في ساحة المعركة الرقمية التي تتشكل ملامحها يومًا بعد يوم، تشتعل حرب جديدة على جبهة المحتوى.
وهذه المرة، لا يقتصر الأمر مجرد شكوى خافتة، أو تحذيرات من خبراء. بل دعوى قضائية صريحة ومباشرة من عملاق إعلامي يملك في جعبته أسماء لامعة، مثل: “رولينغ ستون”.
ورفعت “بنسكي ميديا” (PMC)، الشركة الأم لعدد من المنصات الإعلامية المؤثرة، سيف العدالة في وجه شركة جوجل. متهمة إياها بالاستخدام غير القانوني للمحتوى، وإنشاء “ملخصات الذكاء الاصطناعي” في نتائج البحث، وهو ما تعتبره “بنسكي ميديا” تدميرًا ممنهجًا لنموذج أعمالها.
“صفقة” الإنترنت المكسورة
ولطالما كانت العلاقة بين جوجل والناشرين قائمة على “صفقة ضمنية” غير مكتوبة. فتزحف جوجل على مواقع الناشرين وتفهرس محتواها.
وفي المقابل، يرسل محرك البحث مليارات الزيارات إلى هذه المواقع. مما يدر عليها أرباحًا من الإعلانات والاشتراكات.
وهذه الصفقة، التي يصفها المدعون بأنها “التفاوض الأساسي الذي يدعم إنتاج المحتوى لشبكة الإنترنت المفتوحة”، يبدو أنها قد انهارت. وفقا لـ”techcrunch“.
“الخلاصات” الذكية
ومنذ إطلاقها خاصية “نظرات عامة بالذكاء الاصطناعي” (AI Overviews)، واجهت جوجل انتقادات واسعة من الناشرين الذين يرون في هذه الملخصات تهديدًا مباشرًا.
فبدلاً من أن يضطر المستخدم للنقر على رابط الخبر لقراءة التفاصيل. أصبح بإمكانه الحصول على “خلاصة” سريعة ومجانية من خلال واجهة البحث نفسها.
الشكوى القضائية لـ “بنسكي ميديا” تذهب أبعد من ذلك، متهمة جوجل بأنها “تستخدم احتكارها لإجبار PMC على السماح لها بإعادة نشر محتوى PMC في ملخصات الذكاء الاصطناعي”. واستخدام هذا المحتوى لتدريب نماذجها.
تناقض في الأرقام، وتناقض في المواقف
بينما يصر “خوسيه كاستانيدا”، المتحدث باسم جوجل، على أن ملخصات الذكاء الاصطناعي “تزيد من فائدة” محرك البحث وتخلق “فرصًا جديدة لاكتشاف المحتوى”. وأنها ترسل الزيارات “إلى مجموعة أكبر من المواقع”، فإن الأرقام التي تقدمها “بنسكي ميديا” ترسم صورة مغايرة تمامًا.
تزعم الدعوى أن “بنسكي” شهدت “تراجعًا كبيرًا في عدد النقرات من عمليات البحث على جوجل” منذ بدء طرح هذه الملخصات. هذا التراجع ليس مجرد رقم، بل هو تهديد مباشر لمصادر دخلها من الإعلانات والاشتراكات. لأن هذه الإيرادات “تعتمد على زيارة الناس فعليًا لمواقع PMC”. وتؤكد الدعوى أن جوجل “لم تقدم أي معلومات موثوقة” لدحض هذه الأرقام.
تضع جوجل الناشرين أمام خيار مرير، إما أن يوافقوا على استخدام محتواهم لملخصات الذكاء الاصطناعي. أو أن يخرجوا تمامًا من محرك البحث، وهو ما تصفه الدعوى بأنه سيكون “مدمرًا” لشركاتهم.
وهذا الخيار يمثل جوهر المعركة هل يملك الناشرون السيطرة على محتواهم في عصر الذكاء الاصطناعي، أم أن جوجل قد حطمت آخر قلاع السيطرة على المحتوى لصالح “تجربة مستخدم” مثالية.