عقب عقود من التهديدات، أعلنت إسرائيل يوم الجمعة، شن الحرب على إيران، مستهدفة مواقعها النووية وعلمائها وقادتها العسكريين تحت ذريعة شل قدراتها النووية العسكرية، فهل لا تزال طهران قادرة – رغم ذلك – على صنع قنبلة ذرية؟
إيران وصنع قنبلة نووية
تقول التقييمات الدولية، بما فيها أجهزة الاستخبارات الأمريكية، إن البرنامج النووي الإيراني ليس مسلحًا حاليًا. كما أعلنت طهران مرارًا وتكرارًا أنها لا تخصب اليورانيوم لتصنيع قنبلة نووية.
أمضت إيران عقودًا في تطوير برنامجها النووي، وتعتبره مصدر فخر وسيادةً وطنية. وتؤكد أن البرنامج مخصص حصرًا للأغراض السلمية للطاقة.
كما أنها تخطط لبناء محطات طاقة نووية إضافية لتلبية احتياجاتها المحلية من الطاقة وتوفير المزيد من النفط للتصدير.
ووفقًا للوكالة الدولية للطاقة الذرية، لا يوجد بلد آخر لديه هذا النوع من اليورانيوم الذي تمتلكه إيران حاليًا. دون أن يكون لديه أيضًا برنامج للأسلحة النووية.
ما أثار الشكوك حول عدم شفافية إيران التامة بشأن نواياها النووية. في حين استخدمت طهران مخزونها من اليورانيوم الصالح للاستخدام في صنع الأسلحة كورقة مساومة بمحادثاتها مع الولايات المتحدة. مؤكدةً مرارًا أنها ستتخلص منه إذا تم رفع العقوبات التي تقودها الولايات المتحدة.
متى بدأ البرامج النووي الإيراني؟
إذن، ما هو دور اليورانيوم تحديدًا في السلاح النووي، وما مدى بعد إيران عن تسليح برنامجها؟
أطلقت الولايات المتحدة برنامجًا نوويًا مع إيران عام 1957. في ذلك الوقت، كان الشاه حاكم إيران، وهو ملك صديق للغرب، يحكم البلاد، وكانت الدولتان لا تزالان صديقتين.
بدعم من الولايات المتحدة، بدأت إيران تطوير برنامجها النووي في سبعينيات القرن الماضي. لكن واشطن سحبت دعمها بعد الإطاحة بالشاه خلال الثورة عام 1979م.
منذ الثورة التي حولت إيران إلى جمهورية إسلامية. أبدت الدول الغربية قلقها من أن البلاد قد تستخدم برنامجها النووي لإنتاج أسلحة ذرية باستخدام اليورانيوم عالي التخصيب.
بينما أكدت إيران أنها لا تسعى إلى صنع أسلحة نووية. وهي طرف في معاهدة الأمم المتحدة لمنع انتشار الأسلحة النووية، والتي تعهدت بموجبها بعدم تطوير قنبلة نووية.
إن جوهر الجدل الدائر حول البرنامج النووي الإيراني يكمن في تخصيب اليورانيوم. وهي العملية المستخدمة لإنتاج الوقود لمحطات الطاقة. والتي يمكن استخدامها أيضًا في صنع قنبلة نووية على مستويات أعلى.
في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، أعلن مفتشون دوليون عثورهم على آثار يورانيوم عالي التخصيب في منشأة إيرانية في “نطنز”.
أوقفت إيران التخصيب مؤقتًا، لكنها استأنفته عام 2006، مصرةً على أنه مسموح به بموجب اتفاقها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، التابعة للأمم المتحدة. ما أدى ذلك إلى فرض سنوات من العقوبات الدولية على إيران.
بعد سنوات من المفاوضات. توصلت إيران والقوى العالمية الست عام 2015، إلى اتفاق نووي يحد من التهديد النووي الإيراني، مقابل تخفيف العقوبات. وقد فرض الاتفاق على إيران:
- إبقاء مستويات تخصيب اليورانيوم عند ما لا يزيد على 3.67%، انخفاضًا من نحو 20%.
- تقليص مخزونها من اليورانيوم بشكل كبير.
- التخلص تدريجيًا من أجهزة الطرد المركزي.
لا يعد اليورانيوم صالحًا للاستخدام في صنع القنابل إلا بعد تخصيبه إلى بنسبة نقاء 90%. في حين تستخدم محطات الطاقة النووية التي تولد الكهرباء يورانيوم مخصبًا بنسبة تتراوح بين 3.5% و5%.
هل تمتلك إيران أسلحة نووية؟
يرى مراقبون أن ليس من الواضح مدى قرب إيران من بناء قنبلة نووية، إن نجحت في ذلك أصلًا، لكنها أحرزت تقدمًا ملحوظًا في إنتاج مكونها الرئيس، وهي اليورانيوم عالي التخصيب.
علاوة على أنه في السنوات الأخيرة، قلصت إيران بشكل كبير الوقت اللازم للوصول إلى مستويات صالحة للاستخدام في صنع الأسلحة. إذ لا يتطلب إنتاج ما يكفي من اليورانيوم لصنع قنبلة واحدة سوى أسبوع واحد تقريبًا.
في عام 2018، انسحب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، من الاتفاق النووي الإيراني وفرض عقوبات جديدة على النظام بهدف شل اقتصاده.
بدورها، قالت طهران إنها ستتوقف عن الالتزام بأجزاء من الاتفاق. وبدأت في:
- زيادة تخصيب اليورانيوم ومخزونات اليورانيوم.
- استخدام أجهزة الطرد المركزي المتقدمة.
كما أزالت الوكالة جميع المعدات التي تم تركيبها في السابق لأغراض المراقبة والرصد. ثم أطلقت إدارة “بايدن” ما يزيد على عام من المفاوضات غير المباشرة مع إيران بهدف إحياء الاتفاق، لكن تلك المفاوضات انهارت عام 2022.
الاتفاق النووي الإيراني
عام 2023، أعلنت الوكالة الدولية للطاقة الذرية، العثور على جزيئات يورانيوم مخصبة بنسبة نقاء 83.7%، وهي نسبة قريبة من مستويات صنع القنابل. وذلك في منشأة نووية إيرانية.
كما ارتفع مخزونها من اليورانيوم المخصب بنسبة 60% إلى 128.3 كيلوغرامًا، وهو أعلى مستوى موثق آنذاك.
وفي العام الماضي، قامت الولايات المتحدة بتقصير ما يسمى بـ”وقت الانطلاق” لإيران. وهو مقدار الوقت اللازم لإنتاج ما يكفي من المواد الانشطارية لصنع سلاح نووي “إلى أسبوع أو أسبوعين”.
صنع القنبلة النووية الإيرانية
بينما أفاد تقرير للوكالة الدولية للطاقة الذرية، أُرسل إلى الدول الأعضاء أواخر الشهر الماضي، بأن مخزون إيران من اليورانيوم المخصب بنسبة نقاء 60% قد ارتفع الآن إلى 408 كيلوجرامات. وهذا يكفي، إذا ما خُصب أكثر، لصنع تسعة أسلحة نووية، وفقًا لمعيار الوكالة.
لطالما اتهمت الوكالة الدولية للطاقة الذرية إيران بانتهاك التزاماتها المتعلقة بمنع الانتشار النووي. ولكن يوم الخميس – ولأول مرة منذ ما يقرب من عشرين عامًا – أصدر مجلس محافظيها قرارًا يعلن رسميًا انتهاك إيران لتلك الالتزامات. ووعدت إيران بالرد بتصعيد أنشطتها النووية. وفق CNN.
يشار إلى أن المجمع النووي. الواقع على بعد حوالي 250 كيلومترًا جنوب العاصمة طهران، هو أكبر منشأة لتخصيب اليورانيوم في إيران. كما يقول محللون إن الموقع يتم استخدامه لتطوير وتجميع أجهزة الطرد المركزي لتخصيب اليورانيوم، وهي تقنية أساسية لتحويل اليورانيوم إلى وقود نووي.