ولدت الطفلة “فانيلوب هوب ويلكنز”، في عام 2017، بحالة طبية نادرة جدًا، حيث تبين وجود القلب خارج التجويف الصدري. وهي حالة تعرف طبيًا باسم “انتباذ القلب” أو “ectopia cordis”. ولا تحدث إلا في عدد قليل جدًا من الولادات حول العالم.
معجزة القلب خارج الصدر وتحدي المستحيل
وعندما ولدت “فانيلوب” وصفها الأطباء بأنها “فريدة من نوعها”، لأنهم لم يسبق أن شاهدوا حالة مثلها من قبل، في بريطانيا. ومنذ ولادتها، بدأت رحلة طويلة من العلاج، حيث خضعت لثلاث عمليات جراحية معقدة لإعادة قلبها إلى داخل صدرها.
كانت فرص نجاتها ضعيفة جدًا، أقل من 10%، لكنها تحدّت كل التوقعات ونجحت في البقاء على قيد الحياة، وهذا ما جعل قصتها مميزة ويتحدث عنها الكثيرون في العالم.
فيما قال مستشفى غلينفيلد في مدينة ليستر، وهو المكان الذي ولدت فيه فانيلوب، إنه لم يشهد من قبل حالة مشابهة في المملكة المتحدة نجت من هذه الحالة النادرة.
والآن، بعد أن أصبحت فانيلوب في السابعة من عمرها، أجرت عملية جراحية مميزة لبناء قفص يحمي قلبها، وذلك باستخدام عظام أضلاعها.
في وقت مبكر من الصباح، اجتمع فريق من الأطباء المتخصصين ليتحدثوا عن العملية الجراحية النادرة. فانيلوب ما زالت لا تملك عظمة الصدر، وقلبها مغطى فقط بطبقة رقيقة من الجلد. لذلك قرر الأطباء استخدام عظام أضلاعها لصنع قفص يحمي قلبها من الداخل.
تحدي طبي نادر لإنقاذ فانيلوب
كان الدكتور نيتين باتواردان، وهو جراح أطفال استشاري. من بين الفريق الطبي المكون من 50 شخصًا الذين شاركوا في ولادة فانيلوب في 22 نوفمبر. واليوم، يعود ليلعب دورًا مهمًا من جديد في هذه العملية الجراحية النادرة.
قال باتواردان: “سأكذب إذا قلت إنني لا أشعر بالتوتر. لكن بعد سنوات طويلة في هذه المهنة. تتطلع لمثل هذه اللحظات لأنها تغير حياة شخص ما.”
قال إن حالتها عند الولادة كانت غامضة تمامًا. إذ لم يسبق لأي فريق طبي في البلاد أن تعامل مع حالة مشابهة. ويوجد عدد قليل جدًا من الأطفال في الولايات المتحدة تمكنوا من النجاة من هذا المرض.
وتعد حالة “انتباذ القلب” نادرة للغاية، حيث تصيب أقل من طفل واحد بين كل مليون ولادة. وقد كانت فرص بقاء فانيلوب على قيد الحياة أقل من 10٪، لكنها تغلبت على تلك التوقعات، وغادرت المستشفى بعد أن أمضت فيه 14 شهرًا.
ومنذ ذلك الوقت، كانت فانيلوب ترتدي دعامة خاصة لتوفير الحماية لقلبها. وهي بحاجة إلى رعاية طبية دقيقة ومستمرة طوال اليوم، بالإضافة إلى أنها تعاني من التوحد ولا تستطيع الكلام.
شارك في إجراء العملية فريق من الجراحين من مركز القلب الخلقي ومن مستشفى ليستر للأطفال، إلى جانب جراح متخصص قدم من مستشفى جريت أورموند ستريت في لندن.
قام الدكتور إيكنّا أوميجي، الجراح القلبي للأطفال الذي أجرى أول عملية لفانيلوب بعد 50 دقيقة من ولادتها، بشرح تعقيدات حالتها الحالية. أشار إلى صورة ثلاثية الأبعاد لصدرها ووضح كيف أن قلبها التصق بالجلد الرقيق الذي يغطيه، مشيرًا إلى أن فصل القلب عن الجلد يعد عملية محفوفة بالمخاطر.
كيف أعاد الجراحون بناء هيكل حماية لقلب الطفلة؟
في سن السابعة، قرر الجراحون أنها أصبحت في العمر المناسب لإجراء عملية إعادة بناء هيكل دائم لحماية قلبها.
أثناء العملية، تم توصيل فانيلوب بجهاز قلب ورئة صناعي لتخفيف نشاط قلبها وتسهيل إجراء الجراحة. تم فصل الجزء العلوي من قلبها والشريان الرئوي عن الجلد الذي كان يغطيهما.
بعدها، أجريت جراحة تعرف بـ “قطع عظام الضلع الثنائي”، حيث تم كسر أضلاعها من الجانبين وتحريكها لتشكيل قفص يحمي قلبها.
واستغرقت العملية أكثر من تسع ساعات. وكانت ناجحة.
قال الدكتور أوميجي و هو يبتسم: “سارت الأمور أفضل بكثير مما توقعنا”. وأضاف أنه وصف الأشعة السينية لما بعد العملية بأنها “جميلة حقًا”.
وقال أيضًا: “أفضل شعور نحصل عليه هو عندما تتلقى رسالة من الأم تقول فيها: شكرًا، أنتم مذهلون. أشعر أنني فقط أديت وظيفتي، لكن ما فعلناه صنع فرقًا كبيرًا في حياة شخص ما.”
تم نقل فانيلوب إلى وحدة العناية المركزة للأطفال، حيث ستظل هناك لفترة قصيرة لاستكمال عملية تعافيها. وبعد أسابيع قليلة، ستكون قادرة على إزالة الدعامة الواقية من صدرها، ولن تحتاج إلى أي عمليات جراحية في المستقبل.