تعد رحلات الفضاء انجازًا علميًا هائلًا للإنسانية، تُتيح لنا استكشاف الكون وفهم أسراره بشكل أفضل. لكن على الرغم من سحرها تسبب هذه الرحلات مخاطر جسيمة على صحة رواد الفضاء، تتراوح من مخاطر جسدية ونفسية قصيرة المدى إلى مخاطر طويلة المدى قد تؤثر في صحتهم على المدى الطويل.
بحسب الموقع الرسمي لوكالة ناسا فإن المخاطر الخمسة لهذه الرحلات هي:
1. الإشعاع الفضائي
خارج المجال المغناطيسي الواقي للأرض والغلاف الجوي تشكل الإشعاعات المؤينة في الفضاء خطرًا جسيمًا على رواد الفضاء أثناء سفرهم إلى المريخ.
ويمكن للأشعة الكونية المجرية عالية الطاقة، والتي هي بقايا العواصف الشمسية، أن تلحق الضرر بالجسم والمركبة الفضائية.
وعندما يسافر رواد الفضاء لا يمكنهم رؤية الإشعاع أو حتى الشعور به. ومع ذلك يدرس علماء ناسا تأثيرات الإشعاع في جسم الإنسان ويطورون طرقًا لرصد هذا الخطر الصامت والحماية منه.
ويزيد التعرض له من خطر الإصابة بالسرطان، ويلحق الضرر بالجهاز العصبي المركزي، ويمكن أن يغير الوظيفة الإدراكية، ويقلل الوظيفة الحركية، ويحدث تغييرات سلوكية.
ولمعرفة ما يمكن أن يحدث فوق المدار الأرضي المنخفض تدرس وكالة ناسا كيفية تأثير الإشعاع في العينات البيولوجية باستخدام مختبر أبحاث أرضي.
2. العُزلة
على الأرض لدينا ترف التقاط هواتفنا المحمولة والاتصال الفوري بكل شيء تقريبًا وكل شخص من حولنا. لكن في هذه الرحلات يكون رواد الفضاء أكثر عزلة وتقييدًا مما نتخيل.
ويؤدي فقدان النوم وعدم تزامن الساعة البيولوجية وعبء العمل الزائد إلى تفاقم هذه المشكلة، وقد يسبب انخفاض الأداء ونتائج صحية ضارة ويعرض أهداف المهمة للخطر.
ولمعالجة هذا الخطر يطور الخبراء طرقًا لمراقبة الصحة السلوكية وتكييف أو تحسين الأدوات والتقنيات المختلفة لاستخدامها في بيئة هذه الرحلات لاكتشاف عوامل الخطر المبكرة وعلاجها.
3. خطر المسافة
ويبعد المريخ، في المتوسط، 140 مليون ميل عن الأرض. فبدلًا من رحلة قمرية مدتها ثلاثة أيام سيغادر رواد الفضاء المتجهون إلى المريخ كوكبنا لمدة ثلاث سنوات تقريبًا.
ونظرًا لهذه المسافة يكون التخطيط والاكتفاء الذاتي ضروريين لنجاح البعثات إلى المريخ.
وفي مواجهة تأخير الاتصال لمدة تصل إلى 20 دقيقة في اتجاه واحد، واحتمال تعطل المعدات أو حالات الطوارئ الطبية، والحاجة الماسة إلى تقنين الغذاء والإمدادات يجب أن يكون رواد الفضاء قادرين على مواجهة مجموعة من المواقف مع الحد الأدنى من دعم الفرق على الأرض.
4. الجاذبية
سيواجه رواد الفضاء ثلاثة مجالات جاذبية مختلفة في مهمة المريخ؛ وفي الرحلة التي تستغرق ستة أشهر بين الكواكب سيكون الطاقم عديم الوزن.
وأثناء العيش والعمل على كوكب المريخ سيكون أفراد الطاقم في منطقة تبلغ ثُلث جاذبية الأرض تقريبًا. أخيرًا عند العودة إلى الوطن يتعين على الطاقم إعادة التكيف مع جاذبية الأرض.
ويعد التحول من مجال جاذبية إلى آخر أكثر صعوبة مما يبدو؛ حيث يؤثر الانتقال في التوجه المكاني، والتنسيق بين الرأس والعين، والتوازن، والحركة، ويعاني بعض أفراد الطاقم من دوار الحركة الفضائية.
كما قد يكون هبوط مركبة على المريخ أمرًا صعبًا؛ حيث يتكيف رواد الفضاء مع مجال الجاذبية لجرم سماوي آخر. عند التحول من انعدام الوزن إلى الجاذبية قد يعاني رواد الفضاء من الدوار والإغماء.
وبدون الحمل المستمر لجاذبية الأرض تفقد العظام الحاملة للوزن في المتوسط 1% إلى 1.5% من الكثافة المعدنية شهريًا أثناء رحلات الفضاء.
وينتقل الماء والسوائل الأخرى في الجسم إلى أعلى نحو الرأس؛ ما قد يضغط على العينين ويسبب مشاكل في الرؤية.
وإذا لم يتم تنفيذ التدابير الوقائية فقد يتعرض أفراد الطاقم لخطر متزايد للإصابة بحصوات الكلى؛ بسبب الجفاف وزيادة إفراز الكالسيوم من عظامهم.
5. البيئات المعادية لرواد الفضاء
يمثل الحفاظ على نظام بيئي آمن داخل المركية الفضائية تحديات فريدة من نوعها. بدءًا من ضمان درجات الحرارة والضغوط والإضاءة المثالية، وحتى تقليل الضوضاء ومراقبة المجتمعات الميكروبية وتتبع الاستجابات المناعية.
ويلعب النظام البيئي داخل المركبة الفضائية دورًا كبيرًا في الحياة اليومية لرائد الفضاء؛ إذ يمكن للميكروبات تغيير الخصائص في الفضاء. وتنتقل الكائنات الحية الدقيقة التي تعيش بشكل طبيعي على جسم الإنسان بسهولة أكبر من شخص لآخر في الموائل المغلقة مثل المحطة الفضائية.
ويمكن أن ترتفع مستويات هرمون التوتر ويتغير الجهاز المناعي؛ ما قد يؤدي إلى زيادة التعرض للحساسية أو الأمراض الأخرى.
وهناك حاجة إلى مزيد من البحث حول ما إذا كانت هذه التغييرات تشكل مخاطر جسيمة على رواد الفضاء.