الطاقة المتجددة.. سباق عالمي جديد إلى باطن الأرض

كوكب الارض

يمثل توفير الطاقة الطاقة المتجددة اللازمة للنشاطات البشرية وارتباطه بالتلوث الناتج عن استخراج تلك الطاقة، مشكلة عالمية مزمنة، تسعى الدول إلى إيجاد حلول لها.

فبينما تعد الطاقة المتجددة حلًا جذريًا لمعظم تلك المشكلات، تفتقر إلى التكنولوجيا التي تجعلها منافسًا قويًا للوقود الأحفوري.

ويستثمر عدد من دول العالم جهودًا كبيرة لتطوير تكنولوجيات الطاقات المتجددة مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح وغيرها، للتغلب على مشكلات كثافة الطاقة المنتجة، وعملية نقلها، وآليات تخزينها.

 

حقل خلايا شمسية

الطاقة المتجددة حول العالم

يشمل مفهوم الطاقات المتجددة، مصادر الطاقة التي يمكنها التجدد ولا تنضب. ومن أهم تلك المصادر: أشعة الشمس وموجات البحار والمحيطات وطاقة الرياح وغيرها.

وتمتاز هذه المصادر بالتجدد والوفرة في الطبيعة والحفاظ على البيئة؛ حيث لا تصدر أي انبعاثات كربون وتحافظ على البيئة.

وعلى الرغم من الميزات المتعددة لتلك المصادر، فإن إسهاماتها في إنتاج الطاقة قليلة نسبيًا حول العالم.

تلك الطاقات وإن كانت متوفرة حول العالم، غير متاحة على مدار الساعة كأشعة الشمس. ويمكن أيضًا أن تتوفر في مناطق دون غيرها كطاقة الرياح مثلًا. كما تمثل طرق تخزين تلك الطاقات ونقلها مشكلة تقنية تسعى أطراف عدة لحلها.

 

أكبر مزرعة رياح بحرية في العالم تبدأ الإنتاج لأول مرة
مزرعة رياح بحرية

 

طبقات الأرض

تتكون الأرض التي نعيش عليها من عدة طبقات رئيسة تختلف فيما بينها في الخصائص ويمكن تقسيمها إلى:

– القشرة الأرضية: هي الطبقة الخارجية للأرض، رقيقة مقارنةً بالطبقات الأخرى. وتتكون هذه الطبقة من الصخور الصلبة ويختلف سمكها من مكان لآخر. على اليابسة يمكن أن يصل سمك القشرة من  30 إلى 50 كيلو مترًا تقريبًا. بينما تحت المحيطات يكون السمك أقل ويصل إلى حوالي 5 إلى 10 كيلو مترات.

– الوشاح: يقع الوشاح مباشرة، تحت القشرة الأرضية، وهو أكبر طبقة في الأرض من حيث الحجم.  وقد يصل سمكه إلى  2,900 كيلو متر. ويتكون  الوشاح من جزئين هما: الوشاح العلوي. الذي يشمل الطبقات الأكثر قربًا من القشرة، والوشاح السفلي، الذي يمتد حتى حدود اللب.

طبقات الأرض

اللب الخارجي: يقع تحت الوشاح وهو عبارة عن طبقة سائلة مكونة أساسًا من الحديد والنيكل. ويصل سمك اللب الخارجي إلى حوالي 2,200 كيلو متر. درجة حرارته مرتفعة جدًا (تتراوح من 4 آلاف إلى 6 آلاف درجة مئوية).  وحركة هذه الطبقة المسؤولة عن توليد المجال المغناطيسي للأرض.

– اللب الداخلي: وهو  أعمق طبقة من طبقات الأرض ويتكون من الحديد والنيكل في شكل صلب ويقدر سمكه بحوالي 1,200 كيلو متر.  وعلى الرغم من ارتفاع درجة حرارته التي قد تصل إلى 7 آلاف درجة مئوية، يؤدي الضغط العالي المطبق عليه بسبب الطبقات العليا إلى صلابته.

الطاقة المتجددة من باطن الأرض

تتمتع طبقات الأرض تحت أقدامنا بدرجات حرارة مرتفعة، يمكن استخدامها في توليد غير محدود من الطاقة تقريبًا. حيث يمكن تحويل الطاقة الحرارية لباطن الأرض إلى طاقة كهربية مباشرة من خلال التوربينات.

ويمثل تحويل الطاقة الحرارية إلى طاقة كهربية المصدر الأصلي للكهرباء على سطح الكوكب في كل المحاطات العاملة بالوقود الأحفوري أو الطاقة النووية.

ويمكن للأرض أن تمد المحطات بالطاقة الحرارية مباشرة دون استخدام الوقود الأحفوري أو الوقود النووي. ولكن الصعوبة تكمن في الوصول إلى الأعماق التي يمكن للطاقة الحرارية أن تكون كافية لتوليد الكهرباء.

فبينما تتمتع بعض المناطق حول العالم بتدفق الطاقة حرفيًا إلى السطح؛ يجب في مناطق أخرى الحفر إلى أعماق أكبر للحصول على الطاقة بهذه الطريقة.

ويمكن استخدام تلك الطاقة، كما هو الحال في أيسلندا على سبيل المثال. حيث تحتوي أيسلندا على أكثر من 200 بركان وعشرات الينابيع الساخنة الطبيعية، الناتجة من توليد بخار للماء بتسخين الماء بواسطة الحرارة الأرضية في طبقات الأرض.

حرارة الأرض للتدفئة وتوليد الطاقة

تمكنت أيسلندا من تدفئة  85% من منازلها بالطاقة الحرارية الأرضية، وتوليد  25% من احتياجها للكهرباء من محطات توليد الطاقة التي تستغل الحرارة من باطن الأرض.

ولا يتوقف الأمر عند أيسلندا فقط؛ حيث إن الطاقة الحرارية الأرضية تعد مصدرًا لا ينضب من الطاقة الخضراء في مختلف أنحاء الكوكب.

وتتميز تلك الطاقة بأنها  “متوفرة على الدوام”، على النقيض من طاقة الرياح أو الطاقة الشمسية؛ لأن الحرارة تنبعث باستمرار سواءً من نواة الأرض المنصهرة أو تحلل العناصر المشعة الطبيعية في قشرة كوكبنا.

والواقع أن الأرض تبعث كميات هائلة من الطاقة الحرارية المفقودة كل عام إلى الفضاء تكفي لتلبية إجمالي احتياجات العالم من الطاقة مرات عديدة. ولكن التحدي هو الاستفادة من تلك الطاقة.

تحديات صعبة

عند الحفر في باطن الأرض، يمكن تسجيل ارتفاع لدرجة الحرارة بمعدل 25 إلى 30 درجة مئوية في المتوسط. وذلك مع كل زيادة في العمق مقدارها كيلو متر واحد. فعلي سبيل المثال، تبلغ درجة الحرارة تحت سطح الأرض في المملكة المتحدة، عند عمق 5 كيلو مترات، نحو 140 درجة مئوية. وفقًا لهيئة المسح الجيولوجي البريطانية.

ولكن إذا حفرنا إلى عمق كافٍ، فمن الممكن أن نصل إلى نقطة. تتجاوز فيها درجات حرارة الماء 374 درجة مئوية عند ضغوط أعلى من 220 بارًا، أي 220 ضعف الضغط الجوي عند سطح البحر.

وهنا يدخل الماء في حالة تُعرف باسم فوق الحرجة supercritical؛ حيث يوجد في شكل ليس سائلًا ولا غازًا. وكلما زادت سخونته وضغطه، زادت الطاقة التي يحتوي عليها.

حفار

 

في الواقع، يمكن لبئر حراري أرضي فائق السخونة. أن ينتج ما بين خمسة إلى عشرة أضعاف الطاقة التي تنتجها الآبار الحرارية الأرضية التجارية اليوم. وذلك وفقًا للمختبر الوطني البريطاني للطاقة المتجددة.

ولكن هناك عقبة رئيسة تتمثل في أن مثاقب الحفارات لا يمكنها العمل عند درجات الحرارة تلك. بالإضافة إلى أن تلك المثاقب حتى تلك المزودة برؤوس من الماس، ليست ملائمة بما يكفي للحفر إلى الأعماق الكبيرة.

ففي تلك الأعماق السحيقة ودرجات الحرارة الشديدة والضغوط الهائلة، قد تفشل مكونات الحفر. كما يمثل انسداد انابيب الحفر مشكلة مستعصية ومتكررة.

 

الرابط المختصر :