ثلاجات “الحواسيب الكمومية”.. البشر يقتربون من “الصفر المطلق”

ثلاجات الحواسيب الكمومية
ثلاجات الحواسيب الكمومية

ثلاجات الحواسيب الكمومية، جعلت البشرية تقترب من الصفر المطلق. فمنذ بدء الخليقة وينعم الإنسان بفوائد النار من إضاءة ودفء وطهي، حتى استخدمها في الصيد والحروب. لكن لم يعلم الإنسان الكثير عن الحرارة والنار رغم استعماله المتكرر لها في الحياة بصفة عامة إلا خلال الثلاثة قرون الماضية.

ما درجة حرارة ثلاجات الحواسيب الكمومية؟

الطاقة الحرارية يمكنها أن تتحول إلى نوع آخر من الطاقات. وعادة ما يتم تحويل الطاقة الحرارية إلى طاقة ميكانيكية عن طريق تحويل الضغط البخاري إلى حركة. كما هو الحال في المحركات البخارية.

ويمكن أيضًا تحويلها إلى طاقة حركية عن طريق حرق الوقود، كما هو الحال في محركات الاحتراق الداخلي. ويمكن أيضًا تحويلها إلى طاقة كهربية في المولدات التوربينية.

 

النار

 

ويجب التفرقة بين درجة الحرارة، وهي متوسط حركة الجزيئات في جسم ما سواءً كان غازيًا أو صلبًا أو سائلًا، وبين الطاقة الحرارية.

ويمكن تعريف الطاقة الحرارية على أنها إجمالي الطاقة الناتجة عن حركة الجزيئات في مادة معينة. وتشمل الحركة الاهتزازية لكل الجزيئات؛ حيث تقيس مقدار الطاقة الموجودة في الجسم نتيجة لدرجة حرارته وحجمه.

تأثير الكثافة في الحواسيب الكمومية

في الطبيعة يمكننا إيجاد بعض الأماكن التي تمتلك درجات حرارة عالية ولكنها لا تؤثر تأثيرًا كبيرًا في الأجسام. نظرًا لعدم وجود كثافة للمادة في تلك المناطق.

ويمكن رؤية ذلك بوضوح بالقرب من الغلاف الخارجي للشمس، والتي تسمى “الكورونا الشمسية”. حيث درجة الحرارة المرتفعة، لكن كثافة الغاز قليلة لنقل كل تلك الطاقة لأي جسم يمر خلالها.

ومن الجدير بالذكر، أن المسبار الشمسي، ومسبار باركر، قد مرا بتلك المنطقة دون أن ينصهرا على الرغم من الحرارة العالية.

وتمثل الحرارة المرتفعة فرصة لتوليد الطاقة، خاصة من المصادر المتجددة كالشمس وباطن الأرض. حيث يمكن توليد الحرارة عن طريق تجميع أشعة الشمس على أبراج. كما هو الحال في الأبراج الشمسية Solar Towers أو من خلال الممتصات، مثل السخانات الشمسية.

برج شمسي
برج شمسي

 

كما يمكن الحصول على الحرارة من باطن الأرض من خلال استخدام حرارتها في تسخين المياه بآبار البترول المستنفدة. ومن ثم استقبال البخار للاستفادة منه في توليد طاقة نظيفة متجددة.

الحرارة المنخفضة سحر عالم الفيزياء

ولا يقتصر الأمر على الحرارة المرتفعة فقط من حيث المنافع والاستخدامات. فللحرارة المنخفضة أيضًا استخدامات وتطبيقات تكنولوجية وفيزيائية لا يمكن الاستغناء عنها.

حيث تتصرف المواد بطريقة غير معتادة في درجات الحرارة المنخفضة. كما المعتاد عليه في درجات الحرارة العادية.

بدأ الأمر عند دراسة الخواص الفيزيائية للغازات؛ حيث عكف العلماء على دراسة تأثير وتغيير الحرارة في ضغط الغاز وحجمه.

واكتشف العلماء، أن حجم الغاز يزيد بالحرارة طرديًا. وكذلك العلاقة الطردية بين الضغط والحرارة. وعند رسم تلك العلاقات بين الحجم والحرارة عند ثبوت الضغط. وأيضًا بين الضغط والحرارة عند ثبوت الضغط. ليكتشف العلماء “الصفر المطلق”.

والصفر المطلق، هو درجة الحرارة التي ينعدم عندها ضغط وحجم الغاز نظريًا. ومن الجدير بالذكر أن البشرية لم تصل إلى الصفر المطلق، ولكنها تتجه إليها بخطوات حثيثة. وفي أثناء تلك الخطوات عبر طريق الصفر المطلق اكتشف البشر الكثير من الخصائص.

خصائص فريدة وجديدة للمواد

يمكن الوصول لدرجات الحرارة المنخفضة نتيجة السماح لغاز ما بالتمدد دون السماح له بالتبادل الحراري مع الوَسَط؛ ما ينتج عنه انخفاض درجة حرارته بشدة.

ويمكن فيما بعد السماح له بالتبادل الحراري مع وسط  آخر ليبرده. ويحدث هذا بصفة مستمرة في الثلاجات المنزلية.

ويمكن خفض درجة الحرارة أكثر إذا سمح للغاز البارد بتبادل الحرارة مع غاز تسييل ذي درجة حرارة، ودرجة الحرارة التي عندها يتحول إلى سائل، أكثر انخفاضًا. ما سمح بسلسة تبريد تقترب بشدة من الصفر المطلق.

وفي أثناء تلك الدراسات والمحاولات للوصول إلى الصفر المطلق اكتشف العلماء خصائص للمواد أقل ما توصف أنها باهرة. من أهم تلك الخصائص هي الموصلية الفائقة والرفع المغناطيسي.

الموصلية الفائقة والسيولة الفائقة

في الظروف العادية يكون لكل الموصل مقاومة، يشمل ذلك الموصلات العادية مثل النحاس والأمونيوم، وإن كانت متدنية جدًا في الموصلات المعدنية. إلا أنه بتخفيض درجة الحرارة تنعدم تلك المقاومات ويمر التيار الكهربي في بعض المواد دون مقاومة.

يسمح ذلك للتيار بالمرور إلى ما لا نهاية طالما استمرت درجات الحرارة المنخفضة تحت درجة الحرارة الحرجة التي عندها تتحول المادة إلى مادة موصلة توصيل فائق.

وتسمح تلك الخاصية بمرور تيارات كبيرة جدًا يمكنها صهر تلك المواد بسهولة في الحالات العادية؛ ما يسمح بتوليد مجالات مغناطيسية قوية جدًا.

ويمكن لتلك التيارات الكهربية الكبيرة توليد مجالات مغناطيسية قوية؛ حيث تستخدم تلك المجالات في توليد لأجهزة الرنين المغناطيسي الطبية. كما يمكن استخدامها في احتواء البلازما بالمفاعلات النووية. وكذلك في مولدات الكهرباء الفائقة ذات الكفاءة العالية.

 

السيولة الفائقة في الهيليوم المسال
السيولة الفائقة في الهيليوم المسال

 

ومن تلك الخصائص أيضًا امتلاك السوائل في درجات الحرارة المنخفضة خاصية سريان عكس الجاذبية. ما يسمح بتكوين نفورات جذابة عند درجات الحرارة المنخفضة دون الحاجة إلى محركات تدير السائل.

الرفع المغناطيسي والحواسيب الكمومية

في درجات الحرارة المنخفضة وعند تحول المواد إلى مواد موصلة فائقة لا يمكن للمجالات المغناطيسية اختراقها. تمكن تلك الخاصية المواد من ممانعة مرور واختراق المجال المغناطيسي؛ ما يؤدي إلى تنافرها وارتفاعها إذا قربت من مغناطيس.

تتمثل خاصية القطارات فائقة السرعة في الطفو فوق القضبان دون تلامس بين جسم القطار والقضبان. ويحقق ذلك سرعات عالية ويوفر الطاقة، مقارنة بالقطارات العادية.

الرفع المغناطيسي
الرفع المغناطيسي

التبريد في الحواسيب الكمومية

تستخدم الحوسبة الكمومية طريقة التراكب الكمي للإلكترونات. في هذا التراكب يمكن أن توجد الحالات المنطقية 0 وواحد في حالة متراكبه بينهما في ذات اللحظة.

ويستخدم مصطلح الكيوبتات (qubits)، الوحدات الحسابية الأساسية لأجهزة الكمبيوتر الكمومية، كبديل للبيتات Bits  في حالات الحوسبة العادية. وتنهار حالة التراكب في الكيوبتات عند درجات حرارة عالية نسبيًا.

ولضمان استقرار الكيوبتان، تعاون باحثون من  أمريكا  وأوروبا  على تطوير جهاز تبريد قادر على تبريد الكيوبتات الى درجة حرارة منخفضة جدًا. ويمكن إعادة ضبطها تلقائيًا بعد الاستخدام.

ثلاجة كمومية- تصور مستقبلي

 

وتعليقًا على ذلك يقول سيمون غاسبارينيتي؛ الأستاذ المساعد في جامعة “تشالمرز: “في سابقة هي الأولي من نوعها تمكنا من إثبات أن الآلات الحرارية الكمومية يمكن استخدامها لحل مهام مفيدة عمليًا.

وفي البداية أجرينا التجربة لإثبات هذا المفهوم. لكننا فوجئنا بتفوق نهجنا في الكفاءة على جميع البروتوكولات الحالية لإعادة الضبط والتبريد للكيوبتات”.

 

كومبيوتر الكمي

وقد تمكن فريق البحث من الوصول بدرجة حرارة الكيوبتات إلى درجة حرارة قياسية. حيث تبلغ تلك الحرارة حوالي 23.5 مللي كلفن (ما يعادل -273.1265 درجة مئوية).

وهذا أقل بحوالي النصف مما يمكن تحقيقه باستخدام الثلاجات الصناعية الحالية. حيث تستخدم  أجهزة الكمبيوتر الكمومية المتقدمة حاليًا أجهزة تبريد معتمدة على الكيوبتات فائقة التوصيل.

ويساعد هذا الإنجاز العلمي في تقدم وموثوقية وكفاءة الحواسيب الكمية بصورة عامة وقد يسهم في انتشارها مستقبلًا.

 

 

الرابط المختصر :