“الدفاع” مشكلة “بوينج” القادمة

الدفاع هو مشكلة "بوينج" القادمة
الدفاع هو مشكلة "بوينج" القادمة
المحتوي

عقب الأزمة التي شهدتها شركة “بوينج” الأمريكية المتعلقة بطرازها 737 ماكس، أصبح من الصعب نسيان أن “بوينج” هي مجرد شركة لصناعة طائرات الركاب النفاثة، فصواريخها البالستية عابرة القارات “مينيوتمان”، التي أطلق عليها الرئيس الأمريكي السابق “جون إف كينيدي”؛ أثناء أزمة الصواريخ الكوبية، لقب “الآس في الحفرة” في إشارة منه أنها بمثابة الرقم واحد في أوراق اللعب، لم تعد جزءًا من التاريخ الأمريكي في القرن العشرين، كما أن قاذفة القنابل B-52 التي أسقطتها الولايات المتحدة على فيتنام وأُطلق عليها لقب (الكبيرة القبيحة) ما زالت من القطع العسكرية التي يتم استخدامها حتى يومنا الحالي.

وتسعى “بوينج”، التي سبق وساهمت أيضًا في وضع الأمريكيين على سطح القمر، جاهدة في الوقت الراهن لنقلهم إلى هناك مجددًا، ولكن حالة الفوضى العارمة التي تجتاح قسم الطيران التجاري الضخم بالشركة؛ دفعها لتوجيه وتخصيص جزء من أرباحها لفرع الشركة المعني بأعمال الدفاع والأمن والفضاء والمعروف باسم ” bds”، وألقى عبء تنفيذ تلك المهمة على عاتقه، إلا أنه وعلى ما يبدو أن هذا الفرع التابع للشركة صار هو الآخر في حالة مزرية نتيجة إهماله وتهميشه لفترات طويلة من الوقت.

جدير بالذكر، أن معظم المقاولين العسكريين في الولايات المتحدة -باستثناء “بوينج”- شهدوا مؤخرًا حالة من الازدهار نتيجة زيادة ميزانية الدفاع عقب تولي “دونالد ترامب” منصب الرئاسة في عام 2017، فعلى سبيل المثال، ارتفعت إيرادات شركة “لوكهيد مارتن” (Lockheed Martin)، و”نورثروب غرومان” (Northrop Grumman)، و”رايثيون” (Raytheon) لأكثر من 10% في المتوسط، وهو ما أدى لارتفاع أسهمها ارتفاعًا ملحوظًا مقارنة بنفس الفترة عن العام الماضي، ويرجع السبب في ذلك بصورة كبيرة إلى عقود المقاتلات النفاثة والصواريخ التي أبرمتها تلك الشركات خلال العام الجاري.

لا شك في أن “ديفيد كالهون” (David Calhoun)؛ رئيس شركة “بوينج” الجديد، يواجه مأزقًا استراتيجيًا، فعلى الرغم من قيام شركته بتخصيص وتوجيه بعض عائدتها نسبيًا إلى شركة “بي دي إس” التي لم يكن لها صلة من قريب أو بعيد بأزمة طراز الشركة “ماكس”، إلا أن الفشل الذريع الذي شهدته “بوينج” مؤخرًا بعد عدم تمكنها من إرساء مركبة فضائية من طراز “ستارلايتر” في محطة الفضاء الدولية، وكذلك نهاية مبيعاتها لطراز طائرات النقل C-17، طال شركة “بي دي إس” وأثر فيها سلبًا، وأشار “كين هيربرت”؛ أحد المحللين بشركة Canaccord Genuity المالية، إلى أنه على الرغم من المشاكل العميقة الموجودة في “بي دي إس”، إلا أنها يمكن أن تؤثر بصورة كبيرة في ربحية “بوينج” وسمعتها حتى بعد تجاوزها تلك الأزمة التي لفتت انتباه الجميع.

ولطالما أعلنت “بوينج” عن مزايا تشغيل شركة “بي دي إس” التابعة لها والمعنية بأعمال الدفاع والفضاء إلى جانب أعمالها في قطاع الطائرات التجارية، وبالرغم من أن الجانب التجاري هو الأكبر، إلا أن ثقل الشركتين يتقلب نسبيًا في أوقات الشدة. فعلى سبيل المثال، انخفضت حصة قسم الطيران التجاري، الذراع التجارية “لبوينج” في العام الماضي، من إيرادات المجموعة من 57% إلى 42%، ما جعلها تتكبد خسائر فادحة، بينما حققت شركة “bds” أرباحًا جيدة خلال نفس الفترة حيث قفزت حصتها من 26% إلى 34%، وهو ما يفسر كيف يمكن للهيكل أن يساهم في تحقيق الأرباح، كما أشارت “بوينج” إلى أن شركة “بي دي إس” سبق وأظهرت نجاحًا باهرًا في عام 2018 من خلال فوزها بعقود دفاعية متنازع عليها يمكن أن تكون مربحة للغاية، مثل برنامج لتزويد طائرات تابعة للقوات الجوية، والتزود بالوقود بالطائرات البحرية.

علاوة على ذلك، فإن الطائرة النفاثة المقاتلة من طرازF-15 التي يبلغ عمرها 50عامًا تقريبًا، والتي تعد إحدى الأوراق الرابحة للشركة، مُنحت حياة جديدة وفقًا لما صرح به سلاح الجو في أواخر الشهر الماضي عقب عزمه شراء أول طائرة من طراز f-15ex الجديدة من شركة “بوينج”.

وعلى الرغم من أن تلك الروايات تحجب العديد من المشاكل التي سبق وتم التغاضي عن بعضها منذ فترة طويلة حينما ازدهرت الأعمال التجارية للشركة للعديد من الأسباب؛ ومنها أولًا: أن إيرادات “bds” بلغت في العام الماضي أقل من نصف عائدات شركة لوكهيد، وأصغر قليلًا من إيرادات شركة نورثروب، ورايثيون؛ نتيجة إنفاقها الرأسمالي الذي بلغ سدس متوسط الثلاث شركات، فلم يكن لها أي دور في لعبة F-35 Joint Strike Fighter التي قادتها شركة لوكهيد، في قاذفة الشبح طويلة المدى من شركة نورثروب، ومن ثم فلم تستطع جني أي أرباح تذكر، كما أدى عدم التزام “بي دي إس” بالابتكار الجريء الناجم عن قرارات “بوينج” المشؤومة إلى إخفاقات مأساوية في تقنية الطراز “ماكس”؛ بسبب الضغوط التي واجهتها من أجل مواكبة شركة إيرباص أكبر منافسيها في نقل الركاب.

جدير بالذكر، أنه مرت عقودٍ على فوز “بوينج” بأكثر أنواع عقود البنتاغون أهمية لتصميم وبناء طائرة عسكرية جديدة من الصفر.

ثانيًا: من السيء تنفيذ المشاريع التي تفوز بها فهو خطر مالي متزايد، فالبنتاغون يقدم قيمة أقل من عقود “التكلفة الزائدة”، كما يدفع نسبة متفق عليها قد يتم استبدالها بنسبة ثابتة ومحددة للمقاولين من نفقات المشروع، ومن ثم يتحمل صانعو الأسلحة المزيد من المخاطر، فعلى سبيل المثال، بعد فوز “بوينج” بفترة وجيزة من عقود الطائرات بدون طيار في عام 2018، سجلت الشركة خسائر تقارب 700 مليون دولار، ما يشير إلى أنها قللت من تكاليف التطوير، كما تكبدت خسائر بأكثر من 3.7 مليار دولار بموجب عقد طال انتظاره، وربما تبلغ قيمته 44 مليار دولار، لتوفير ناقلات محمولة جوًا لتزويد الطائرات بالوقود، وانتقد سلاح الجو أداء “بوينج” في المشروع الذي استمر نحو تسع سنوات.

ثالثًا: تتطلب عقود الدفاع المتكتلة إنفاقًا كبيرًا مقدمًا مقابل أرباحًا كبيرة طويلة الأجل، في الوقت الذي تحرق فيه “بوينج” أقصى حد من التزاماتها النقدية، وهو ما ألحق بشركة “بي دي إس” العديد من المشاكل وتسبب في حدوث أزمة كبرى، ومن ثم تم تقييد قدراتها على تقديم عطاءات كبيرة في عقود الدفاع، فعلى سبيل المثال، انسحبت الشركة في العام الماضي من عقد بقيمة 62 مليار دولار على الأقل، وهو العقد الذي كان بمثابة الخبز والزبدة، ليحل محله عقد صواريخ من سلسلة “مينيوتمان”، وأكدت “بوينج” أن انسحابها لا علاقة له بأزمة “ماكس”، إلا أن المحللين تكهنوا بأن الالتزام النقدي المطلوب للفوز بالعقد ربما لعب دورًا في اتخاذ قراره.

بدون دفاع!

يقول “سيث سيفمان” (Seth Seifman)؛ من بنك “جيه بي مورجان تشيس”، أن “البنتاجون” العميل الرئيسي لشركة “بي دي إس” يشعر بالقلق من الخيارات المطروحة بتفككها عن شركة “بوينج”، ومن المتوقع أن يعترض على أي محاولات للقيام بذلك، كما تسعى “بوينج” جاهدة لتجنب الفشل وتأمل في لفت انتباه مستثمريها ومستقبل أعمال الدفاع من خلال تحليق طائرتها “ماكس” في السماء قريبًا، في ظل آمال مستثمري “بوينج” المتعلقة باستمرارية ارتفاع ميزانية الدفاع والفضاء إذا ما تم إعادة انتخاب “ترامب” مجددًا.

ومن المؤكد أن مشاكل “بوينج” تجلت للجميع؛ بما في ذلك “كالهون” الرئيس الجديد للشركة، وأصبحت “بوينج” تحتاج إلى إعادة التفكير في عمليات انتزاع صفقات الدفاع والفضاء الانتقائية، المقترنة بعمليات الاستحواذ المستهدفة، ويبدو أن لقب “الكبيرة القبيحة” الذي أُطلق على قاذفة القنابل B-52 أصبح ملائمًا أكثر عند إطلاقه على “بوينج” نفسها.


بعد قراءة الموضوع يمكنك معرفة المزيد عن الكلمات الآتية:


5G Apple ChatGPT Google iPhone أبل أمازون أمن المعلومات أندرويد إيلون ماسك الأمن السيبراني الإنترنت البيانات التخصصات المطلوبة التكنولوجيا الذكاء الاصطناعي الزراعة السيارات الكهربائية الصين الطاقة الفضاء المدن الذكية المملكة العربية السعودية الهواتف الذكية تويتر جوجل حساب المواطن رابط التقديم رابط التقديم للوظيفة سامسونج سدايا سيارة شركة أبل شركة جوجل عالم التكنولوجيا فيروس كورونا فيسبوك كورونا مايكروسوفت منصة أبشر ناسا هاتف هواوي واتساب وظائف شاغرة


الرابط المختصر :