تسعى الكثير من وكالات الفضاء حول العالم، وعلى رأسهم وكالة ناسا الأمريكية، لاستكشاف الكواكب والأجرام السماوية. وتعمل تلك الوكالات علي إيجاد أجرام سماوية تتمكن من استضافة الحياة على سطحها. وقد حظيت كواكب المجموعة الشمسية بدراسات مكثفة منذ بدأ عصر استكشاف الفضاء.
غير أنه في مهمة جديدة من نوعها تهدف وكالة ناسا لاستكشاف أحد أقمار المشتري، Europa، واستكشاف إمكانية احتوائه على أي صورة من صور الحياة.
ومن المعروف بأن القمر التابع للمشتري كان قد اكتشفه لأول مرة جاليلو جاليلي، العالم الايطالى المشهور، عام 1610 بواسطة تليسكوب مصنوع يدويًا. وتعد هذه هي المهمة الأولي لوكالة ناسا لاستكشاف القمر Europa كهدف أساسي.
ومن المزمع إطلاق المركبة الفضائية، والتي تحمل اسم Europa Clipper، في العاشر من شهر أكتوبر الجاري. وسيتم إطلاق المهمة على متن الصاروخ Falcon Heavy، والذي تنتجه شركة Space X، من قاعدة NASA’s Kennedy Space Center والواقعة في ولاية فلوريدا.
موعد الوصول
ومن المخطط وصول المركبة Europa Clipper إلى مدار كوكب المشتري في أبريل من عام 2030. وتتمثل أهداف المهمة الرئيسية في تحديد ما إذا كانت هناك أماكن تحت السطح الجليدي للقمر Europa يمكنها أن تدعم الحياة.
وفي ذات الوقت، تشمل الأهداف فهم طبيعة القشرة الجليدية والمحيط تحتها، إلى جانب كيفية تكوين القمر والجيولوجيا الخاصة به. ومن المتوقع أن يساعد الاستكشاف التفصيلي لـ Europa العلماء على فهم العوامل الفلكية والبيولوجية للعوالم الصالحة للسكنى خارج كوكبنا بشكل أفضل.
وستقوم مركبة الفضاء Europa Clipper بإجراء العشرات من مسارات التحليق القريب من قمر المشتري Europa، لجمع ورصد قياسات دقيقة للقمر.
ومن المقرر أن تقوم المركبة الفضائية، والتي تدور في نفس الوقت حول كوكب المشتري، بإجراء ما يقرب من 50 تحليقًا بالقرب من يوروبا على ارتفاع قريب يصل إلى 25 كيلومترًا فوق السطح، وتحلق فوق موقع مختلف أثناء كل تحليق لمسح سطح القمر بالكامل تقريبًا.
أكبر مركبة استكشاف كوكبي لناسا حتى الآن
تعد مركبة Europa Clipper أكبر مركبة فضائية طورتها ناسا على الإطلاق لمهمة كوكبية. ونظرًا لبعد المشتري عن الشمس بأكثر من خمس أضعاف المسافة.
فقد زودت المركبة الفضائية بألواح شمسية كبيرة المساحة. وتهدف هذه الألواح لجمع ما يكفي من الضوء لتلبية احتياجات المركبة من الطاقة أثناء عملها في نظام المشتري.
ويصل ارتفاع المركبة عند نشر الألواح الشمسية الى 5 أمتار. في حين يصل طولها الى 30.5 مترًا ولها كتلة جافة، بدون وقود في الخزانات، تبلغ 3241 كجم أي ما يربو إلى وزن فيل أفريقي بالغ.
بيئة عمل مليئة بالإشعاعات
وتتميز المركبة Europa Clipper بوجود قبو سميك الجدران لحماية الأجهزة الالكترونية على متنها. ويعد هذا القبو ضروري جدًا لحماية الأجهزة الإلكترونية على متن المركبة من الإشعاعات الكونية المحيطة بالقمر.
إذ إن القمر Europa مغمورة بالإشعاعات المنعكسة والمحاصرة بالمجال المغناطيسي للمشتري. ومن الجدير بالذكر بأن هذا القبو المصفح قد استخدمته ناسا لأول مرة في تجهيز المركبة الفضائية Juno والتي اتجهت أيضًا إلى المشتري.
ويتم تصنيع جدران القبو من التيتانيوم والألومنيوم كدرع إشعاعي ضد معظم الجسيمات الذرية عالية الطاقة؛ ما يؤدي إلى إبطاء تدهور الأجهزة الإلكترونية للمركبة الفضائية بشكل كبير.
أدلة حياة خارج نطاق الأرض
يظهِر القمر Europa أدلة قوية على وجود محيط من الماء السائل تحت قشرته الجليدية. ويعد Europa أحد أكثر الأماكن الواعدة المأمول إيجاد بيئات صالحة لوجود حياة حاليًا في نظامنا الشمسي خارج محيط كوكبنا الأزرق.
وستحدد المركبة Europa Clipper ما إذا كانت هناك أماكن تحت سطح Europa يمكن أن تدعم الحياة.
وفي ذات الوقت، ستتضمن حمولة المركبة الفضائية كاميرات وأجهزة قياس طيفية لإنتاج صور عالية الدقة وخرائط جيولوجية لسطح Europa والغلاف الجوي الرقيق.
كما تحتوي المركبة أيضًا علي رادار اختراق الجليد للبحث عن المياه تحت السطح وأجهزة قياس مغناطيسية وأجهزة قياس الجاذبية لاستكشاف أدلة حول محيطه وباطنه العميق.
وستحمل المركبة الفضائية أيضًا أداة حرارية لتحديد مواقع الجليد الأكثر دفئًا، وربما الانفجارات الأخيرة للمياه. وكذلك ستحمل المركبة أدوات لقياس تكوين الجسيمات الصغيرة في الغلاف الجوي الرقيق للقمر والبيئة الفضائية المحيطة.