أصبحت العملات الرقمية محط أنظار العالم، فهي من ناحية تحمل معها المستقبل الافتراضي، ومن ناحية أخرى، فإن التوقعات تشير إلى إمكانية استغلالها للاحتيال على الملايين من الناس حول العالم، والهروب بمبالغ ضخمة من الأموال.
وقد شهدت فترة التسعينيات من القرن الماضي، انتعاشًا كبيرًا فيما يخص مجال التكنولوجيا، والتقنيات الحديثة، الأمر الذي عزز من المحاولات المختلفة لإنشاء عملة رقمية تنافس في الأسواق، إلا أن كل المحاولات باءت بالفشل الذريع، لأسباب عدة منها الاحتكاك الصارم بين موظفي الشركات، ورؤسائهم، فضلاً عن النقطة الأساسية التي تخيف الجميع، وهي: “الاحتيال والمشاكل المالية”.
بات الاحتيال المالي شبحًا يخيف العالم من العملات الرقمية المختلفة؛ خاصة في العصر الحالي، عندما اشتهرت العديد منها بداية بـ “البيتكوين”، وصولاً إلى “الليبرا”؛ عملة عملاق مواقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، والتي يتوقع لها أن تمتلك الدور الأكبر في التحكٌم بحياة الناس، مثلما فعل الموقع الافتراضي.
واليوم، بعد التراجع الرهيب في قيمة العملات الرقمية، وتجلي فشل كل منها في تحقيق الوعود التي قدمتها للعملاء، أصبحت كلمة “رقمية” خطرًا على أي مشروع جديد.
وتستمر سلسلة الأنباء عن النصب والتحايل باستمرار، ما بين قرصنة عملية تبادل العملة، واختفاء أحد مصدري العملة عقب سرقة أموال العملاء، أو رحيل أحدهم بشكل غامض، ليتكشف العالم عدم وجود شركة للعملات الرقمية من الأساس.
ومؤخرًا، أصدرت هيئة الأمن الأمريكية قرارًا بإدانة امرأة، بعد أن احتالت على العملاء بمعدّل عشرات الآلاف من الدولارات، عن طريق إصدار عملات رقمية، بعد تأسيس متجر إلكتروني لبيع منتجات خاصة بالبالغين.
وحش الاحتيال
فتحت القضية الأمريكية، ملف الاحتيال تحت شعار العملات الرقمية في العالم، والذي تصدرته الدكتورة الاسكتلندية “روجا إغناتوفا”، والتي عُرفت بوحش الاحتيال عن طريق العملة الرقمية.
الدكتور روجا وراء عملة “وان كوين”، والتي أقنعت العديد من المستثمرين بدفع مبالغ طائلة وصلت إلى 4.9 مليار دولار، بما يُسمى بالرؤية الجديدة للأموال، في سلسلة من الفعاليات التي نظّمتها حول العالم عام 2016.
خاطبت الدكتورة روجا _ المعروفة بلقب الملكة الرقمية المفقودة _ العملاء المحتملين بما يمكنه أن تقدّمه “وان كوين”، وأنها في طريقها للاستحواذ على العملة الرقمية الأشهر “بيتكوين”، بل والقضاء على كل العملات الزائفة التي تسعى لتقلييد واقتباس فكرتها.
امتلك الدكتورة روجا مهارات الإقناع، واستطاعت أن تستحوذ على تفكير العالم، وسيطرت على استثمارات العديد من المشاهير من بينهم نجوم البرامج الإذاعية عبر الإنترنت. وصلت استثماراتها في الشركة التي مقرها في بلغاريا، حوالي 10 آلاف يورو، كما حرصت على إقناع عائلتها بالمساهمة بمبالغ وصلت إلى 250 ألف يورو.
نجحت روجا في نشر رسالتها حول العالم؛ حيث جمعت أفرادًا من 175 دولة للاستثمار في شركتها، خلال فترة قياسية بلغت 6 أشهر فقط خلال عام 2016؛ إذ بلغت الاستثمارات البريطانية حوالي 96 مليون جنيه استرليني، بينما ساهمت الصين بـ427 مليون يورو، فضلاً عن مشاركة كوريا الجنوبية، هونج كونج، وحتى ألمانيا، كما جمعت الدول الفقيرة التي حملت أحلامها على كفيها؛ فشهدت الشركة مساهمات من فيتنام، وأوغندا، وبنجلاديش؛ إلا أن الأحلام الوردية تبددت بغيوم الاحتيال، فقد اختفت صاحبة الشركة عام 2017، بدون أي أثر.
صدر حكمًا غيابيًا على الدكتورة روجا في الولايات المتحدة، بتهمة غسيل الأموال، بينما فجّرت وزارة العدل الحقيقة الكاملة أمام العالم قائلة: “إن عملة وان كوين ما هي إلا أحد الأشكال التقليدية للتحايل”.
جيرالد كوتين
لم تعد فكرة العملات الرقمية مخيفة بقدر ما حدث مع “جيرالد كوتين”؛ الشريك المؤسس لشركة “كوادريغا.سي.إكس” لتداول العملات الرقمية، والذي رحل في ظروف غامضة أثناء وجوده في الهند.
وربما يكون اللغز وراء عملته الرقمية قد رحل معه؛ حيث تقدّمت أكبر شركة لتداول العملات الرقمية في كندا بطلب للحماية من الدائنين بعد أن أصبحت عاجزة عن الوصول إلى أرصدة تقدر قيمتها بحوالي 145 مليون دولار أمريكي، بعد وفاة مؤسسها المفاجئة.
من جهتها، قالت جينفير روبرتسون؛ أرملة كوتين، إن “الكمبيوتر المحمول الذي كان جيرالد يدير منه أعمال الشركة مشفر، ولا نعرف كلمته للمرور”، مضيفةً أنها لا تستطيع الوصول إلى أرصدة بالشركة.
وحسب الأوراق التي قدمتها الشركة إلى المحكمة فإن موظفيها لا يستطيعون حاليًا الوصول إلى أرصدة عملات رقمية، تقدر بحوالي 190 مليون دولار كندي منذ وفاة كوتين.
وتبيّن أخيرًا، أن الأموال الرقمية، مخزنة في محفظة إلكترونية غير متصلة بالإنترنت، ولا يعرف معلومات الدخول إليها إلا كوتين فقط؛ وذلك بهدف حمايتها من القرصنة والسرقة الإلكترونية. وهكذا فقد تبخرت أموال العملاء ودُفنت مع مؤسسها، ولم يتمكن الخبراء من الوصول لمكان وجودها في الشبكة العنكبوتية.
عملة الليبرا
مع الأحداث الغريبة التي ضربت سوق العملات الرقمية، فإن الدول الكبرى قد قررت أن لا تُلدغ من الجحر مرتين، فتعهدت كل من فرنسا وألمانيا على منع عملة “الليبرا” التابعة لموقع فيسبوك، من التداول في أوروبا، الأمر الذي يعكس التشكيك التنظيمي، والسياسي العالمي الذي تواجهه تلك العملات.
وعلى جانب آخر، فقد تأجل إطلاق فيسبوك للعملة الرقمية؛ من أجل معالجة بواعث القلق التنظيمية المثارة في أنحاء العالم، بعد أن ينتظر طرحها في يونيو من العام المقبل.
ومازالت النقاشات مستمرة مع الجهات التنظيمية في أوروبا، وأماكن أخرى؛ لتهدئة المخاوف، بينما أكد برتراند بيريز؛ العضو المنتدب لاتحاد ليبرا، على ضرورة الامتثال لمتطلبات الجهات التنظيمية، حرصًا على ارتياحهم للمساهمة في العملة الجديدة.
ومن المقرر أن تكون الليبرا مدعومة باحتياطي أصول حقيقية، بما في ذلك ودائع مصرفية وأوراق مالية حكومية قصيرة الأجل، مع خضوعها لإشراف الاتحاد المؤلف من 28 عضوًا.
ويضم الاتحاد كلاً من فودافون وباي بال وماستركارد وفيزا، ويعتزم ضم أعضاء آخرين في المستقبل القريب بما في ذلك بنوك عالمية.
وقال بيريز إن الكثير من هذه المعارضة العالمية يرجع إلى كلمة “الرقمية”، لكنه أصر على فكرة السلسلة المغلقة كأساس لمشروع “ليبرا”، كونها أقل عرضة للتحايل، وسريعة، وذات كفاءة، مشيرًا إلى أن “هذه التكنولوجيا ستكون مستقبل إرسال واستقبال النقود”.
بعد قراءة الموضوع يمكنك معرفة المزيد عن الكلمات الآتية:
5G Apple ChatGPT Google iPhone أبل أمازون أمن المعلومات أندرويد إيلون ماسك الأمن السيبراني الإنترنت البيانات التخصصات المطلوبة التكنولوجيا الذكاء الاصطناعي الزراعة السيارات الكهربائية الصين الطاقة الفضاء المدن الذكية المملكة العربية السعودية الهواتف الذكية تويتر جوجل حساب المواطن رابط التقديم رابط التقديم للوظيفة سامسونج سدايا سيارة شركة أبل شركة جوجل عالم التكنولوجيا فيروس كورونا فيسبوك كورونا مايكروسوفت منصة أبشر ناسا هاتف هواوي واتساب وظائف شاغرة
Leave a Reply