لم تعد أزمة الاحتباس الحراري وتغير المناخ مشاكل تنبئية بعد الان؛ بل أصبحت البشرية تري آثارها في الوقت الراهن. وتعد الغازات الدفيئة، وعلى رأسها ثاني أكسيد الكربون، أحد أهم العوامل التي تسرع من عملية الاحتباس الحراري وارتفاع درجة حرارة الأرض.
ويحاول العلماء الحد من انبعاث الكربون بتقليل استخدام الوقود الأحفوري والاعتماد على الطاقة الجديدة والمتجددة. وكذلك يحاول العلماء تقليل غاز ثاني أكسيد الكربون الموجود في الهواء بالفعل واستخلاصه وتحويله إلى منتجات ثابتة سواءً في التربة أو المركبات الكيميائية.
أزمة الاحتباس الحراري والغازات الدفيئة
الغازات الدفيئة، هي تلك الغازات التي يمكن أن تمتص الأشعة تحت الحمراء نهارًا ومن ثم تشعها ليلا. وفى المطلق يمثل تواجد تلك الغازات في الغلاف الجوي للأرض احدي السبل للحياة على كوكب الأرض؛ حيث أن تلك الغازات الدفيئة، في تركيزاتها الطبيعية، تعد مفيدة لأنها تحتفظ بحرارة الشمس؛ ما يجعل كوكب الأرض أكثر دفئًا.
ويفترض العلماء أن تركيز تلك الغازات ظل في الحدود الآمنة عبر التاريخ؛ إلا أنه حدث تغير على تلك النسب بسبب الأنشطة البشرية على مدي 150 عامًا المنصرمين؛ حيث كانت تلك الأنشطة، كحرق الفحم والبترول، هي المسؤولة عن معظم الزيادة في تركيزات الغازات الدفيئة في الغلاف الجوي.
وتمثل الغازات الدفيئة غازات؛ مثل “ثاني أكسيد الكربون، CO2، و الميثان، CH4، وأكسيد النيتروز N2O”. وكذلك هناك مركبات صناعية تساهم في الاحتباس الحراري للأرض؛ مثل الكربون الهالوجيني ومركبات الكربون والمركبات المشبعة بالفلور؛ مثل سادس فلوريد الكبريت SF6.
ثاني أكسيد الكربون سبب أزمة الاحتباس الحراري
ويمكن الحد من الاحتباس الحراري عن طريق تقليل نسبة غاز ثاني أكسيد الكربون كمثال لتلك الغازات. حيث يمكن سحبه بواسطة طرق كيميائية وإنتاج هواء يحتوي على نسب أقل أو لا يحتوي على تلك الغازات بالكلية.
وفى هذا الصدد، نجح فريق من العلماء بجامعة Cambridge ببريطانيا في إنتاج مفاعل كيميائي يمكنه تحويل CO2 الجوي إلى وقود حيوي متجدد.
وفى الورقة العلمية التي نشرها الفريق البحثي في مجلة “Nature Energy” قام الفريق بشرح الطريقة التي حولوا بها CO2 من الهواء إلى غاز syngas (CO + H2). حيث يمكن تحويل الغاز الناتج إلي وقود يعمل كبديل للوقود الأحفوري.
وعلى الرغم من، أن تقنيات استخلاص الكربون ليست جديدة؛ إلا أن التقنيات الحالية تعتمد على الطاقة الناتجة من حرق الوقود الأحفوري. كما تتطلب تلك التقنيات احتجاز الكربون في باطن الأرض. بينما يعتمد المفاعل الجديد على الطاقة الضوئية التي يمكن توفيرها مباشرة من الشمس. بالإضافة إلى الوقود الناتج من العملية والذي يعمل كوقود بديل مما ينفي الحاجة الى تخزين النواتج فى باطن الارض.
الاستفادة من غاز ثاني أكسيد الكربون
ويقول المؤلف الرئيس للدراسة Erwin Reisner؛ الباحث بقسم الكيمياء بجامعة “Cambridge”: “إن تقنيات احتجاز وتخزين الكربون التقليدية تستخدم الوقود الأحفوري، وهو السبب الرئيس لأزمة المناخ بالأساس. إضافة إلى ذلك؛ فإن هذه التقنية لا يمكن عكسها. حيث يتم تخزين CO2 إلى أجل غير مسمى دون أي فائدة حقيقية”.
ويضيف “Reisner”: “تمكنا بواسطة المفاعل الجديد من توليد غاز التخليق بواسطة استخدام الضوء وCO2 المحتجز بالهواء، دون الحاجة إلى درجة حرارة عالية أو ضغط”.
</p>
ويردف قائلًا: “يتكون المفاعل من طبقة من مادة “السيليكا أمين” والقادرة على امتصاص ثاني أكسيد الكربون من الهواء. حيث يمكنها إنتاج هواء خالي من ثاني أكسيد الكربون. يلي ذلك استخدام الضوء المركز لتحرير ثاني أكسيد الكربون الملتقط داخل “السيليكا أمين”. ومن ثم تحويله إلى غاز تخليقي فوق طبقة من المحفز الضوئي. ويتكون المحفز الضوئي من مادة أشباه موصلات من مركبات السيلكيا والألومنيوم والتيتانيوم”.
ويقوم المفاعل بالتقاط ثاني أكسيد الكربون من الجو أثناء الليل. بينما يقوم نهارًا على تحريره من المادة الممتصة وتحويله إلى غاز صناعي تحت أشعة الشمس المركزة أثناء النهار.