عقدت شركة “مايكروسوفت”، في ديسمبر عام 2008، اجتماعًا طارئًا برئاسة “تيري ميرسون”؛ المدير التنفيذي الشاب الذي تمت ترقيته -آنذاك- إلى منصب رئيس قسم هندسة الأجهزة المحمولة، وأطلق الحاضرون بالاجتماع فيما بعد عليه اسم “اجتماع مباراة القفص”، وتطرق “ميرسون”؛ خلال الاجتماع، إلى عدم ملاءمة نظام التشغيل المتنقل “ويندوز موبيل” الذي سبق وأطلقته شركة “مايكروسوفت” لأول مرة في عام 2003؛ نظرًا لأن هذا النظام بات قديمًا.
وكان “ميرسون” وضع على طاولة الاجتماع نموذجًا أوليًا لهاتف iPhone الجديد الخاص بشركة “أبل” والذي يعمل بنظام Windows Mobile، وكان تسبب في إحداث ثورة بسوق الهواتف المحمولة قبل نحو عام من الاجتماع سالف الذكر، ووجه “ميرسون” سؤالًا للحاضرين حول ما إذا كان أحدهم يحفظ أي من أكواد “مايكروسوفت” أم لا، وبعد سبع ساعات متواصلة في قاعة الاجتماع اجتمع الحاضرون على رأي موحد مبدئي: إما تحديث تكنولوجيا المعلومات، أو الخروج من اللعبة.
ألقوا بكل شيء بعيدًا ولنبدأ من جديد
لا شك في أن قرار تصميم نظام تشغيل جديد للهاتف المحمول من نقطة الصفر كان قرارًا صعبًا، إلا أنه وفي الوقت نفسه كان بمثابة تسليط المزيد من الأضواء على “ميرسون” في شركة “مايكروسوفت” ودعم ثقل منصبه، ومن ثم تم منح جوجل الأفضلية لتقديم نظام الأندرويد الخاص بالهاتف، وبالفعل تم تصميم Windows Phone الجديد بصورة رائعة، وحصد “ميرسون” إشادة من قيادات مايكروسوفت حتى أوقات انخفاض المبيعات.
وبعد أقل من عامين من اجتماع “مباراة القفص”، ترقى “ميرسون”، وتقلد منصب رئيس مجموعة “ويندوز فون” بأكملها، وكتب “ستيف بالمر”؛ المدير التنفيذي، في بيان داخلي أثنى فيه على “ميرسون” قائلًا: ” لقد لعب دورًا رئيسيًا وناجحًا جدًا من خلال قيادة الأعمال الهندسية على الإصدارين Windows phone 7 & 7.5″، واختتم بيانه مشيرًا إلى أن مايكروسوفت أصبح لديها إمكانات هائلة مع ويندوز فون.
وفي نفس الأسبوع، استمر صعود الشاب البالغ من العمر 40 عامًا، عندما أعلنت شركة “مايكروسوفت” مجددًا عن أنه تمت ترقيته لقيادة أكثر أقسام التكنولوجيا الجديدة ربحية وأكثرها أهمية وهي “مجموعة هندسة أنظمة التشغيل”، وهو ما يعني في الأساس نظام التشغيل “ويندوز”، الذي كان سببًا في جني “مايكروسوفت” أرباحًا طائلة، والذي لم يصبح على أجهزة الكمبيوتر فقط، بل على مختلف الأجهزة كالهواتف الذكية، والأجهزة اللوحية، وأجهزة الكمبيوتر الشخصية، وأجهزة إكس بوكس أيضًا، وبمعنى آخر، فإن “ميرسون” تمكن من أن يصبح رئيسًا لقسم نظام التشغيل “ويندوز” الذي يعد بمثابة العمود الفقري لهيكل شركة “مايكروسوفت”.
إلا أن تفضيل “ميرسون” واختياره على نظيرته الصاعدة -آنذاك- بقوة “جولي لارسون جرين” أثار تحفظ البعض، فقد كانت “لارسون جرين” تشغل منصب رئيس الهندسة في نظام التشغيل “ويندوز” الذي ترأس مجموعة أجهزته “ميرسون” حينها.
جدير بالذكر أن “لارسون غرين” كانت تشتهر بدبلوماسيتها، وذلك على عكس “ميرسون” الذي كان ينهار تحت الأضواء ولم يستطع التفاعل مع الصحافة، فعلى سبيل المثال، طرحت شركة Verge في أحد المؤتمرات سؤالًا حول خطط الشركة المستقبلية، فبادرت “لارسون جرين” على الفور بإجابة أقل ما توصف أنها أكثر من رائعة، في حين أشاح “ميرسون” بوجهه بعيدًا حتى تم استدعاؤه بالاسم للرد، ثم أعطى إجابة متعرجة حول الابتكار من شركاء مايكروسوفت.
كما يعتبر البعض “ميرسون” أيضا شخصًا غير واعي قليلًا، فقد سبق وأطلق على نظام الأندرويد اسم “حالة من الفوضى”، وتساءل على خشبة المسرح: هل استنفدت “أبل” قوتها، وهل أصبح نظام iOS مملًا؟”، كما لم يحترم قواعد المنافسة فى مرة أخرى وذلك خلال لقائه في مقابلة مع Wired؛ حيث قال إن نظام الأندرويد هو نظام “مربك” و”فوضوى” وأن شركة” أبل” مستبدة.
وعلى الرغم من أن “بالمر” كان متفائلًا للغاية ببدء قيادة “ميرسون” واعتبر نظام “ويندوز فون” نظامًا جيدًا، إلا أن واقع الأمر أن Windows Phone لم يصل بعد إلى “الإمكانات الهائلة لمنافسيه”، كما أنه ليس منتشرًا مقارنة بهم، بالإضافة إلى تأخر مبيعاته كثيرًا عن iPhone وAndroid، كما أنه ضئيل نسبيًا؛ حيث يحتوي على نحو 160 ألف تطبيق، بينما يتوفر لدى منافسيه أكثر من 800 ألف لكل تطبيق، وأيضًا تم انتقاد بطء نظام Windows Phone في نشر التحديثات.
ولم يخطط “ميرسون” قط للعمل في مايكروسوفت؛ إذ أمضى فصلًا دراسيًا واحدًا في كلية الثالوث والعلوم في جامعة “ديوك”، قبل أن ينتقل إلى تخصص الهندسة الميكانيكية في الكلية، وعمل بدوام جزئي في إجراء المحاكاة الرسومية لوكالة حماية البيئة، وبعد التخرج شغل وظيفة في صناعة رسومات الكمبيوتر حتى أصبح مغرًما بالإنترنت، ثم استقال من منصبه وأسس شركته الخاصة Interse Corporation.
واستغرق الأمر عامين فقط قبل أن يتمكن “ميرسون” من لفت نظر “بيل غيتس”، وذلك من خلال مواقع الويب المضمّنة، وبرامج استخراج البيانات، وبعد فترة وجيزة وتحديدًا عام ١٩٩٧ حصلت شركة “مايكروسوفت” على شركته مقابل سعر غير معلوم، على الرغم من أن السجلات العامة تشير إلى أن “ميرسون”؛ البالغ من العمر آنذاك 24 عامًا، تلقى ما قيمته 16.5 مليون دولار مقابل أسهمه.
وفيما بعد تولى “ميرسون” وظيفة دعم في “وحدة أعمال خدمات الإنترنت داخل قسم تطبيقات الخادم” وعمل على Site Server وWindows Management Instrumentation وBizTalk ، من بين العديد من المنتجات الأخرى، ثم انضم إلى مجموعة Microsoft Exchange، والبريد الإلكتروني للشركات، وجهات الاتصال، والتقويم في عام 2001 وقاد هذا الفريق لمدة ثماني سنوات.
وفي عام 2009، تكاتف رئيس الهواتف المحمولة “آندي ليسيرسون” مع “ميرسون” للمساعدة في تنشيط مجموعة الهواتف المحمولة في مواجهة تهديد iPhone. وكان واحدًا من أهم موظفيه الذين شغلوا منصب مدير Windows Phone، بجانب “جو بيلفيوري” ، الذي كان مسؤولًا إلى حد كبير عن تصميم نظام التشغيل الجديد.
ومن المؤكد أيضًا أن نجاح “ميرسون” في تحقيق فوز كبير آخر كان بصفته رئيسًا للهواتف المحمولة، والذي من المحتمل أن يكون مهد له طريق الترقي؛ حيث تمكنت شركة “مايكروسوفت” حينئذ من بناء منتج جيد، يزعم البعض أنه نظام تشغيل جوال كبير، لكنه ليس لديها أي هواتف قاتلة. علاوة على ذلك، فقد كانت شركات النقل تروج لهواتف شركتي “أبل”، و”سامسونج” لعملائها، دون عروض شركة “مايكروسوفت”.
كما نجح “ميرسون” في التقرب من “جو هارلو”؛ نائب الرئيس التنفيذي للأجهزة الذكية في شركة “نوكيا”، حين انتقل إلى “ديوك”، وأصبحا على مقربة من بعضهما، وكان ذلك له دور أساسي في بناء شراكة “مايكروسوفت” مع الشركة المصنعة للهواتف الاسكندنافية، ومنذ ذلك الحين، أصبحت نوكيا الحليف الأقرب لمايكروسوفت في عالم الهواتف.
لا شك في أن “ميرسون” هو رجل شركة” مايكروسوفت”، إلا أن شخصيته العامة والفشل الجزئي في “ويندوز فون” قد يعيقه مستقبلًا؛ حيث بات تعزيز التضامن بين جميع المنتجات التي تعمل بنظام “ويندوز” أولوية قصوى لشركة “مايكروسوفت” في الوقت الراهن، استنادًا إلى خطاب الشركة هذا الأسبوع، كما أصبح الآن إثبات توحيد منتجات الشركة المتفاوتة على أرض الواقع يمثل تحديًا كبيرًا أيضًا، جدير بالذكر أن شقيق “ميرسون” الأصغر يعمل بالشركة.
لذا، وفي ظل كل تلك التحديات التي تواجه شركة “مايكروسوفت”، خاصة خلال فترة التكيف القادمة وبعد قيام الشركة بإعادة هيكلتها جذريًا، فمن المتوقع -وعلى نطاق واسع- أن يضطر “مايرسون” إلى العمل بقوة لتجنب مصير خروجه من الأبواب الخلفية لمايكروسوفت.
المصدر: The verge: Meet Terry Myerson, the most important man at Microsoft
بعد قراءة الموضوع يمكنك معرفةالمزيد عن الكلمات الآتية:
5G Apple ChatGPT Google iPhone أبل أمازون أمن المعلومات أندرويد إيلون ماسك الأمن السيبراني الإنترنت البيانات التخصصات المطلوبة التكنولوجيا الذكاء الاصطناعي الزراعة السيارات الكهربائية الصين الطاقة الفضاء المدن الذكية المملكة العربية السعودية الهواتف الذكية تويتر جوجل حساب المواطن رابط التقديم رابط التقديم للوظيفة سامسونج سدايا سيارة شركة أبل شركة جوجل عالم التكنولوجيا فيروس كورونا فيسبوك كورونا مايكروسوفت منصة أبشر ناسا هاتف هواوي واتساب وظائف شاغرة
Leave a Reply