في سباق تكنولوجي محموم يشبه “سباق الفضاء” في القرن العشرين الماضي، كشفت بيانات حديثة عن قفزة هائلة للصين في مجال تطوير الروبوتات البشرية (Humanoid Robots)، متجاوزة الولايات المتحدة بفارق شاسع، ليس فقط في عدد الابتكارات، بل في القدرة على خفض تكاليف الإنتاج بشكل سيقلب موازين الصناعة العالمية.
أرقام صادمة: التفوق الصيني بالأرقام
وفقًا لتقرير Morgan Stanley Robot Almanac الأخير، نجحت الصين خلال السنوات الخمس الماضية في تسجيل براءات اختراع بمعدل خمسة أضعاف نظيرتها الأمريكية. وتوزعت خارطة الابتكار العالمي كالتالي:
-
الصين: 7,705 براءات اختراع (المركز الأول عالميًا).
-
الولايات المتحدة: 1,561 براءة اختراع.
-
اليابان: 1,102 براءة اختراع.
-
المنظمة العالمية للملكية الفكرية (WIPO): 1,100 براءة.
“معضلة تسلا”: لماذا تحتاج “أوبتموس” إلى الصين؟
أبرز التقرير حقيقة اقتصادية قاسية للشركات الغربية؛ فبدون سلاسل التوريد الصينية، ستصبح الروبوتات البشرية “سلعة للأثرياء فقط”.
على سبيل المثال، تطوير روبوت تسلا Tesla Optimus Gen 2 سيكون أغلى بنحو 3 أضعاف في حال غياب المساهمة الصينية. وفقًا لـ” تك كرانش”.
من المختبرات إلى المصانع: السيطرة الميدانية
لا تكتفي الصين بالورق (براءات الاختراع)، بل تهيمن فعليًا على 54% من التركيبات العالمية للروبوتات الصناعية. وتتحول شركات عملاقة مثل “شاومي”، “بي واي دي”، و”جيلي” من مجرد مصنعي سيارات وهواتف إلى قلاع لإنتاج الروبوتات.
-
شركة ميديا (Midea): تستعد لنشر روبوت صناعي بستة أذرع في مصنعها بمدينة ووكسي قبل نهاية العام الجاري.
-
شركة إكس بينغ (Xpeng): وضعت خطة طموحة لبيع مليون روبوت بشري بحلول عام 2030، مع بدء الإنتاج الضخم في 2026.
-
Unitree Robotics: يعد روبوتها (G1) حاليًا الأكثر انتشارًا واستخدامًا على مستوى العالم.
رؤية 2050.. مليار روبوت بشري يجوب الأرض
بدعم حكومي غير مسبوق تحت مسمى “الذكاء المتجسد” (Embodied Intelligence). تقود منطقة شرق آسيا والمحيط الهادئ التحول العالمي نحو الأتمتة الكاملة. ويتوقع الخبراء وصول عدد الروبوتات البشرية إلى مليار روبوت بحلول عام 2050.
بهذه المعطيات، لم تعد الصين مجرد “مصنع للعالم”، بل أصبحت “عقل ومحرك” الجيل القادم من الأيدي العاملة غير البشرية، مما يضع القوى العظمى الأخرى أمام خيارين: التعاون مع التنين الصيني أو مواجهة تكاليف ابتكار باهظة قد تعطل ركب لحاقهم بالقمة.