بينما اعتاد العالم انتظار “آبل” للكشف عن جهاز جديدة يبهر الأسواق، يبدو أن الحدث الأضخم للشركة العام المقبل لن يكون جهازًا يُحمل في اليد، بل “عقلًا” جديدًا يسكن داخل أجهزتها.
والمساعد الصوتي “سيري” (Siri) يستعد لعملية “إعادة ابتكار” شاملة. في خطوة يراها المحللون بمثابة معركة تقرير مصير للشركة في سباق الذكاء الاصطناعي.
عودة من الغياب ولكن بشروط «آبل»
بعد سنوات من “الخمول التقني” مقارنة بالقفزات التي حققتها شركات، مثل: “OpenAI” و”جوجل”. وعدت آبل مستثمريها بجيل جديد من “سيري” وُصف بأنه “الأكثر شخصية وذكاء.
ومنذ اشتعال ثورة “شات جي بي تي” في أواخر 2022. ظلت آبل في موقف “المراقب الحذر”، إلا أن الضغوط المتزايدة أجبرتها على دخول الحلبة بكل ثقلها.
لكن الطريق نحو “سيري المتطور” لم يكن مفروشًا بالورود؛ فالشركة التي تُقدس الكتمان، وجدت نفسها مضطرة للاعتراف علنًا بتأجيل المشروع.
ووفقًا لتقارير شبكة “سي إن بي سي” أرجأت “آبل” موعد الإطلاق الذي كان مقررًا في 2025 إلى العام التالي.
وذلك لضمان نضج التكنولوجيا وتفادي أي “إحراج تقني” قد يضر بسمعتها كعلامة تجارية رائدة في الجودة.
فجوة «وادي السيليكون» والقيمة السوقية
بالنظر إلى الأرقام تبدو الفجوة واضحة. فبينما ارتفع سهم آبل بنسبة 12% منذ بداية عام 2025 بفضل مبيعات “آيفون 17″، حلق سهم “جوجل” بعيدًا بمكاسب تجاوزت 60%.
هذا التفاوت يعكس ثقة المستثمرين في الشركات التي تمتلك “محركات” الذكاء الاصطناعي (النماذج والرقائق) مقابل الشركات التي تكتفي بدمجها.
وعام 2025 كان عام “الانفجار التقني” للمنافسين:
-
OpenAI: أطلقت نموذج Sora 2 الذي أحدث ثورة في فيديو الذكاء الاصطناعي.
-
أنثروبيك: وسعت عائلة “كلود” لتقدم أداءً بشريًا في التحليل.
-
مايكروسوفت وأمازون: انتقلتا إلى عصر “وكلاء الذكاء الاصطناعي” القادرين على أداء مهام معقدة لساعات دون تدخل.
في المقابل كانت تجربة آبل الأولى مع “Apple Intelligence” في 2024 متواضعة. حيث واجهت ميزات تلخيص الإشعارات وإعادة كتابة النصوص انتقادات بسبب أخطاء منطقية؛ ما دفع الشركة لسحب بعض الميزات مؤقتًا للتطوير.
زلزال إداري لإعادة ضبط البوصلة
لم تمر هذه التحديات دون تغييرات في الهيكل القيادي لـ “آبل”. ففي خطوة غير معتادة أعلنت الشركة تقاعد “جون جياناندريا”؛ رئيس إستراتيجية الذكاء الاصطناعي، بحلول 2026.
والأهم من ذلك كله كان “الاستحواذ البشري” على “أمار سبرامانيا”؛ أحد المهندسين العقول وراء نموذج “جيميني” لجوجل.
هذا التعيين أرسل رسالة قوية للمستثمرين: “آبل تشتري الخبرة لتسريع الخطى”.
إستراتيجية «الخصوصية أولًا»
بينما أنفق عمالقة التكنولوجيا نحو 380 مليار دولار هذا العام على مراكز البيانات ورقائق “إنفيديا”، تواصل آبل نهجًا مختلفًا. فهي لا تسعى لبناء “أكبر” نموذج ذكاء اصطناعي، بل “الأكثر خصوصية”.
وهي تعتمد على رقائقها الخاصة (Apple Silicon) لتشغيل الذكاء الاصطناعي على الجهاز نفسه (On-device)، وليس عبر السحابة؛ لضمان عدم خروج بيانات المستخدمين. وهو رهان محفوف بالمخاطر.


















