أعلنت الصين عن نجاح مسبارها في الإقلاع من الجانب المظلم للقمر متجهًا إلى الأرض. ويحمل المسبار أول عينة صخور من تربة الجانب المظلم من القمر في تاريخ البشرية.
وحسب وكالات الأنباء المحلية الصينية فإنه في الساعة 23:38 بالتوقيت العالمي يوم الإثنين الماضي قد تمكنت مركبة (6 Chang’e-craft) من الإقلاع بنجاح واتجهت في رحلة عودتها إلى الأرض. وكان الروبوت قد هبط يوم الأحد الماضي في فوهة ضخمة قرب القطب الجنوبي للقمر في سابقة هي الأولى من نوعها والتي لاقت حفاوة من المجتمع العلمي العالمي.
علم الصين على الجانب المظلم للقمر
أظهرت وكالات الأنباء فيديوهات تظهر المسبار مخرجًا زراعًا صغيرًا وملوحًا بعلم الصين بعد الحصول على عينات من الصخور القمرية. وعلى الرغم من تلقى جانبي القمر نفس القدر من ضوء الشمس فإن الجانب البعيد يطلق عليه الجانب المظلم من القمر. ويعرف الجانب المظلم من القمر بهذا الاسم نظرا لأنه لا يمكن رؤيته من الكرة الأرضية؛ حيث يكمل القمر دورته حول نفسه في 27 يوما ومع الحركة الظاهرية للأرض يبدو كما لو أنه يدور حولنا كل 29 يومًا؛ ما يجعلنا لا نرى إلا وجهًا واحد للقمر.
مهمة ناجحة حتى الآن
وفي إعلان لها قالت إدارة الفضاء الوطنية الصينية “إن المركبة صمدت أمام اختبار درجة الحرارة المرتفعة على الجانب المظلم من القمر. وبدأت الآن رحلة عودتها”. وأفادت الإدارة بنجاح وحدة الصعود الخاصة بها في “مغادرة سطح القمر” يوم الثلاثاء مع عينات في حاوية معدنية مفرغة. ومن ثم دخلت المركبة مدارًا محددًا مسبقًا حول القمر.
وقالت الوكالة “إنه سيتم نقل الحاوية إلى كبسولة إعادة الدخول المقرر عودتها إلى الأرض، وهبوطها في صحراء منغوليا الداخلية في 25 يونيو تقريبًا. وكان Chang’e-6 قد قضى يومين في جمع الصخور والتربة، باستخدام ذراع ميكانيكية لجمع حوالي 2 كجم من المواد.
أكبر حفر المجموعة الشمسية
وكانت المهمة في منطقة قمرية تدعى حوض أيتكين، وهي حفرة عملاقة تقع على الجانب المظلم للقمر بالقرب من القطب الجنوبي، وهي واحدة من أكبر الحفر المعروفة في النظام الشمسي. وأفادت الإدارة بأن توجيه المركبة هناك كان محفوفًا بالمخاطر؛ لأنه من الصعب جدًا التواصل مع المركبة الفضائية بمجرد وصولها إلى الجانب المظلم من القمر. ووصفت سلطات الفضاء الصينية العملية بأنها تضمنت على “العديد من الابتكارات الهندسية والمخاطر العالية والصعوبة الكبيرة”.
حماس وتفاؤل العلماء بشأن العينات الجديدة من تربة القمر
العلماء متحمسون بشأن العينات التي من المحتمل أن تكون من بعض أقدم صخور القمر. بالطبع ستكون الأولوية للعلماء الصينيين لتحليل الصخور، وسيتمكن الباحثون في جميع أنحاء العالم فيما بعد من التقدم للحصول على هذه الفرصة أيضًا. وقال البروفيسور جون بيرنت فيشر، المتخصص في الجيولوجيا القمرية بجامعة مانشستر: “الجميع متحمسون للغاية لأننا قد نلقي نظرة على هذه الصخور التي لم يرها أحد من قبل”. وقال أيضًا: “إن فرصة تحليل الصخور من منطقة مختلفة تمامًا من القمر يمكن أن تجيب على أسئلة جوهرية حول كيفية تشكل الكواكب”.
آفاق جديدة للبعثات القمرية ومهام متعاقبة
تحرص الكثير من الدول في الفترة المقبلة على استكشاف الجانب المظلم للقمر؛ حيث يعتقد وجود ثلوج في المنطقة؛ ما يعزز بشكل كبير فرص إنشاء قواعد بشرية على القمر.
وهذه هي المهمة الثانية للصين لجمع عينات من القمر، لكنها الأولى التي تهدف إلى الحصول على عينات من الجانب المظلم. ففي عام 2020، أعادت مركبة Chang’e-5 1.7 كجم من العينات من منطقة تسمى Oceanus Procellarum على الجانب القريب من القمر. وفي عام 2021 أصبحت الصين أول دولة تصل إلى الجانب المظلم من القمر بهبوط طائرتها Chang’e-4.
خطط مستقبلية
تخطط الصين لثلاث بعثات غير مأهولة أخرى في العشر سنين المقبلة. وتهدف هذه البعثات إلى البحث عن الماء على القمر، وتحقق في إمكانية إنشاء قاعدة دائمة هناك. وتمتلك البلاد بالفعل محطة فضائية خاصة بها تعرف باسم تيانجونج أو القصر السماوي. وتهدف استراتيجية بكين الأوسع إلى رؤية رائد فضاء صيني يمشي على سطح القمر بحلول عام 2030. وتهدف الولايات المتحدة أيضًا إلى إعادة رواد الفضاء إلى القمر؛ حيث تهدف وكالة ناسا إلى إطلاق مهمة Artemis-3 في عام 2026.
المصادر
https://www.bbc.com/news/articles/c3gg32nn9p4o
https://news.sky.com/video/chinese-spacecraft-lands-on-far-side-of-moon-13146789
https://www.space.com/china-chang-e-6-lunar-far-side-video
https://www.youtube.com/watch?v=qnonHQ_s1p8
https://www.youtube.com/watch?v=oITWDIH8KUc