أكد فهد البياهي، قائد أبحاث برنامج سينك في مركز الملك عبدالعزيز الثقافي، “إثراء”، أن العالم شهد مؤخرًا قمة سينك للاتزان الرقمي، والتي حملت عنوان “مواجهة تناقضات التقنية الرقمية”. وسلطت الضوء على التأثير المتزايد للتكنولوجيا على حياتنا، كما ناقشت سبل تحقيق التوازن الرقمي وحماية الأجيال القادمة من مخاطر الإفراط في استخدام التكنولوجيا.
وأضاف البياهي حواره مع “عالم التكنولوجيا“، أن قمة سينك، كشفت عن التناقضات في استخدام التكنولوجيا، إذ أظهر استطلاع شمل 35 ألف مشارك من 35 دولة مختلفة، أن الناس يدركون مخاطر الإفراط في استخدام التكنولوجيا، لكنهم يجدون صعوبة في الحد من استخدامها.
كما أكد أن قمة سينك تهدف إلى معالجة هذه التناقضات من خلال نشر الوعي بخطورة الإفراط في استخدام التكنولوجيا، وتفعيل الحراك المجتمعي لإيجاد حلول فعّالة، وإلى نص الحوار:
متى بدأ العمل في برنامج سينك؟
بدأ العمل في برنامج “سينك” للاتزان الرقمي في مركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي “إثراء” عام 2021، كما استند البرنامج إلى 4 أبحاث رئيسية:
الاستطلاع الأول: شمل 15 ألف مشارك من 30 دولة.
الاستطلاع الثاني: شمل 35 ألف مشارك من 35 دولة، وتم إجراؤه عام 2023، كما تم إجراء دراسات أخرى مكملة.
ما أهم نتائج البرنامج؟
يعد من أهم نتائج التي توصلنا إليها، الكشف عن التناقض بين الجانب الضار للتقنية الرقمية والجانب المفيد، ما يعد أمرًا بالغ الأهمية في حياتنا، ولا سيما في مجالات الصحة والتعليم وغيرهما، ومن هنا جاء عنوان القمة، وهو “مواجهة تناقضات التقنية الرقمية”.
هل يؤثر الذكاء الاصطناعي في العلاقات الإنسانية؟
البحث الأخير الكثير منحنا عددًا من الحقائق، إذ يعتقد 71% من المشاركين في الاستطلاع أن الذكاء الاصطناعي قوة نافذة، بينما يرى 71% آخرون أن تطور الذكاء الاصطناعي دون وجود قوانين ضار وليس في صالح المستخدمين.
ومن الحقائق التي توصلنا إليها أن 89% من البشر يستخدمون مواقع التواصل الاجتماعي، وتبين أن 7% منهم أن تأثرت جودة علاقاتهم بأصدقائهم الحقيقيين.
لذا نؤمن أن التقنية الرقمية لها مزايا وفوائد كثيرة لكنها في الوقت نفسه تحمل جانبًا سيئًا مثل: فرط الاستخدام.
ما تأثير التكنولوجيا الحديثة على الاتزان الرقمي؟
بالطبع لها تأثير إيجابي، ففي عالم التحول الرقمي لا نستطيع دون تقنية، أن نواكب التطور في مجالات الصحة والتعليم والثقافة والفن وغير ذلك.
وعلى العكس من ذلك فإنه إن لم يتوفر الوعي في الاستخدام المتوازن والسليم والآمن للمحتوى، تصبح لتلك التكنولوجيا أضرار.
ونتيجة لتلك الأبحاث التي أجريناها خلال القمة جمعنا عدة مقترحات، ومن أهمها عقد منتدى خاص للآباء الذين لديهم أطفال من جيل ألفا (عمرهم 14 عامًا أو أقل).
ما أبرز التحديات التي تواجه البحث والتطوير؟
يعد التوازن الرقمي من أبرز التحديات التي واجهتنا في مجالي البحث والتطوير ضمن البرنامج؛ لأنه موضوع واسع ومتشعب ومتداخل.
على سبيل المثال، لا يتحدث التوازن الرقمي عن التنمر أو الإدمان الإلكتروني فحسب، بل يمس جميع جوانب الحياة، سواء في العمل والإنتاجية، أو الثقافة والفنون والإبداع والابتكار.
بينما يمثل المجتمع التحدي الثاني، لأنه إذا أردت أن تحسّن من وعي أشخاص معينين يجب أن تفعل ذلك على نطاق شامل؛ بحيث يشمل الآباء والأطفال والمجتمعات والمدرسين والأطباء، فأي برنامج لرفع الوعي، يجب أن يشمل جميع أفراد المجتمع.
حدثنا عن الأهداف الاستراتيجية للبرنامج؟
لدينا أهداف استراتيجية، من أهمها: زيادة الوعي لدى المستخدمين والمستفيدين، لأن أهم المقاييس بالنسبة لنا أن يكون هناك حراك مجتمعي، فالهدف الأسمى هو تعزيز الوعي بالاستخدام السليم والمتوازن للتقنية الرقمية، ومن خلال أبحاثنا نستقصي الكثير من الظواهر ذات العلاقة بالتقنية الرقمية، لذا يطرح مركز “إثراء” من خلال استطلاعات الرأي السنوية أسئلة تساعدنا في معرفة كيف استجاب الناس لتلك التوعية.
على سبيل المثال، من ضمن نتائج آخر استطلاع في عام 2023 أن 53% من المشاركين يرون أن استخدامهم للتقنية الرقمية تحسّن، هذا يعد تغييرًا عن النتيجة قبل عامين.
ومن المقاييس الأخرى التي نهتم بها، مدى التفاعل في الحملات الإلكترونية لرفع الوعي من خلال الرسائل أو الفيديوهات الخاصة بـ”سينك” لتوعية المستخدمين.
هل تساعد أبحاث سينك في فهم استخدام التكنولوجيا؟
تعمل سينك من خلال إطار يرتكز على الأبحاث كأساس لصنع المحتوى، فهم كيفية استخدام الناس للتكنولوجيا ومدى تفاعلهم معها، وهذا الإطار يحوّل هذه المعلومات ونتائج الأبحاث إلى برامج تعليمية وتطويرية.
من جهة أخرى، وفي الوقت نفسه هناك مسار لـ سينك يجمع بين عدد كبير من المشاركين والداعمين له.
كما أن هناك اعتمادًا بشكل كبير على الشراكات البحثية وغيرها، منها الشراكة مع “هورايزون جروب”، والاستطلاع العالمي مع شركة “بي إس بي إنسايدز”، بالإضافة إلى ذلك أنشأنا أول مجتمع لجيل ألفا في العالم يحوي 150 مشاركًا من 37 دولة.
كما أن أبحاث سينك تتسم بالعالمية، وتشجع بشكل كبير على مشاركة المختصين، سواء ممارسين أو باحثين أو أكاديميين، إلى جانب إنها متاحة لجميع الشرائح للاستفادة منها.
هل يمكنكم مشاركة بعض النتائج التي توصلتم إليها من خلال أبحاثكم بشأن الألعاب الإلكترونية كجزء من فهم استخدام الناس للتكنولوجيا؟
الألعاب الإلكترونية من بين 6 موضوعات بحثناها في الاستطلاع العالمي؛ وتبين أنه يوجد عدد كبير من الناس يستخدمون الألعاب، وأن 61% ممن شملهم الاستطلاع يقولون إن الوقت الذي يقضونه بشكل عام في ممارسة هذه الألعاب هو الذي خططوا لقضائه في ممارسة تلك الألعاب، ولا يوجد إسراف فيه لأنه لديهم وعي بممارستها.
وأضاف البياهي أن هناك نسبة تصل إلى 17% تقول إنها تقضي وقتًا أطول، فسألناهم بعض الأسئلة التي تبين لماذا يقضون هذا الوقت فتبينت النتائج التالية:
-%71 يمارسون هذه الألعاب كوسيلة للهروب من الواقع.
– %27 يمارسون هذه الألعاب لأن مناسبات كثيرة فاتتهم بسبب ممارسة هذه الألعاب الإلكترونية.
ما هي توجهات سينك المستقبلية؟
المتاح عالميًا الآن فيما يتعلق بالتوازن الرقمي هو الاستطلاعات والأبحاث، لذا نعمد إلى إجراء أبحاث ذات أمد أطول؛ بمعنى متابعة الأفراد لفترة أطول، وعقد شراكات أكبر.