واجهة الدماغ والحاسوب.. أمر أشبه بالخيال

واجهة الدماغ والحاسوب

تُعتبر واجهة الدماغ والحاسوب أو واجهة الدماغ الحاسوبية BCI طفرة في عالم تواصل البشر مع أجهزة الحاسوب وإمكانية التحكم فيها، فالبشر بطبيعة التكوين وبتقدم العمر يصابون بأمراض الشيخوخة بطرق متفاوتة؛ من صعوبة الكلام والحركة وما إلى ذلك من عجز نسبي في التواصل، وتصعب عملية التواصل مع البشر بعضهم البعض ومع الأجهزة التي يقومون بالتعامل معها.

واجهة الدماغ والحاسوب

وفي مجال الرعاية الصحية لا يجد كبار السن الرعاية المناسبة وترتفع تكلفة هذه الرعاية مع مرور الزمن، وهنا تكون واجهة الدماغ والحاسوب صاحبة اليد العليا في تقديم الرعاية لكبار السن أو الأشخاص الذين يجدون صعوبة في عملية التواصل، خصوصًا إذا كان التواصل يتطلب حركة الأطراف خاصة في صعود ونزول الدرج، وتهدف هذه التجربة إلى تمكين الأشخاص من تدريب قدراتهم الإدراكية والحركية والحد من تأثير الشيخوخة، مثل التحكم في الأجهزة المنزلية وتمكينهم من التواصل مع الآخرين في الأنشطة اليومية.

ما هي واجهة الدماغ والحاسوب؟

يشير مفهوم واجهة حاسوب الدماغ BCI – Brain Computer Interface إلى نظام يحدد النية الوظيفية أو الرغبة في التغيير أو التحريك أو التحكم أو التفاعل مع شيء ما في البيئة المحيطة مباشرة من نشاط الدماغ البشري، وبمعنى آخر: تسمح واجهة الدماغ والحاسوب BCI للبشر بالتحكم في تطبيق أو جهاز باستخدام العقل البشري فقط.

كيف تعمل واجهة الدماغ والحاسوب BCI؟

يظهر من التعريف الذي يصف تقنية واجهة الدماغ والحاسوب أنها تسمح للدماغ البشري وأجهزة الحواسيب بالتخاطب المباشر فيما بينها؛ بحيث تعطي الدماغ البشري إمكانية التحكم في الآلات بدون قيود مادية للجسم؛ عبر تضخيم الإشارة والدقة باعتبار تعلق الإشارة الكهربائية مع قوة الإشارة المرسلة من وإلى الدماغ.

واجهة-الدماغ-والحاسوب

سوف يتطلب تركيب BCI عملية جراحية في الدماغ، فهذه الأجهزة الإلكترونية تُزرع تحت الجمجمة مباشرة لاستهداف مجموعات محددة من الخلايا العصبية، وأجهزة BCI حاليًا صغيرة الحجم ويمكنها أن تشارك ما يصل إلى مليون خلية عصبية في آن واحد، وقد قام فريق بحثي في جامعة كاليفورنيا بإنشاء أجهزة استشعار قابلة للزراعة في الدماغ والتي تبلغ تقريبًا حجم حبة الرمل، وتم تسمية هذه المجسات  “الغبار العصبي”.

واجهات الدماغ والحاسوب في التطبيقات العسكرية الأمريكية

ومن أشهر الشركات التي تعمل على تطوير هذه التقنية Neuralink  وشركة Emotiv، ولكن من أشهر التطبيقات التي تتم على هذه التقنية هي التطبيقات العسكرية، فالمنح الأخيرة المقدمة في إطار برنامج وزارة الدفاع الأمريكية للأجهزة البحثية في عدد من جامعات الولايات المتحدة تشترط ربط الدماغ بالحاسوب كمجال من مجالات البحوث الممول من قِبل وزارة الدفاع الأمريكية، ولا يُعتبر الاهتمام العسكري بالتحكم بالعقل بالأمر الجديد، وكشفت العديد من البحوث إلى أي مدى وصلت التكنولوجيا وما إذا كنا نقترب من الوصول إلى جيل جديد من حواسيب الدماغ.

واجهة-الدماغ-والحاسوب

وقد كانت وكالة مشاريع البحوث الدفاعية المتقدمة الأمريكية  DARPA – The US Défense Advanced Research Projects Agency تموّل مجموعة متنوعة من مشاريع BCI منذ أوائل سبعينيات القرن الماضي؛ حيث تدير دول أخرى برامج مماثلة وقطعت التكنولوجيا شوطًا طويلًا في تلك السنوات، وإذا كانت جولات البحث الحالية تسير على هذه الوتيرة فقد لا يمر وقت طويل قبل أن تبدأ الأجهزة المنشطة دماغيًا في إحداث ثورة بالطريقة التي يتم بها شن الهجمات العسكرية.

إمكانيات وفرص

تفتح واجهة الدماغ والحاسوب الباب واسعًا أمام كل المجالات لاستخدام التقنية المدنية منها والعسكرية، فالأشخاص الذي يعانون من تحريك أطرافهم لصعوبة ذلك أو نتيجة لبترها وتركيب طرف صناعي تمكنهم هذه التقنية من التخاطب المباشر مع هذه الأطراف إذا تمت عملية التوصيل والتحكم فيها، كما يمكن للأقطاب الكهربائية أن تعمل على تحسين الذاكرة للأشخاص الذين يعانون من أمراض مثل الزهايمر والسكتة الدماغية وإصابات الرأس.

واجهة-الدماغ-والحاسوب

وحالها حال أي تقنية حديثة تحمل واجهة الدماغ والحاسوب BCI في طياتها العديد من الأسرار، ويعتمد ذلك على مستخدم التقنية، وإذا وقعت هذه التقنية في الأيادي الخاطئة يمكن أن تؤدي لمخاطر كبيرة، فعلى سبيل المثال: يمكن استخدام تكنولوجيا BCI للحد من الألم أو حتى تنظيم المشاعر، ولكن ماذا يمكن أن يحدث عندما يتم إرسال الأفراد العسكريين إلى المعركة مع شعور مخفف بالخوف؟ وما هي الآثار الجانبية النفسية التي قد يعاني منها المحاربون القدامى عند العودة إلى الديار بدون مميزاتهم الخارقة للطبيعة البشرية؟ إذًا لا بد من التفكير في هذه السيناريوهات وضمان وجود الرقابة على مستقدمي هذه التقنية.

 

الرابط المختصر :
اترك رد