يمكن لخاصية “لايك” على مواقع التواصل الاجتماعي أن تعمل على تزويد نماذج الذكاء الاصطناعي ببيانات قيمة حول السلوك البشري. ولكن مع ازدياد قدرات الذكاء الاصطناعي، هل سيتمكن من معرفة تفضيلات المستخدمين قبل أن يعرفوها هم؟
الذكاء الاصطناعي ومنصات التواصل
يرى ماكس ليفشين، المؤسس المشارك لـ “باي بال” والرئيس التنفيذي لشركة أفيرم، أن بيانات الإعجاب على وسائل التواصل تلعب دورًا جديدًا وقيّمًا للغاية في تدريب الذكاء الاصطناعي. على التوصل إلى استنتاجات أكثر توافقًا مع تلك التي يتخذها الإنسان.
مشيرًا إلى إنه من المعروف في التعلم الآلي أن الكمبيوتر الذي تم تزويده بالحصول على مكافأة واضحة سينخرط في التعلم المستمر لتحسين أدائه وتعظيم هذه المكافأة. ولكن مسار التحسين هذا غالبًا ما يقود أنظمة الـ AI إلى نتائج مختلفة تمامًا عن تلك التي قد تنتج عن ممارسة البشر.
حث يستخدم مطورو الذكاء الاصطناعي بشكل متكرر ما يُسمى “التعلم التعزيزي”، وهم ببساطة، يوضعون إبهامًا بشريًا على خيارات الإعجاب على منصات التواصل. بينما يصل الكمبيوتر إلى نموذجة هذا من خلال تدريبه على بيانات تعكس تفضيلات الأشخاص الفعلية.
ولكن من أين تأتي بيانات التفضيلات البشرية هذه، وما هو القدر اللازم منها لتكون المدخلات صحيحة؟
يعتقد “ليفشين” أن زر الإعجاب يمكنه القيام بذلك. ويرى أن الموارد المتراكمة التي يمتلكها فيسبوك اليوم بمثابة هبة من السماء لأي مطور يرغب في تدريب عميل ذكي على بيانات تفضيلاتك.
وعن ما مدى أهمية ذلك؟ يقول:
“أرى أن أحد أهم الأشياء التي يمتلكها فيسبوك هو ذلك الكم الهائل من بيانات الإعجاب. وفي الواقع، في هذه المرحلة الحرجة من تطور الذكاء الاصطناعي. إذ إن الوصول إلى المحتوى الذي يُعجب به البشر، لاستخدامه في تدريب نماذج الذكاء الاصطناعي، أحد أهم الأشياء على الإطلاق على الإنترنت.
بينما يتصور ليفشين أن الذكاء الاصطناعي يتعلم من تفضيلات البشر عبر زر الإعجاب، إلا أن الذكاء الاصطناعي يُغير بالفعل طريقة تشكيل هذه التفضيلات.
في الواقع. من خلال استخدام منصات التواصل الاجتماعي الذكاء الاصطناعي بنشاط ليس فقط لتحليل الإعجابات. بل للتنبؤ بها أيضًا. مما قد يجعل هناك عدم حاجة إلى زر “لايك” نفسه.
الـ Reels والذكاء الاصطناعي
قد سمعنا بالفعل أن الذكاء الاصطناعي يُستخدم لتحسين خوارزميات وسائل التواصل الاجتماعي. ففي أوائل عام 2024، على سبيل المثال، جربت فيسبوك استخدام الـ AI لإعادة تصميم الخوارزمية التي توصي بمقاطع فيديو Reels للمستخدمين.
ولكن هل يمكنها التوصل إلى ترجيح أفضل للمتغيرات للتنبؤ بالفيديو الذي يفضل المستخدم مشاهدته في المستقبل؟
أظهرت نتيجة هذا الاختبار المبكر إمكانية ذلك،: فقد أثمر تطبيق الـ AI على المهمة في زيادة أوقات المشاهدة. وهو مقياس الأداء الذي كانت فيسبوك تأمل في تعزيزه.
عندما سئل “ستيف تشين”، الشريك المؤسس ليوتيوب، عن مستقبل زر الإعجاب، قال:
“أتساءل أحيانًا عما إذا كان زر الإعجاب سيظل ضروريًا عندما يصبح الـ AI متطورًا بما يكفي لإخبار الخوارزمية بدقة تامة بما تريد مشاهدته في المستقبل. وذلك بناء على أفكارك”.
ومع ذلك، أشار إلى أن أحد أسباب الحاجة الدائمة لزر الإعجاب هو التعامل مع التغيرات المفاجئة. أو المؤقتة في احتياجات المشاهدة نتيجةً لأحداث أو مواقف حياتية.
التزييف العميق
إذا كان الـ AI قادرًا على تحسين محتوى الترفيه بمهارة، فيمكن أيضًا استغلاله لأغراض أكثر تضليلًا. فالتقنية نفسها القادرة على تعديل نغمة موسيقية قادرة على استنساخ صوت بسهولة فيما يعرف بـ “التزييف العميق” مما يؤدي إلى عواقب وخيمة.
فقد يكون هاك محتال يحاول خداع شخص لدفع فدية أو محاولة إجراء معاملة مالية باسمه. في يناير 2024، كانت حادثة مكالمات آلية انتحلت فيها صوت الرئيس جو بايدن.
مع تفاعل المؤثرين والروبوتات المدعومة بالذكاء الاصطناعي بسرعة غير مسبوقة، قد يتغير جوهر التفاعل عبر الإنترنت. إذا لم تعد الإعجابات تأتي من أشخاص حقيقيين. ولم يعد المحتوى من صنعهم، فماذا يعني ذلك في المستقبل؟
فيلم Her
وفق تقرير موقع wired، فإن هذا يعني أن سيناريو فيلم Her لعام 2013، قد أصبح الآن واقعًا فيمكن شراء اشتراك يتيح لك الدردشة مع “صديقة” افتراضية على الشاشة كما يحلو لك.
CarynAI هو استنساخ للـ AI لمؤثرة عبر الإنترنت في الحياة الواقعية، إنه “كارين مارغوري”، التي اكتسبت بالفعل أكثر من مليون متابع على Snapchat عندما قررت التعاون مع شركة ذكاء اصطناعي وتطوير روبوت محادثة.
بالإضافة إلى أولئك الذين يرغبون في الانخراط في محادثة فردية مع “كارين” الافتراضية يدفعون دولارًا واحدًا للدقيقة. ويتم إنشاء محادثة روبوت المحادثة بواسطة برنامج GPT-4 من OpenAI . كما تم تدريبه على أرشيف للمحتوى الذي نشرته “مارغوري” سابقًا على YouTube.
وعلى هذا لك أن نتخيل سيناريو أن نسبة كبيرة من ” اللايكات” قد لا تكون لأشخاص حقيقيون. ليواجه البشر عالمًا رقميًا يجتاحه مبدعون ومستهلكون مُصطنعون يتفاعلون بسرعة البرق مع بعضهم البعض بعدما يتوصلون لأفكارك.