الهوية الرقمية باتت ضرورة في ظل التطور الهائل والمتلاحق لتقنيات الذكاء الاصطناعي، خاصة التوليدي. حتى أصبح من الصعب التفريق بين الإنسان والروبوتات العاملة بالذكاء الاصطناعي مثل روبوت “captcha”.
التحقق من الهوية الرقمية
فقد باتت هذه الروبوتات قادرة على إنتاج محتوى من الصعب جدًا التفريق بينه وبين المحتوى الذي ينتجه البشر. ولم ينوقف الأمر على كتابة النصوص، وتعديل الصور. بل أصبحت هناك محاكاة تامة لسلوكيات الإنسان بشكل يصعب التفريق بين الآلة والبشر.
وللأسف هناك جهات تستغل تقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدي في أعمال غير مشروعة. مثل توليد محتوى مزيف يهدف لنشر الشائعات والأكاذيب التي تتلاعب بالرأي بهدف إحداث فوضى.
وعلى سيبل المثال، كان النجم العالمي الفرنسي الراحل “آلان ديلون” آخر ضحايا التزييف العميق. فقد استخدم محتالون صوت وصورة النجم الفرنسي الذي وافته المنية في يوم 18 أغسطس الماضي، للترويج لـ “كازينو” إلكتروني. ووفق وكالة “فرانس برس” فإن الفيديو المزيف لعملية الاحتيال حظي بحوالي مليوني مشاهدة.
نظام إثبات الهوية “PHC”
في هذا السياق، تقدم باحثون في معهد “ماساتشوستس للتكنولوجيا بجامعة بمدينة كامبريدج”. وعدة جامعات. بالإضافة إلى شركات تعمل في مجال الذكاء الاصطناعي مثل OpenAI، وهي شركة ناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي التوليدي. بالإضافة إلى عملاق التكنولوجيا مايكروسوفت التي تستثمر في شركة OpenAI. بورقة بحثية جديدة حول تطوير نظام لإثبات الهوية. يمكن من خلاله التفريق بين الروبوتات والإنسان يعرف بـ”وثيقة إثبات الهوية البشرية”.
يهدف نظام PersonHood Credential، المعروف اختصارًا بـ”PHC”، وفق العربية نت، للتحقق من هوية مستخدمي الخدمات الرقمية. والتأكد من كونهم بشرًا وليس روبوتات.
على أن يكون التحقق من هوية المستخدمين بإصدار وثيقة هوية رقمية من الحكومات أو الشركات، تكون هذه الهوية لكل مستخدم.
وتعتمد وثيقة الهوية الرقمية على تقنية التشفير التي يطلق عليها “إثبات المعرفة الصفرية” أو Zero Knowledge Proof. التي تسمح بالتحقق من هوية المستخدم من دون أن تكشف عن أي معلومات شخصية عنه.
على أن يقوم كل مستخدم بحفظها على جهاز الشخصي. لتوفر لها ميزة إضافية من الحماية والخصوصية. وبذلك، بالإضافة إلى أنه يمكن أن تحل هذه الهوية التقنية محل الهويات التقليدية للتحقق من الهوية. كبصمات الأصابع مثلًا.
نظام World ID والهوية الرقمية
وهناك شركات أخرى مثل شركة “Worldcoin” تسعى إلى تطوير نظام أطلقت عليه “World ID” للتحقق من هوية المستخدم عبر تقنية مسح قزحية العين. وتهدف الشركة من خلال هذا النظام إلى :
- وصول المستخدمين لخدمات رقمية مختلفة.
- ضمان عدم وصول روبوتات الذكاء الاصطناعي لهذه الخدمات واستغلالها.
كما أشار العديد من الخبراء إلى أن التحقق من الهوية الرقمية ليس حلًا شاملًا لمشكلة التمييز بين البشر والآلات.
بل يعد جزءًا من الحل الشامل لهذه المشكلة التكنولوجيا. لأنه حتى لو تمكنت تقنية ما من التمييز بين البشر والآلات بكل دقة. فهذا لن يمنع الروبوتات من التأثير على البشر بطرق مختلفة، مثل نشر معلومات مضللة للتلاعب بالرأي العام.
التزييف Deep Fake
ويقول الدكتور محمد فرج. أستاذ مساعد الفيزياء كلية العلوم جامعة الأزهر. إن العلماء، في مجموعة علوم المستقبل بمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، حددوا 700 خطر للذكاء الاصطناعي على البشر، من أهمها التزييف Deep Fake.
وهو أحد أشد مخاطر الذكاء الاصطناعي التوليدي على البشر. خاصة مع التطور الكبير الذي تسهده تقنيات استنساخ الصوت، وإنتاج الفيديوهات. مشيرًا إلى أنها متاحة بأسعار في متناول الجمهور. لتمكن مستخدميها من تزييف المحتوى.
وأكد في أنه يمكن لتقنيات الذكاء الاصطناعي نشر معلومات مضللة بكل سهولة وسلاسة. لأن هذه التقنيات باتت احترافية أكثر ما بجعلها أكثر إقناعًا.
ويشهد العالم زيادة كبيرة في مخططات الاحتيال التي تستخدم الصور ومقاطع الفيديو والاتصالات الصوتية المنشأة باستخدام الذكاء الاصطناعي. وهي تصل في أحيان كثيرة إلى استنساخ صوت المستخدم، والتحدث إلى أحد أفراد أسرته. بشكل يصعب اكتشافه.
وأكد أن هذه التقنيات استخدمت في العمليات السياسية، فعلى سبيل المثال، أدى الذكاء الاصطناعي دورًا مهمًا في الانتخابات البرلمانية الفرنسية الأخيرة.
هل أيدت تايلور سويفت ترامب؟
كما أن الرئيس الأمريكي السايق دونالد ترامب، المرشح الجمهوري في الانتخابات الأمريكية المقرر إجراؤها في شهر نوفمبر المقبل. استخدم صورًا أنشئت بواسطة الذكاء الاصطناعي تشير إلى أن النجمة العالمية تايلور سويفت تؤيده.
رغم أنها لم تعلن دعمها لأي مرشح في سباق الرئاسة الأمريكي 2024. وإن كانت قد أعلنت دعمها سابقًا للرئيس الأمريكي الحالي جو بايدن. بينما انتقدت ترامب خلال فترة رئاسته السابقة.
ويرى الدكتور محمد فرج أنه إذا أصبح الذكاء الاصطناعي واعيًا، فإنه قد يسئ معاملة البشر. حيث هناك احتمال أن تتمكن روبوتات الذكاء الاصطناعي من الشعور مثل البشر.
ويقول الخبراء إنه يمكن لشركات التكنولوجيا العاملة في مجال الذكاء الاصطناعي. أن تعمل على حل هذه المشاكل التي تواجه البشرية بوضع علامة مائية على المحتوى المنتج بواسطة الذكاء الاصطناعي. للتمييز بين الروبوتات والبشر.