحالية على أجزاء ميكانيكية مما يسهم في وجود اهتزازات وأصوات قد تصل في بعض الأحيان الى الصاخبة خاصة في الليل. كما أنها تستهلك الكثير من الطاقة أثناء عملها. وللتغلب على تلك العيوب ابتكر فريق من العلماء، في مختبر Johns Hopkins للفيزياء التطبيقية (APL) في  Maryland، نظام تبريد حراري كهربائي جديد يعمل بالمبردات الصلبة.

حيث تتميز تلك المبردات بسهولة التصنيع والكفاءة العالية التي تفوق ضعف كفاءة الأجهزة المصنوعة من مواد حرارية كهربائية قياسية.

رقاقة تقنية CHESS تحت الاختبار ويلاحظ تكون الثلج على سطحها

 

ومع تزايد الحاجة العالمية إلى تقنيات تبريد مدمجة وموثوقة وموفرة للطاقة، يوفر هذا التطور بديلًا واعدًا لأنظمة التبريد التقليدية القائمة على المكبس الضاغط.

ففي دراسة نشرت في مجلة Nature Communications، أظهر باحثون من مختبر “APL”، بالتعاون مع مهندسي التبريد في مركز أبحاث سامسونج، تحسينات ملحوظة في كفاءة ضخ الحرارة وسعة التبريد.

وقد تحققت هذه التحسينات بفضل مواد حرارية كهربائية عالية الأداء مهندسة نانويًا تعرف باسم هياكل الشبكة الفائقة المهندسة هرميًا والمتحكّم بها (CHESS).

تقنية “CHESS” الجديدة

وقال “راما” Rama Venkatasubramanian؛ الباحث الرئيس في المشروع وكبير تقنيي المواد الكهروحرارية في مختبر الفيزياء التطبيقية (APL): “يظهر هذا العرض العملي للتبريد باستخدام مواد كهروحرارية جديدة قدرات أغشية CHESS الرقيقة المهندسة نانويًا. ويمثل هذا نقلة نوعية في تكنولوجيا التبريد. ويمهّد الطريق لترجمة التطورات في المواد الكهروحرارية إلى تطبيقات تبريد عملية واسعة النطاق وموفرة للطاقة”.

ومن الجدير بالذكر بأن تقنيات التبريد الصلبة تعتمد على مبدلات حرارية تعتمد على مرور الكهرباء في انشاء فرق درجات حرارة بين وجهي المبادل. ويعد مبادلات (بلتيير Peltier) من أشهر أنواعها.

معيار جديد للتبريد بالحالة الصلبة

في الوقت نفسه، يتزايد الطلب حول العالم على تقنيات تبريد أصغر حجمًا وأكثر كفاءةً. وعلى الرغم من فاعلية أساليب التبريد التقليدية؛ إلا أنها غالبًا ما تكون ضخمة الحجم وتستهلك كميات كبيرة من الطاقة. وتعتمد على مواد تبريد كيميائية قد تُلحق الضرر بالبيئة.

Jon Pierce أحد علماء الفريق يتفحص الرقاقة عن كسب

 

في حين يقدم التبريد الكهرو حراري المعتمد على المبدلات الحرارية الصلبة  بديلًا واعدًا. إذ يمكن تحقيقه بواسطة استخدام الإلكترونات داخل مواد أشباه موصلات متخصصة. ما يلغي الحاجة إلى أجزاء متحركة أو سوائل تبريد كيميائية.

ونتيجةً لذلك، يمكن جعل هذه الأنظمة مدمجة، وهادئة، وموثوقة، ومستدامة بيئيًا.

وجدير بالذكر أن المبدلات الحرارية الصلبة ليست جديدة على الساحة؛ حيث تستخدم تلك المبدلات بكميات كبيرة في منتجات صغيرة مثل ثلاجات السيارات والثلاجات الصغيرة.  غير  أن انخفاض كفاءتها، ومحدودية قدرتها على نقل الحرارة، وضعف توافقها مع تصنيع رقائق أشباه الموصلات، قد حدّ من استخدامها في التطبيقات الأكبر حجمًا وعالية الأداء.

نتائج تبريد واعدة

في هذه الدراسة، قارن الباحثون وحدات التبريد التي تستخدم مواد حرارية كهربائية تقليدية مع تلك التي تستخدم مواد CHESS الرقيقة في اختبارات التبريد القياسية.

كما قاموا بقياس ومقارنة الطاقة الكهربائية اللازمة لتحقيق مستويات تبريد مختلفة في أنظمة اختبار الثلاجات التجارية نفسها.

وتعاون فريق حلول الحياة في “سامسونج” للأبحاث، بقيادة نائب الرئيس التنفيذي Joonhyun Lee. مع مختبر “APL” للتحقق من صحة النتائج من خلال النمذجة الحرارية التفصيلية. كذلك تحديد الأحمال الحرارية ومعايير المقاومة الحرارية لضمان تقييم دقيق للأداء في ظل ظروف واقعية.

وفي النهاية، كانت النتائج مبهرة: باستخدام مواد CHESS. حيث  حقق فريق APL تحسنًا في الكفاءة بنسبة تقارب 100% . وذلك مقارنةً بالمواد الحرارية الكهربائية التقليدية في درجة حرارة الغرفة، 25 درجة مئوية. ما أدي في النهاية الى تحسن  مستوى تبريد  المواد إلى  بنسبة تقارب 75%.

وذلك فى كفاءة  الأجهزة في الوحدات الحرارية الكهربائية المصنوعة من مواد CHESS. وفي الوقت ذاته  أدى إلى تحسن بنسبة 70% في الكفاءة في نظام تبريد متكامل تمامًا. وأجريت هذه الاختبارات في ظروف تضمنت كميات كبيرة من ضخ الحرارة لمحاكاة التشغيل العملي.

الرابط المختصر :