ستنجح حتى لو فشلت، إذا كان لديك الإصرار والعزيمة للاستمرار، هذا هو الدرس الأول الذي تتعلمه من رحلة رائد الأعمال عبدالعزيز الجوف، الذي جعل من الفشل طريقًا للنجاح، فلم تعرف الهزيمة سبيلًا للوصول إليه.
الفشل بداية النجاح
رغم الفشل والخسارة في بداية الطريق، ورغم كل الصعوبات والتحديات، لم يستسلم يومًا وعاد وقاوم ونهض من جديد بعد كل فشل وخسارة.
بدأ رجل الأعمال عبدالعزيز الجوف، الذي ولد في مدينة الرياض عام 1979، قصة نجاحه الملهمة في عام 2001، بتأسيسه شركة تجارية صغيرة.
فبعد أن على حصل على بكالوريوس في إدارة الأعمال من جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية عام 1999، سافر إلى أمريكا، وهناك أسس شركته الأولى.
من أرامكو إلى أمريكا
واجه فشله الأول وجعل منه دافعًا للتقدم للإمام والسفر للولايات المتحدة الأمريكية، إذ قرر بعد الانتهاء من الدراسة التقدم لشركة “أرامكو”.
وهناك أخبره أحد المسئولين بأن مكانه ليس في الشركة بل في التدريس أو إحدى الوظائف الحكومية. أما إذا كان يرغب في الحصول على وظيفة في أرامكو فعليه الحصول على شهادة من أمريكا.
واجه التحدي الأول. وقرر الذهاب لاستكمال دراسته في أمريكا من 2001 حتى 2008.
وبالفعل درس تكنولوجيا المعلومات في جامعة “نبراسكا-أوهاما”. وواجه تحديًا ثانيًا إذ اصطدم بأن عليه بدء الدراسة من جديد.
وفي أمريكا جاءته فكرة إنشاء شركته الأولى بتوفير السلع والمواد التي يحتاجها العرب المسلمون الذين يعيشون هناك.
إذ عملت شركته على توفير الطعام والمبس ذات الطابع العربي. تدفقت الأموال لشركته التي بدأها برأس مال بلغ عشرة آلاف درهم. حتى بلغت أرباحه خلال عام مليون دولار.
لكنه خسر كل شيء بعد أن حجزت الجمارك الأمريكية على أمواله بسبب عدم تأمينه على البضائع.
وكشف خلال حديثه لـ”ملتقى دردشات عربية” ما واجهه خلال إقامته في أمريكا قائلاً: “كانت مشكلتي هي المال، لم أجد داعمًا لي خلال دراستي”، وبعد عام من الدراسة، قبلت الجامعة أن تدعمه ماليًا بمبلغ زهيد لمدة سنتين، وكان يعمل في مطاعم البيتزا هوت، ليؤمن مصروفه لبقية الشهر، وبعد عامين، وقبل نفاد المال اتخذت السفارة السعودية في الولايات المتحدة الأمريكية قرارًا بدعمه ماليًا، وكان هذا الأمر بمثابة الإنقاذ للجوف، فاستمر بدراسته وحصل على ماجستير في إدارة الأعمال من معهد “نيويورك للتجارة” عام 2008، فكر بعد ذلك بالدكتوراه، وفي الوقت نفسه لاحت له فكرة استثمارية في الأفق، وهي استيراد سلع عربية لا توجد في أمريكا، كالحجابات وبعض الأطعمة، من الهند أو السعودية، وبيعها للعرب هناك”.
البدء من جديد
لا تستسلم أبدًا. الفشل هو جزء من النجاح. إذا فشلت، فتعلم من أخطائك وحاول مرة أخرى.
إحدى نصائح عبدالعزيز الجوف، التي عملته الحياة إياها، فعندما سافر والده ليعود به من أمريكا إلى المملكة، رفض العودة حتى يساعده والده في البدء من جديد في عالم الأعمال، يمنحه مليون ريال من مكافأة تقاعده.
فبدأ من جديد. ولكن هذه المرة بطريقة عكسية فبدلًا من الاستيراد من الشرق. كان يستورد من أمريكا إلى السعودية.
إذ أنشأ شركة صغيرة ما لبثت أن نمت، وأصبح مليونه الأول، الذي منحه إياه والده، 6 ملايين ريال. وهنا وواجه تحديًا آخر؛ لأن كل هذا الربح لم يكن له وحده إنما كان له في شركاء هم إخوته.
وعندما قرر التخارج من الشركة، رفض والده إعطائه ما يريده، اكتفى بمنحه 500 ألف دولار.
وعندها فكر في استثمار الـ 500 ألف دولار في قطاع التجارة الإلكترونية في دبي. ولكن كان هناك تحدٍ جديدٍ في انتظاره.
إذ كان لابد أن يكون رأس ماله للبدء في هذا القطاع مليوني دولار. ولم يكن يملك سوى 500 ألف دولار.
لم يستسلم، وطرح فكرته حول التجارة الإلكترونية في مؤتمر في طهران. وكان من بين الحاضرين الداعم الذي كان يحلم به منذ البداية.
حاول ولابد أن تصل
“كن مبدعًا ومبتكرًا. ابحث عن أفكار جديدة ومختلفة لمشاريعك”
طبق عبدالعزيز الجوف مقولته هذه بفكرة إنشاء شركة “بيتابس”، التي تقوم على إحداث ثورة في طرق الدفع عبر الإنترنت عن طريق توفير عمليات دفع سهلة وموثوقة للمتاجر والأفراد.
حيث تستهدف منتجات بيتابس المؤسسات الصغيرة والمتوسطة الحجم في المقام الأول، بهدف جعل قبول بطاقات الإنترنت أسهل في الربط وأقل تكلفة، والأهم من ذلك، أقل تعرضًا لمخاطر الاحتيال. تشمل الخدمات المقدمة بوابة دفع آمنة، بالإضافة إلى نظام حماية ضد الاحتيال، مدعم بخدمات الدفع المريح.
اتبع الرؤيا وليس المال
هنا بدأت أحلامه تعرف طريقها لتصبح حقيقة بعدما وجد شريكًا استراتيجيًا؛ لأنه يرى أن وجود شريك استراتيجي يعد شرطًا لنجاح أي استثمار. وأن هناك أمورًا أخرى يجب اللحاق بها غير المال لتحقيق النجاح.
فهو يؤمن بما مقولة رائد أعمال الإنترنت الأمريكي “طوني هسيه”: “اتبع الرؤيا وليس المال، فالمال سيلق بك في النهاية”، وأكد هذا في حواره مع جريدة الرياض حين قال:
“مشاكل التمويل لا تنتهي، من خبرتي تعلمت أن على صاحب المشروع يجب أن يختار البيئة المناسبة لطرح مشروعه للمستثمر كي يشعره بأكبر قدر من الثقة والاطمئنان، وذلك يؤدي إلى ارتياح وثقة لدى المستثمر بالمشروع”.
العودة إلى أرامكو
فقد تحولت الفكرة التي بدأت في 2013، لتصبح حقيقة؛ حيث أسس شركة بيتابس في عام 2014 مع فريق مؤلف من 6 أعضاء.
من مفارقات الحياة أن شركة بيتابس حصلت على تمويلها من قبل مستثمر أساسي هو “أرامكو لريادة الأعمال المحدودة” التي تستثمر كشريك أساسي في بيتابس من خلال جناحها الاستثماري “واعد”.
وجاء التمويل ذلك خلال جولتين، الأولى عام 2014، والثانية عام 2017. وصلت قيمتيهما إلى 20 مليون دولار.
عبدالعزيز الجوف في قوائم فوربس
اعمل بجد وبذل الجهد. النجاح يتطلب العمل الجاد والمثابرة.
حصد عبدالعزيز الجوف ثمار مقولته تلك، بعدما بدأت الشركة عملياتها في عام 2013 في المملكة، والهند، والبحرين، والإمارات. وتوسعت في عام 2015 في أسواق دول مجلس التعاون الخليجي، لتتوسع في 17 دولة.
لتأتي الشركة في عام 2016 في المرتبة الأولى على قائمة فوربس الشرق الأوسط ضمن 50 شركة سعودية ناشئة واعدة لعام 2016.
واختارتها مجلة فوربس ضمن أفضل 100 شركة ناشئة في العالم العربي لعام 2017.
كما فازت بجائزة الريادة والابتكار في منطقة الشرق الأوسط من آشيان بنكر، وانتقلت إلى المقر الرئيسي الجديد في البحرين في العام نفسه.
حافظت الشركة على موقعها من قبل فوربس الشرق الأوسط؛ حيث تم اعتبارها واحدة من أفضل الشركات في المنطقة للسنة الثالثة على التوالي، وذلك في عام 2018.
كما حصلت على جائزة أفضل مزود لحلول المدفوعات الإلكترونية عبر الإنترنت من قِبَل مؤتمر المدفوعات العالمية في العام نفسه.
فيما حصل عبدالعزيز الجوف على جائزة أبرز رواد الأعمال السعوديين المتميز من مؤسسة التمويل الكويتية عام 2018.
وجائزة أفضل رائد أعمال عربي من مجلة فوربس الشرق الأوسط عام 2019.
وجائزة رجل الأعمال السعودي الأكثر تأثيرًا في العالم العربي من مجلة فوربس الشرق الأوسط عام 2020.