ما دور الإنترنت خلال جائحة “كورونا” وبعدها؟
بدءًا من التعليم عبر الإنترنت إلى العمل من المنزل أو مكالمات الفيديو مع العائلة، ساعد الإنترنت مليارات الأشخاص في التكيف والبقاء على قيد الحياة خلال جائحة فيروس كورونا.
ولكن مع تخفيف عمليات الإغلاق واستمرار قواعد التباعد الاجتماعي، يقول خبراء حقوق الإنسان إنه يجب على الدول الآن ضمان حصول جميع المواطنين -خاصة النساء وكبار السن والمجتمعات الريفية- على إمكانية الوصول إلى الإنترنت بأسعار معقولة؛ لتجنب التخلف عن الركب.
وأبلغت مؤسسة “رويترز” أن أحد أكبر محركات عدم المساواة اليوم يأتي مع من لديه إمكانية الوصول إلى التكنولوجيا وخاصة إلى خدمات الإنترنت، وهذا يوسع الفجوة”.
ووفقًا لإحصاءات ” رويترز”،تم تسجيل إصابة أكثر من 7 ملايين شخص بالفيروس التاجي على مستوى العالم.
وقال “كاني وينيجاراجا”؛ رئيس برنامج الأمم المتحدة الإنمائي لمنطقة آسيا والمحيط الهادي، “سيستمر هذا الفيروس لفترة من الوقت. ولكن مع سعي السلطات لاحتواء معدلات الإصابة خلال الأزمة الصحية الحالية، تم إدخال عمليات الإغلاق والقيود الصارمة على الحركة التي أدت إلى المزيد من الشركات والوكالات الحكومية ومجموعات الدعم الأخرى التي أصبحت رقمية”.
ويقول خبراء حقوق الإنسان والرقميين “إن وضع قائمة الانتظار لساعات للحصول على شهادة وفاة أو مزايا اجتماعية أصبح شيئًا من الماضي، بينما صار التسوق والتعليم وحتى الأحداث الثقافية رقمية وسط عمليات إغلاق بسبب جائحة فيروس كورونا”.
وأضافوا أن ذلك يجعل من الضروري للدول أن تنظر في كيفية تحسين الوصول إلى الإنترنت بتكلفة معقولة عند إعادة بناء اقتصاداتها وصرف فوائد ما بعد فيروس كورونا.
يقول”دورين بوغدان مارتن”؛ مدير الاتحاد الدولي للاتصالات (ITU)، “هناك الكثير من الحديث عن تحديد الوضع الطبيعي الجديد في العالم، وبالنسبة لي يجب أن يشملالوضع الطبيعي الجديد وصول النطاق العريض للجميع”.
– الفجوة الرقمية
بحلول نهاية عام 2018، كان نصف العالم تقريبًا متصلًا بالإنترنت، وفقًا للتحالف من أجل الإنترنت بأسعار معقولة (A4AI). وقال “أنجو مانغال”؛ الذي يقود هذه الهيئة العالمية، التي تعمل مع الحكومات وقطاع الأعمال وجماعات المجتمع المدني لتعزيز سياسات الإنترنت بأسعار معقولة، “إن هذا لا يزال يترك نحو 4 مليارات شخص بلا اتصال بالإنترنت”.
في العالم المتقدم، 87% من الأشخاص متصلون بالإنترنت، مقارنة بـ 47% في الدول النامية و19% في أقل البلدان نموًا، بحسب الاتحاد الدولي للاتصالات. وبالإضافة إلى ذلك، تقل احتمالية استخدام النساء للإنترنت عبر الهاتف المحمول بنسبة 23% مقارنةً بالرجال، مع وجود أكبر فجوة في جنوب آسيا.
وتوضح “مانغال”: “إن الفجوة بين الجنسين هي قضية رئيسية”، مضيفة أن الوصول إلى الإنترنت والتكنولوجيا يمكن أن يساعد الفتيات من المجتمعات الريفية في الوصول إلى التعليم المنزلي ونفس الفوائد التي يحصل عليها الآخرون الذين يعيشون في المناطق الحضرية. ومن أمثلة المشاريع التكنولوجية التي تستهدف النساء والفتيات تلكالتي تتطلع إلى محو الأمية الرقمية، وتمكن من الحصول على الفوائد والمساعدة في تقنيات الزراعة لتعزيز الأمن الغذائي”.
وحدد الاتحاد الدولي للاتصالات هدفًا لتوصيل 75% من سكان العالم بالإنترنت السريع عبر الكابل أو اللاسلكي بحلول عام 2025.
– الجريمة الإلكترونية
اتخذت بعض الحكومات ومشغلي الاتصالات خطوات لمساعدة المزيد من الأشخاص في الاتصال بالإنترنت أثناء أزمة الفيروس التاجي.
في بنجلاديش على سبيل المثال، تم ابتكار تطبيقات تتبع جهات الاتصال الخاصة بفيروس كورونا وخطوط المساعدة مجانية في الاستخدام، في حين قدمت شركات الاتصالات في البلدان النامية الأخرى مكالمات ونصوصًا وبيانات مجانية لكل من الطلاب والعملاء.
وقالت”مانغال”:”إنه من أجل تحسين القدرة على تحمل تكلفة الإنترنت والوصول على المدى الطويل، يجب على الحكومات وشركات الاتصالات ومشغلي الهاتف المحمول العمل معًا”، مضيفًة أن هذا من شأنه تجنب تطوير الصوامع التي يمكن أن تعوق هذه الجهود.
وأشارت إلى أن المشاورات العامة عند وضع سياسات جديدة ستساعد أيضًا في توصيل الحلول للمجتمعات، وستشمل هذه الحلول العديد من الأهداف مثل: توفير الهواتف الذكية، وتحسين مناطق التغطية وتواتر الاتصال، وزيادة السماح للبيانات، وزيادة سرعات التنزيل، وإدخال قوانين لحماية الضعفاء من الجرائم السيبرانية.
وتقول “بوغدان مارتن”؛ من الاتحاد الدولي للاتصالات، “إن جائحة الفيروس التاجي أدت إلى “تصاعد كبير” في النشاط الإجرامي عبر الإنترنت”.
وتشمل الجرائم الإلكترونية التي ازدادت مع تحسن الوصول إلى الإنترنت والتكنولوجيا: التسلط عبر الإنترنت والاعتداء الجنسي، والقرصنة، والانتقام، والإباحية، والاتجار.
وتابعت “مارتن”؛ في بيان الشهر الماضي، “الفاعلون السيئون يستغلون الخوف وعدم اليقين. علاوة على ذلك، بما أن معظم مزودي خدمات الإنترنت هم شركات خاصة، فيجب على السلطات أيضًا التأكد من أن الاحتكارات لا تشكل الأسعار وتتحكم فيها”.