الإشعاع النووي حولك في كل مكان.. فكيف تقي نفسك؟

بدلات الوقاية من الاشعاع النووي

بقلم: د. غادة رشاد- أستاذ مساعد الكيمياء الإشعاعية – مصر

تعد الشمس هي المصدر الرئيسي للإشعاع، لاسيما الإشعاع النووي، على كوكب الأرض كالأشعة الفوق بنفسجية والأشعة تحت الحمراء والأشعة المرئية، وتلك الأشعة جميعها تسمى بالأشعة غير  المؤينة.

وهيأ الله سبحانه وتعالي الغلاف الجوي لامتصاص وتحييد هذه الأشعة. وما يصل الي الأرض في الظروف العادية يكون في مستوى لا يهدد الحياة على سطح الكوكب. وهناك بعض الإشعاعات الكونية منها الطبيعي وأخرى صنعها الإنسان، بعضها تكون ذات طاقة عالية، قادرة على تأين المواد والأجسام وتسبب أضرارًا جسيمة في الخلايا الحية.

الإشعاع في الحياة اليومية

تتنوع الإشعاعات الكونية المؤينة بين موجات كهرومغناطيسية عالية الطاقة مثل أشعة جاما والسينية، وبين جسيمات دون ذرية مثل النيوترونات وأشعة ألفا وبيتا. تنبعث هذه الجسيمات من تحلل نووي طبيعي لبعض العناصر المشعة وهو ما يعرف “بالنشاط الإشعاعي”.

النشاط الإشعاعي في البيئة

يشكل الإشعاع الطبيعي الناتج عن تحلل العناصر المشعة في باطن الأرض، مثل اليورانيوم والثوريوم. الجزء الأكبر من الإشعاع الذي يتعرض له الإنسان، حيث يمثل حوالي 79% من إجمالي الجرعة الإشعاعية. هذا الإشعاع منتشر في الصخور والتربة والماء والهواء. بينما تشكل الأنشطة الصناعية والطبية حوالي 20%. أما الأنشطة البشرية الأخرى. مثل الاختبارات النووية، فتساهم بنسبة 1% فقط في هذه الجرعة. وتتمثل تلك النسب في الظروف الطبيعية والبعيدة عن الحوادث والكوارث الإشعاعية.

التعرض للإشعاع المؤين

في ظل التطور التكنولوجي تستخدم المصادر المشعة في العديد من الأنشطة الحياتية اليومية. والتي أصبح لا غنى عنها في مختلف المجالات. كاستخدام بعض المصادر المشعة في الاستخدامات الطبية المختلفة كالتصوير وقياس وظائف الأيض وعلاج السرطان. وكذلك في الاستخدامات الصناعية كالتصوير الإشعاعي لأغراض فحص اللحام والأنابيب والمواد المصنَّعة الأخرى. ويستخدم أيضا في مقاييس الكثافة لمراقبة عمليات التصنيع. وفي مقاييس مستوى السوائل لقياس التدفق وفي أنظمة تحليل وقياس مكونات المنتجات المختلفة.

كما تستخدم تلك المصادر من الإشعاعات المؤينة في التطبيقات التجارية مثل أجهزة التعقيم لقتل البكتيريا ومسببات الأمراض.

وكذلك مقاييس كثافة التربة لإنشاء الطرق وأغراض مشاريع البناء. وأيضًا لاختبار سلامة الهياكل الميكانيكية ورسم خرائط مصادر المياه الجوفية ومحطات الطاقة النووية لتوليد الطاقة الكهربائية وكواشف الدخان.

طرق الحماية من الإشعاع النووي

تشكل جسيمات ألفا، وهي عبارة عن نواة ذرة الهيليوم المشحونة، خطرًا كبيرًا على صحة الإنسان عند استنشاقها أو بلعها. هذه الجسيمات، التي تطلقها عناصر مشعة ثقيلة مثل اليورانيوم والرادون، لا تستطيع اختراق الجلد بفضل حجمها الكبير. ومع ذلك، فإن دخولها إلى الجسم عبر الجهاز التنفسي أو الهضمي يجعلها تتسبب في أضرار جسيمة للأنسجة الحيوية.

وتتميز أشعة بيتا بقدرتها على اختراق المواد بشكل أعمق من أشعة ألفا. ما يجعلها قادرة على اختراق الجلد والوصول إلى الطبقات الداخلية. على الرغم من ذلك، يمكن حجبها بمواد بسيطة مثل الحديد أو الزجاج أو حتى الملابس. ومع ذلك، فإن التعرض الطويل لأشعة بيتا ذات الطاقة العالية يمكن أن يؤدي إلى حروق إشعاعية خطيرة.

بينما تتميز أشعة جاما بقدرتها الهائلة على الاختراق. نظرًا لكونها موجات كهرومغناطيسية ذات طاقة عالية. لذا، تتطلب مواد كثيفة مثل الرصاص أو الخرسانة لمنع امتصاصها. وبالمثل، فإن الأشعة السينية، وهي أيضًا نوع من الإشعاع الكهرومغناطيسي، تحتاج إلى حماية مماثلة بسبب طاقتها العالية.

متلازمة الإشعاع الحادة

ويمكن للإشعاع إذا تعدى هذا الحد أن يضعف وظائف الأنسجة أو الأعضاء يؤدي عادة إلى الغثيان. والقيء وفقدان شهية. وأيضًا يؤدي إلى آثار حادة مثل احمرار الجلد، أو فقدان الشعر، أو الحروق الإشعاعية، أو متلازمة الإشعاع الحادة.

ومن أشهر الحالات المرضية بمتلازمة الإشعاع الحادة؛ ما نتج عن عن إلقاء قنبلتين علي هيروشيما ونجازاكي اليابانية. وكارثة المفاعلات النووية في تشرنوبل.

أنواع أخرى من الإشعاع النووي

بينما لا تعد النيوترونات في حد ذاتها إشعاعًا مؤيَّنًا، ولكن في حال اصطدام النيوترون بنواة الذرة. يمكن أن تنشط أو أن تتسبب في إطلاق أشعة جاما أو جزيئات مشحونة. فتصبح لديها قدرة أكبر على النفاذ مقارنة بأشعة جاما، ويمكن إيقافها فقط باستخدام حواجز سميكة مثل الخرسانة أو المياه أو البرافين.

اقرأ أيضا: للمرة الأولى في العالم المفاعلات النووية للإيجار

ختامًا لا يوجد مانع من استخدام تلك المصادر المشعة. ولكن باستخدام الاحتياطات اللازمة للوقاية منها وأن يكون هناك مبررا لاستخدامها والتعرض لأقل جرعة ممكنة لإبقاء التعرض للإشعاع عند أدنى حد ممكن. وهو ما يسمي بمبدأ ALARA (as low as reasonably achievable). حيث إن التعرض للجرعات العالية من الإشعاعات المؤينة قد تؤدي إلى بعض الأضرار الصحية كإعتام عدسة العين (المياه البيضاء). والحرق الإشعاعي، وأمراض سرطانية خطيرة. بينما تحدث حالات الوفاة عند تلقي جرعات عالية للغاية.

كما تلعب لجنة الأمم المتحدة العلمية المعنية بآثار الإشعاع الذري (UNSCEAR) واللجنة الدولية للوقاية من الإشعاع النووي دورًا حيويًا في مراقبة. وتقييم المخاطر الصحية الناجمة عن الإشعاعات المؤينة.

 

الرابط المختصر :